قصة قصيدة هذي عنيزة ما نبيعه بالزهيد

قصة قصيدة هذي عنيزة ما نبيعه بالزهيد

كلمات و قصة قصيدة هذي عنيزة ما نبيعه بالزهيد

قصيدة هذي عنيزة ما نبيعه بالزهيد للشاعر والفارس علي بن رشيد الخياط – رحمه الله- (توفي 1294هـ) وهي من قصيدة حربية للشاعر قالها إبان احتدام المعارك وذروة الصراع السياسي في مناطق نجد وهي من عيون الشعر النبطي ومن روائع القصائد الحربية وشعر العرضة وقد اشتهرت هذه القصيدة شهرة كبيرة وذاع صيتها في أنحاء الجزيرة العربية وخارجها وأصبحت أبياتها أمثالا سائرة يتداولها الناس ولا تكاد تجد شخصا مهتما بالشعر النبطي إلا ويعرف هذه القصيدة أو يحفظها أو يحفظ أبياتا منها خصوصا قول الشاعر :

هذي عنيزة ما نبيعه بالزهيد
لا فرعن البيض نحمي جالها

أو قوله :

من بندق ترمي اللحم لو هو بعيد
ما وقفت بالسوق مع دلالها

ولهذا البيت لقب الشاعر علي الخياط براع البندق وقد نشرت القصيدة في عدد من المراجع، وأول من نشرها هو ألبرت سوسين في كتابه “ديوان وسط الجزيرة العربية”، ص 49، المطبوع عام 1900، كما نشرت هذه القصيدة عدة مرات في المطبوعات ومن أشهر من نشرها الأديب / عبدالله بن خميس في كتابه أهازيج الحرب أو شعر العرضه وفي برنامج من القائل الذي أصبح كتابا فيما بعد كما نشرها غيره ومطلعها كما في أدق الروايات، وهي رواية الأديب الراحل عبدالرحمن بن إبراهيم البطحي- رحمه الله:

يا دارنا لا ترهبي يومك سعيد
حنا حماة الدار وشب اشعالها

ولا شك أن قصيدة الخياط هذه من أجود وأقوى القصائد الحربية، قصائد العرضة، ويصعب على الشعراء مجاراتها وقال هذه القصيدة بمناسبة الحرب التي جرت سنة 1264هـ تقريبا وتغطي احداث خاصه بعنيزه اثناء اماره الرشيد من عائله زهري آل جراح وهذي السنه تسمى سنه السطوه حيث سطو أهل عنيزه واستردادها من مستعميريها الرشيد امراء حائل بمساعده عبدالعزيز بن سعود وتولي عائله السليم من آل جراح امارتها

علي بن رشيد بن محمد الخياط، شاعر فحل وعلم ورمز من رموز مدينة (عنيزة) وأحد أبطالها المشهورين عرف بوطنيته وحماسته الشديدة للدفاع عن مدينة عنيزة والذي ما زال اسمه يرن في آذان محبي الفن الشعبي وعاشقي التاريخ

