كانت المناسبات الإسلامية مثل حلول شهر رمضان والحج والعيدين مادة خصبة للشعراء منذ صدر الإسلام إلى يومنا هذا وتفاوت إحساس الشعراء وتغنوا بها عبادة وعادة او بفرحٍ وحزنٍ حيث هناك الكثير من الشعراء يستفزهم قدوم العيد او الحج او رمضان ليصوروا حالهم وذكرياتهم وما بهم من فرح وحزن..
واليوم ونحن نقترب ان نودع شهر رمضان.. شهر الخير.. فنشكر الله على أن أبلغنا هذا الشهر.. ونقول اللهم أعد علينا رمضان أعواماً مديدة
ويحل بعده على الأمة العربية والإسلامية يوم العيد
و قديماً كان العيد يشكل البهجة والسرور لدى المجتمع لأنه كان مجتمعاً متجانساً ومتآلفاً وتربطهم علاقات المحبة والصفاء والنقاء فمنذ أن تأتي آخر أيام شهر رمضان المبارك يستبشرون ويفرحون بقدوم ضيف عزيز عليهم وهو العيد الذي يستعدون له بأجمل اللبس والأكلات الشعبية بالرغم من ضعف الحال لديهم آنذاك غير أن فرحتهم بالعيد تكفي ليسعدوا بها
وهم كذلك طيلة أيام العيد يتزاورون ويتبادلون التهاني بخلاف العيد في سنواتنا الاخيرة والذي اصبح بلا طعم لأن المعايدة أصبحت عبر وسائل التواصل فقط ورسالة قد تكون جماعية للكل !
ولكن تظل ايام العيد فرصة لاحلال المحبة محل الشحناء والخلافات ومد يد التسامح وإصلاح القلوب والود بين الاهل والاقارب والاصدقاء
كثيراً من القصائد كتبت عن العيد .. ولكن مشاعر الشعراء تختلف من شاعر إلى شاعر ولها شأن آخر سواء بالشعر الشعبي او الفصحى لأنهم أكثر تأثراً به وهو على مر الأجيال والعصور يعتبر جزءا مهما في حياة الشعراء الذين بكل تأكيد كتبوا له فيه
ونعرض بعضاً من القصائد قيلت عن العيد لمجموعة من الشعراء ونبدأ اولا بالشعر الشعبي النبطي :
الشاعر الامير سعود بن بندر يتألم وهو يعايد الناس ويفتقد من يحب فيقول :
أقول في نفسي وأنا أعايد الناس متى بشوفك تكمل أفراح عيدي
أجامل وربي عليم بالاحساس وش هو شعوري وأنت عني بعيدي
الى خذاني لك على السهر هوجاس ما كني إلا وسط ربعي وحيدي
لو حسوا بما بي يقولون لا باس بدال قولة: عل عيدك سعيدي
لا صرت عندي وقتي أعياد وأعراس حتى ولو في وسط سجن الحديدي
لو دلني عن ليلة القدر نوماس والله ما طلب غير شوفك مزيدي
عاشرت خلان وتخالطت باجناس ما احدٍ سواك أهديته القلب بيدي
من تحت ماطا القدم ليا هامة الراس كلش هويته فيك والله شهيدي
لقيت بك ذوقي وأنا قاطع الياس ومعك ابتدا يحيى الأمل من جديدي
ومن الاغاني التي غناها الفنان بشير شنان والفنان طاهر الاحسائي عن العيد هذه القصيدة التي لا نعرف اسم شاعرها الا انه يرسم أحاسيسه ومشاعره ويعبر عن مدى الحزن في يوم العيد ويتألم لأن الكل يعايد محبوبه ويأنس به في يوم العيد إلا هو وحيد بلا حبيب فيقول :
كل نهار العيد عايد حبيبه والتم شمل القلوب المواليف
وأنا حبيبي غايب الله يجيبه يا حسرتي كان انتهى العيد ماشيف
مصيبتي يا كبرها من مصيبه لا شفت غيري في وانسه وتكييف
فرقى الاحبة يا جماعة صعيبه تالي العهد بصويحبي العام فالصيف
يا وين أشوف اللي اوصافه عجيبه ويلي عليه ولو لحقني تكاليف
الشاعر عبدالله بن حمير السابر الدوسري يقول في قصيدة في العيد السعيد يوضح بعض محاسن هذا العيد وما يجب اتباعه
العيد نفحة حب وزيارة اقراب سنة وصل ارحام بين القرايب
ايضا وتجديد العهد بين الاصحاب في يوم عيد يجمع اغلى الحبايب
والعيد مسحة دمعةٍ حجرها ذاب من معسر ذاق العناء والمصايب
ومن اليتم اللي فقد لهل والاحباب وحيد في دنياه شاف العقايب