كلمات قصيدة هذي عنيزة ما نبيعه بالزهيد كامله

يا دارنا لا ترهبي يومك سعيد
حنا حماة الدار وشب اشعالها

هذي عنيزه ما نبيعه بالزهيـد
لا فرعن البيض نحمي جالها

هي ديرتي هي ديرة العز التليد
الله رفع قدره وعز رجالها

من يوم ابن عامر بدا غرس نضيد
بالضفه اليمنى وحط رحالها

قبل الخوالد والعتايق به تشيد
له منزل بين العزا ورمالها

كم طامع جاها وحايد من بعيد
جاء طامع واقفى وهو ما طالها

من لابة به تنقض خبال الضديد
لا قيل وين المرجله يوما لها

وحبنا له عشقه زينه يزيد
فنيت دهور ولافنى جمالها

نحبها بالين او بالوقت الشديد
وحبنا لها مرها وازلالها

ولا عتق حبه تجدد من جديد
دور حياة ما نمل قبالها

ديرة رجال عودها هو الوليد
توارثو للطيب عبر اجيالها

عادة جدود عزمهم عيا يبيد
يوم الفتيل ارعودها واخيالها

والسله الّلـي جوهره صافي الحديد
حده اللي ناش العلابي شالها

وامكوعب لاكزه القرم الوليد
يورد بها الشلفا على منهالها

ياما حموها من ضديد او من عنيد
عقب الطغى جاها يخم نعالها

لاحلة البلوى وجا صد او صديد
بوجيههم يضحك جديد هلالها

جلابة الأرواح لاجاله بالمزيد
والّلي يبي يشري يحضب جالها

من باب شارخ سجل العلم الوكيد
في ساعه ذاق العدو وبالها

عبدالله الزامل نهج واقفى شهيد
لكن عدوه ما ربح مثقالها

راشد عدا وسعود يومه له عضيد
جره على جاره وشرب حثالها

ما شيم الجيره وكونه له حديد
استبدل القادي بسو اعمالها

أسباب ابن عمة لفى الديره طريد
جاها يبا المزبن وتم ونالها

قطاعة الأرحام عاده وتعويد
يضيع وعظه مع طشير تفالها

والثاني ثنيان قصدي ولد زيد
من نسل زايد مرهبين اوغالها

جابه نصيبه والقدر حده حديد
جابه سعود وضيفته قمنا لها

عاداتنا شين الضيافه للضديد
صمع وشلف وسلة يحنى لها

ولا سمي ما قول مرهون الرصيد
جاب الخديعه صاغها واحتا لها

القايد المشهور ماهوب البليد
لكنه الجيره شرب فنجالها

غاضه وراها وضعها وضع فريد
مرتاحه من سلطته واغلالها

وسوس لإمام الدين والحصني يصيد
جاده بناب سمها قتالها

عاقوا أميره ما أرخصوا له بالمديد
وبتالي ليل مستريح بالها

من بابها النسري حكل رأي مريد
قالوا بشاير والحرس هيالها

جا بالتحيل ما ألتقى ند بنديد
سلم الجصاني كعها واهجالها

دونك جواب العرف لاتبعد بعيد
بالبوق ولا بالنقا ما نالها

لوكان أبو ردن حضر ذيب الرشيد
ما تلتل النذل الردي مجدالها

هذا اللي سجل للزمن نثر وقصيد
بيدي ثقات عارفين حالها

ولا همنا اللي يكتب بكتبه يكيد
أزبالة التحريف هو زبّالها

وحسين ابوظاهر عقب هاك الوعيد
انكف ذليل ما قدر لاذلالها

والحاميه اللي بالصفا شدت شديد
شافـت بقل مطاوله اولى لها

والروم وسط السوق حطوهم رجيد
عقب الرها زلزل بهم زلزالها

من شأن واحد دلت الدنيا تميد
روس تهشم والفنا نادى لها

صار الوفا تسعين عد وتعديد
رجالنا باضعاف أضعاف امثالها

حيا لإبن جوهر أوي والله وليد
اللي تحيل حيلة وابدى لها

أوما لاميره بالخبر وشر بليد
يقول حاسوا بالمضيفا ادلالها

واثنبنهم فروا لهم مركاض سديد
واقفوا على العقده وثار قتالها

ما همهم خرشيد اولا عبدالحميد
عادات اهلها حافظين جالها

ثلاثة أيام احصاره ماتزيد
من حرهن خرشيد لظ اغيالها

اقفى ذليل و خاطره منها لهيد
صعبت عليه وبالهرب داوالها

واذكر من الخفرات منفكت عويد
من عقب ماساقه بعض حوالها

ادميه نشمية جابهت عقيد
واللي معه مابرقوا في حالها

ولبه عرين هدته تشبع مديد
من خزنه المطرودي دن اريالها

وقت الصلاه بساعه مابه قعيد
ردت حلاله والغريم لحالها

غرتهم ابلبس الامرودن والبديد
من فوق قبا يحتدم زرفالها

ومصقل بيده الي اوماله وقيد
مع بندق ملح الفنى يعبالها

وغريس اللي غرنا فيها عبيد
سو التصرف مدها لمحتالها

خيال سعدا ماتلاقى مع لديد
رجليه صيام وقيظ غالها

واللي نصاها شايله غيظ رديد
ولد الامام اللي يقود اهوالها

اللي لهم ثوب الثنا سمل وجديد
من بكر بن وائل وهو يجبالها

سبة جلوي حاكمه معطن صديد
ما يسمع الشكوى ولا اصغالها

ملوا وقالوا ياجلوي مالك مريد
خل البلد واقطع كثير جدالها

غضب الامام ولا حصل رجل رشيد
يصلح امور خربه بطالها

ماثابت الكتب اللي تكتب والقصيد
اللي بها شرح يكف اقوالها

عبدالله اليحيا او زامل له عضيد
ذا عينه اليمنى وذا شمالها

من كتبهم مل المراسل والبريد
محد بها ينظر ولا يقرا لها

مرسوله المرزوقي مره وترديد
تعبت ركابه والهدف ما نالها

يومن الاريا عوشرن ماشن يفيد
ماجت ارشيه وامرست محالها

كل ثبت حظه شقي اوسعيد
أسند على الله والولي حلا لها

اول وفا دلاق وجمعه بالوهيد
حول يبا العقده وطاح إقبالها

روس تطايح بالوطا سجد وسجيد
لأرقاب اتشلع بحد اسلالها

فنيوا جميع ولا شرد منهم شريد
بيسر شقيره لفلفوا باسمالها

جمع قطعنا سيرته حصد وحصيد
وبذمة اللي جابها واهفى لها

والجرو دمه جف وجلفن بالوريد
من رشقة للموت باثمه بالها

درج نثر مخه نثر لب الهبيد
وادعى دماغه حالته يرثى لها

من بندق ترمي اللحم لو هو بعيد
ما وقفت بالسوق مع دلالها

أرسل به الخياط حماي الطريد
يسهج دماغه واستجاب وشالها

من حصن امغيرا علها السيل الجويد
لين يتهايف بالزهر مسيالها

لولا طلال اللي بذل جهد جهيد
ارسل بشورة للبلد مرسالها

لمحمد البسام ابو فعل حميد
اللي سعى للصلح وحل اشكالها

راحت ادمي مالها حد تحديد
تضحك بليس و بكوته لاطفالها

ولا ولد شلهوب ومهنا اللديد
وامير بريده وقحطان اجزى لها

جونا يحسبون اننا وجبة عصيد
مولـم بـاجفانها لاكالـها

كروا وفروا جمعهم مثل الصريد
غاروا وناروا والشبك يرمى لها

مع كسبهم خسروا ركاب له فديد
واقفوا وكل مفلس من مالها

ورواق يوم به لنا يوم مجيد
عبدالله ابن دغيثر قرم اعيالها

جا يحسبه صياد والمسكين صيد
خلي وربعه للضرا واشبالها

رمح الحبردي عشى عجلات تفيد
من فطحته مع فطحة تقفا لها

متمدد دمه على ثوبه جـمـيد
من طعنة نجلا تثوع رعالها

وقفت شرايدهم تداحم بالصعيد
يطمل مواطيها سريب أبوالها

زامل ومر بالمنع و نواه بالشديد
يقول كفوا حالة يوى لها

لاجله ابن غانم يجاهر به يشيد
يمدح رجال جنبو منزالها

شاهد عيان وربك الوالي شهيد
يشهد بشوف العين عن قوالها

يدعي الزامل بالسعد يوم الوعيد
مع ربعه اللي ما ادهموا مدخالها

والنزيه اللي لخصمنا صارت مصيد
في مقطع الوادي مطيح اسهالها

يوم انهم قاموا على خضر الجريد
ملفا الجويع فروعها وظلالها

قاموا بقطعه واتلفوها بالوقيد
دعوى تقاطع قولها واعمالها

مادريوا الا بالقدر يرعد رعيد
سحب تهل الدرج من فتالها

يوم احتمى سوق المنايا والهديد
بيعت عمار تعتزي باجالها

كل يهرول للشهادة والشهيد
روحه على كفه وهو دلالها

ماثابهم في يومها من جا رفيد
هجو هجيج الربد عن ختالها

يم المخيم ركضهم كوم وبديد
مثل الجراد مطيره طبالها

وبربوعنا تضرب بهم سره وجيد
سيف ورمح وبندق يضوي لها

خزعل وابن دواس هذه واتوريد
مع عصبة حب الوطن ينخالها

لينه ضفا مزنه كما جبال الجليد
هل المطر واطفا فتيل اشعالها

دنيا يقلبها اللي يفعل مايريد
ياما انفلت عند الفـَرج مجزالها

مات اللي مات ومن سلم عود يعيد
ثار الدار يضمنه رجالها

خصمه دنا وابرم به حصار شديد
طمع يقول حصارها غوالها

مايدري ان بالدار روس ماتبيد
الموت عن ذل الحياة أشوى لها

شهرين وفى العام وأيام تزيد
دارو ا حصاره ما أفلحوا بأقفالها

هم بالعرا وحنا نتخير من نصيد
لين العنت جهالها عقالها

عقبه تلاحوا واقطعوا رأي سديد
شدوا بلا طايل وحل عقالها

وانشد بعد شمر وفرسان الرشيد
اللي إلى قاموا تقوم جبالها

نـَثارة الدم الحمر هجد وهجيد
تـِفرح وتـِفزع هدته وازوالها

لا جت بهم دهم الرمك عرج قويد
محلا تنيزيها وصفق اذيالها

بالسطوه اللي عومست رأي العميد
في حبلة صادت رجل حبالها

فهيد ابن سبهان يهددنا تهديد
في سربة ما ثابها نقالها

مخباب قرم فرخ براسه صليد
من كف شغموم الراسه مالها

واللي معه يوم أصبحوا ببلا عميد
شربوا بقايا الموت شرب اوشالها

تمت لأبوخالد بلا شرط ولاقيد
واستامنت من ظالم اسوى لها

واللي على الملقا نحش مثل الشريد
من لحه الغوجه تطاير شالها

يشعاه أبو تركي كما ذيب مفيد
امثلم خشوم طغاها شالها

اللي بعزه لبست الثوب الجديد
لملم نزايعها وشد اعقالها

قبايل أمدح لها وامدح وازيد
كل يعرف أقوالها وافعالها

ونوه ابساع لها مثل البريد
محمد البريكي عوض جوالها

اللي وعد من جوده واعطى صديد
وجه يتمه إن وفى..واوفى لها

وابا الشحم راع الكرم نعم القعيد
شد الوصل بين القعد ورسالها

هذا قليل من كثير نستعيد
به ذكريات سجلوها رجالها

يوم الامثارا واعسى الله مايعيد
يومن به الفتنه تجر اذيالها

تخص دار مالنا عنها محيد
دار لنا وحنا لها ..حنا لها

عنيزة اللي مانبيعه بالزهيد
لا فرعن البيض نحمي جالها

شخصية الخياط

تتمثـل شخصية الخياط بغيرته على مدينته عنيزة والوفاء لها حيث قدم لها شعره وروحه وماله فهو مقاتل بطل وشاعر وطني مُعبرٌ مؤثرٌ حلَّـق باسمه وباسم عنيزة بشكل ليس له نظير حيث جرت قصائده واسم بلدته وأهلها تبعاً لها على كل لسان في أنحاء الجزيرة العربية بل وتعدتها إلى بلاد الشام والعراق حاضرة وبادية عن طريق العقيلات فما إن يسألك أحد من أهل حواضر وبوادي نجد والشام والعراق من أين أنت ؟ فتقول : من عنيزة إلا ويبادرك في الغالب : ( أووه . هذي عنيزة ما نبيعه بالزهيد ) .

أما الصفة الأخرى التي اتصف بها بتفوق فهي :

توظيف جزءٍ من ثروته للدفاع عن عنيزة في حياته وبعد مماته ويتمثل ذلك بوقفيته لكمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة المتنوعة والمشتملة على عدد من بنادق الفتيل والذخيرة والسيوف والدروع تكفي لتسليح أربعين محارباً أو سبعين حسب أقوالٍ أخرى وقفاً شرعياً منجزا على بلده عنيزة لا يجـوز التصرف فيها لـغير ما أوقـفه عليه

وقد ظل هذا الوقف على حالته مخـزوناً في ( حجرة ) الخياط , حتى عام 1374 هـ ولإنتفاء الإستفادة منه فقد استأذن / علي بن عبدالرحمن بن علي بن رشيد الخياط حفيد المُوقِف الذي آلت إليه الوكالة بعد وفاة عمه حمد بن علي الخياط الوكيل الشرعي الأول لصاحب الوقف , قاضي عنيزة حينذاك ببيعه وصرفه فيما يناسب زمنه فأذن له , وتم الحراج عليه بسوق الهفوف لعدة أيام وقد أقبل هـواة الصيد على شراء بنادق الفتيل وقاموا بتـحويـلها إلى بنادق ( المقـمع ) أما السيوف والدروع فقد تناقلها هواة الأثريات في أماكن مختلفة .

وإضافة إلى ما سبق ذكره فإن للخياط يداً في أعمال الخير ومن أبرز أعماله بناء مسجد الملاح القائم حالياً بأكمله على حسابه الخاص , وأوقف عليه أوقافاً معينه كما أوقف بعض أبنائه أوقافاً عليه طلبا للأجر وبراً بوقف والدهم , والخياط رجل قد أنعم الله عليه فهو صاحب تجارة ويملك عدداً من الأملاك خاصةً الزراعية داخل البلدة وخارجها في الوادي ومن أملاكه تلك : ما يعرف بحائط الخياط بعنيزة , وقسم من أم مسيند بعنيزة , والطْريْف بوادي أبو علي , والثبيرة بوادي أبو علي , والعداين بوادي أبو علي , والضْوير , والغابة , والصفَـاف , وأم الرِّيش بوادي الجناح , والرفَيْعِي بواد الجناح , والحمْداني بوادي الجناح , والنزيِّة بوادي الجناح , وهي في موضع معركة المطر سنة 1279هـ والتي قطع الامير / محمد بن فيصل نخيلها ثم أعاد غرسه ابنه حمد بعد عدة سنوات وهي التي عناها الخياط وما قطع معها مما جاورها في قوله :

يا عين يـالـلـي حاربت للـنـــوم
من يوم حــــلَّ الـقـطع بالوديـــان

يا كيف نرخص غاليات الـسُّـــوم
حــدب الجريد امعشْـيَ الـجيعان

يا ذيب ياللي في نـبـا الـمزموم
أســهــرتــنـي بعواك يا سرحان

إن كنت تـَشْـكَ الجوع دوك الحوم
صبيان عـطـر اقرونها الـريحان

حدِّر من الباطن الى أم ارجـوم
تلقى العشاء شيخ وبنت احصان

تلقى الجنايــز بالــفـلات ركــــوم
منا ومنــهم يا أجــرد الـــذرعـــان

عــاداتـنـا ذبـــح الــمـجــوخ دوم
والخيل صرعى في قفى الميـــدان

جـتـني تخــطى ما علــيها لـــوم
تلبس ثــيـاب الــعــز والقــبــــلان

تمشي وتمسح دمعـهـا بـكـمـوم
من فـــــوق خـد كــنــه الــرمــــان

ذهلت غطاها يوم جاها عــلـوم
إخــوانــهــا مــن جـمـلـة الجيـران

يا دارنا مــــالك علــيــنــا لـــوم
لا تعتبـي لـومــك على مــن خـــان

خذنا عن السلم القديم ســـلــوم
وكــل قــضـى دينـه مــن الـــديــان

ولعل مما يدعو للأسف أن هذا البطل الذي قدم لبلدته عنيزة ما قدم من كرم وبطولة ارتحل منها عاتبا على امير عنيزة ومات ودفن في أرض غير أرضها دون أن تحدثه نفسه بنقل أي شئ من أملاكه وثروته وارتحل إلى بريدة وسكنها ومات ودفن فيها , وإنما ترك كل هذه الأملاك مكتفيا برعاية أبنائه لها الذين لم ينتقل أحد منهم بأمرٍ منه وفي هذا تعبير واضح أن عتبه مقصور على أمير البلدة وليس على البلدة نفسها أي أنه ظل يحتضنها بقلبه وضميره حتى فارق الحياة في أول عام 1294هـ تقريباً وحسبما تشير إليه بعض أوراقه , وكانت مغادرته عنيزة مابين 1287, 1289هـ تقريباً ومما يؤيد ذلك عدم ورود أي دور له في يوم سبلا و الجهام سنة 1289هـ لا من حيث المشاركة الميدانية أو ذكر تلك الحادثه بشيء من شعره .

وسبب مغادرة الخياط بلده عنيزة أنه ( ضرب ) أحد رجال الأمير فلما أخبر الأمير بما فعل الخياط بالسوق عاتب الأمير الخياط بغضب ويبدو أن هذا جرى في مجلس الأمير أي بوجود أناس آخرين .

وبما أن الخياط لا يمكن أن يمد يده على أحد رجال الأمير إلا لسبب وجيه وباعتقاده أن الأمير يقدر للخياط مكانته ومواقفه المشهودة في سبيل عنيزة , وقد رأى أن الأمير أصابه بإهانة لا يمكن احتمالها وعالج ذلك بأن أنف عن الإقامة بها , وقرب ركائبه وغادر إلى بريدة , والمستفيض أنه بعد مرور أسبوعين أو أكثر من بقاء الخياط في بريدة رأى عدد كبير من وجهاء عنيزة أنه لا يمكن التفريط برجل هذه مكانته وفضله على بلده فطلبوا من الأمير أن يذهبوا إليه ويأخذوا بخاطره ويحاولوا إقناعه بالعودة فأذن الأمير لهم وذهب بعض منهم برئاسة الوجيه يحي بن عبد الرحمن الذكير , وأقنعوه بالرجوع فقدر مسعاهم وعاد بالفعل

ولكنه عندما ذهب إلى الأمير للسلام عليه بإلحاح من نفس الوفد الذي أقنعه بالعوده واجهه الأمير بقوله :

لنا أيام يا أبو رشيد ما شفناك

فنهض الخياط غاضباً وقال :

يا الأمير أنت تعرف إني ما جئت إلا تكريماً لمن حضروا إليّ وهاهم أمامك أما أنا فخاطري طايب منك ومن ديرتك ساعة غادرتها بإرادتي . وأنت بهذا تهين الرجال الذين أقنعوني بالمجئ ولست تهينني أنا , وهم أمامك في مجلسك يسمعون

ثم التفت إليهم وقال :

اعذروني فقد وفيتكم حقكم . وأدار ظهره وخرج مسرعاً وأحضر ركائبه مرة أخرى ووضع عليها متاعه وغادر بشكل نهائي وهو يتمثـل ببيتي سعد بن حمود الضويان من ( أهل الشّْعَـرَاء ) عندما غادر بلدته بسبب خلاف بينه وبين أبناء عمه ( المسعود ) أمرائها , فقال وهو جالس على جبل ثهلان ينظر إلى سمرتها بعد العصر وذلك سنة 1250هـ :

يادار لو الزمل تقوى تشــيلك
لا أشد بك عن ديرة جزت منها

القض بالفاروع ما يستوي لك
والبيـع مـا كل يعـادل ثـمنهـا

أما بقية القصيدة التي يتناقلها أهل عنيزة فإنها إما تتمة منه , أو أنها ألحقت بها فيما بعد من قبل من لا يتفقون وسياسة الأمير وهو ما أرجحه وخاصة منها البيت القائل :

ما دام …….. فيك ما نرعوي لك
وان راح جينا واحتملنا محنها

وذلك لأن الخياط رجل كبير المقام لا يصدر عنه مثل هذا التعبير , ولأنه يعلم أن إمارة آل سليم لا تنتهي بموت رجل , لأنها إمارة توارث أسري , وليس أميراً مقطوعاً وسيلقى في الغالب ممن يأتي بعده ما لقيه منه خاصة وأنه كشف عما في دخيلته شعرا تجاه الأمير هذا لو صح أنه قائله

وهذان البيتان نسبهما كذلك الأستاذ سليمان النقيدان رحمه الله مؤلف ( شعراء بريدة ) إلى الأمير / محمد بن علي العرفج أمير بريدة وقد يكون محمد بن علي العرفج تمثـل بهما أيضاً كما تمثـل بهما الخياط .

وكان سبب تصرف الأمير هذا لأنه فيما يبدو كان متأثراً سلباً من الخياط الذي لم يحضر للسلام عليه بعد عودته مباشرة حيث قيل أنه جلس في بيته اليوم الأول من وصوله لإستقبال الناس الذين قدموا للسلام عليه ولم يذهب لمجلس الأمير إلا في اليوم الثاني .

والله مـا دَوَّرْت دارٍ بـديــلــــك
كلا لما شفت الجفا من سِكَـنْها

وما دام …. فيك ما نـرعـوي لك
وإن راح جينا واحتملنا مْحَنها

دونك ودون البيض ولجة نخيلك
اللـي بها الـورقا يفجع لحنـهـا

نروَي السلايل دون منهو يجي لك
وصولاتنا مشهورةَ الفعل عنها

تيهي بوقتك واسحبي به شـليـلك
وباهي بمجدول تعدى عكنها

وتـعـيـنـي لفـعـال شِبَّان جيـلـك
تشهد عليها سهالها مع رعَنْها

ولا غـشـاك اللـيل يـحـيـون لـيـلـك
بـسـوالـف هذا لـهـذا تـِكـنْـهـا

ومن عقّ بك يا دار وانكر جميـلـك
لاِخْماسِيٍ درْجَه يسابق دخنها

إذاً هذي هي التتمة التي أضافها الخياط أو التي قيلت نيابة عنه , لأن قدرة الخياط الشعرية ومصداقيته لا تجعله يقول : ( كلا لما شفت الجفا من سكنها ) لأنه يعلم أنه رأى الجفاء من أميرها فقط بل إن الرجال الذين يمثـلون سكانها ذهبوا إليه ودعوه للعودة بأنفسهم فواجه الجفاء مرة أخرى من الأمير نفسه لا ممن سكنها , والأمير مشهود له بالتواضع و الحكمة ولكن لكل إنسان وضع استثنائي ولكل جواد كبوة

وقصيدة البطل الأسطورة راع البندق علي الخياط رحمه الله وأسكنه فسيح جناته السابقة تؤيد أنه علم من أعلام نجد وعنيزة ويدل على ذلك ما ذكره المؤرخ ابن عبيد الثوري رحمه الله في كتابه النجم اللامع للنوادر جامع أشعار وأخبار من القرنين الثالث عشر والرابع عشر من أن ابن الشاعر أصيب بمرض الاّكلة في قدمه وما يسمى بالمصطلح الطبي الحديث الغرغرينا فأمر الملك عبدالعزيز رحمه الله بعلاجه على حسابه في الكويت عندما كان سلطان لنجد وملحقاتها فحملته احدى قوافل عقيل أهل عنيزة الى الكويت وكان يئن بصوت مسموع فلما وردوا احدى موارد قبيلة مطير العريقة اضطروا للمكوث على المرورد لأن المورد مشغول بأهله فسير عليهم أحد شيوخ مطير وسمع أنين الخياط الصغير فسالهم ما هذا الصوت فقالوا هذا ولد الخياط مصاب وقد أمر سلطان نجد وملحقاتها بعلاجه في الكويت فقال هو راع البندق قالوا لا هو ولده فتابط سلاحه ورد ورد قبيلته وورد القافلة اكراما لهذا المريض وأبيه الشجاع المشهور راع البندق الشاعر / علي الخياط رحمهم الله أجمعين

وقد توفي الشاعر علي الخياط رحمه الله قبل ميلاد الملك عبدالعزيز رحمه الله بسنة إذ أن الخياط توفي عام 1294 هجرية والملك عبدالعزيز ولد عام 1295 هجرية والقصيدة ( هذي عنيزة ما نبيعه بالزهيد ) قيلت في موقعة اليتيمة عام 1264 تقريبا

وعليه فان الملك عبدالعزيز رحمه الله لم يعاصر الشاعر علي الخياط ولم يحاصر عنيزة وإنما الذي حاصرها / عبدالله بن الإمام فيصل بن تركي رحمهم الله أجمعين في عهد والده وفيها قصيدة بنت الأمير ابن سليم التي منها :

بني عمر يا كسوة العريان
يا كسوتي يوم إن ثوبي طاح

أقصى بني عمي هل الوديان
وأدنى بني عمي قطين رماح

وال سليم قدموا من الكويت مع الملك / عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمهم الله ودخلوا عنيزة وقتلوا منصوب ابن رشيد بتاييد كامل من الملك عبدالعزيز بل إن الملك عبدالعزيز هو الذي أرسل خيال من رجاله عام 1322هجرية ينذر أهل عنيزة ويخبرهم بوصول سيل وادي الرمة

جمع وبحث من مصادر الكتب واعداد وتحرير بتصرف

ناصر بن حمد الفهيد

تويتر https://twitter.com/alfheedn