ومن ارمله في منزل صاحبه غاب مدوه تحت الارض بين النصايب
ومن الغريم اللي رمي وسط سرداب ماله عيال ولا رفيق بثأيب
ومن المريض معمق الجرح ما طاب يبغى العلاج ولا لقى طب ثايب
هذا تراه العيد للعون وحجاب يضفي على المتقدمين الوهايب
الشاعر محمد بن لعبون في العيد وذكرياته عندما تذكر محبوبته في العيد :
خففو بالمروه من عذاب الفقير وارفعوا بالشهامه من مقام اليتيم
أما الشاعر محمد البراهيم (الوافي) ففهو محتار عن ماذا يهدي محبوبه في العيد فيقول:
للعيد فرحة وانتظار الهدايا ويا زين يوم العيد بين الأجاويد
يا سيدي يا سيد كل البرايا احترت ويش اهديك في ليلة العيد
اهديك قلبٍ هام بين الحنايا يغرد بحبك له سنين تغريد
والا عيونٍ من سهومك ضحايا ولا ما تشوف الا انت يا صافي الجيد
والا كفوفٍ تلتهب لك شظايا من شوفها لك ما تبي باقي الغيد
والا قصيد يرتجف بالشفايا يسوقه احساسي بليا مواعيد
خذ ما تبي مني وكلي عطايا خذ ما تبي يا صاحبي دون تحديد
كلي حلالك يا عقيد الصبايا آمر تدلل وانت لك كل ما تريد
يا ليتني ارضيك واثبت وفايا ويا علها تعجبك هدية العيد
اما الشاعر ضيدان المريخي بعدما ذاق غياب الحبيب والفراق في العيد فيقول:
لا تعودني على الفرقا تراني صابني من غيبتك بالعيد خله
كان تذكرني مع الخلوه ثواني انت في بالي شهر شوال كله
أما الشاعر هلال المطيري فيرل تهنئته لمن يحب عن بعد فيقول:
ما اقول غير الله يهنيك بالعيد حقك علي ابادلك بالتهاني
في خاطري والا ترى عيدي بعيد شوفتك عيدي كان لي عيد ثاني
الشاعرة نورة الشبيلي تغبر عن سعادتها بالعيد بشوفة من تحب فتقول:
اليوم صار العيد عندي سعيدي يوم اهتنى قلبي بشوفة حبيبه
شفت الغلا لي في عيونه اكيدي بدد سلامه كل شكٍ وريبه
طبع الوفاء عنده وعندي فريدي وقصة هوانا في وفاها عجيبه
أما الشاعرة أم متروك فقد توفي زوجها قبل العيد بفترة.. وعند حلول العيد تذكرت زوجها وقالت أبياتا تعبِّر عن مشاعرها حيال زوجها.. وتذكر أنها لا فرحة لها بالعيد وتسند ذلك على ابنه الصغير (متروك) حيث تقول:
الناس في عيد يا متروك وانا تعيسه ومهومه
من يوم قفت ركاب ابوك العيد ما ذقت مطعومه
ياليتهم يومهم عزوك فيني.. ويومي قبل يومه
انت الربع بالحلا و الهوك وانا الفرح منه محرومه
أما الشاعر صنيتان المطيري فهو يقتقد الفرح وليس للعيد لذة ونكهه لديه رغم محاولته اخفاء حزنه عن الناس الا انه انكشف فيقول :
ياعيد مالك فرحةٍ في عيوني نسيتني مدري زماني نساني
ما تقدر أفراحك تعانق شجوني أحزاني أكبر من كلام التهاني
اما القصائد الوطنية في العيد والتي والتي يعبر فيها الشعراء عن حب الوطن والقيادة الحكيمة فخي كثر ولكن نقطتف منها بعض القصائد التي فيها شعراء هذا الوطن الشامخ
الشاعر الحميدي الحربي يقول :
صدر الحنون اللي حظن فرحة العيد ياما حظن من معجزات عظيمة
منه رضعوا حب الشموخ الصناديد وفيه صنعوا مجد يجدد قديمه
ارض السلام ارض الكرام الاماجيد منها يهل الخير هتان ديمه
اما الشاعر زهران المطيري فيقول :
عاد عيد المملكة بالسعادة والسرور يا عساها كل عام يعاود عيدها
لست عقود الذهب واشتعل للعز نور في مدنها.. في قراها وحتى بيدها
أهـلاً بفِطْـرٍ قـد أضاء هـلالُـه فـالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّـرِ
وانظـرْ إليـه كزورقٍ من فِضَّــةٍ قـد أثقلتْـهُ حمـولـةٌ من عَنْبَـرِ
وقد يغفل كثير من المسلمين عن المعنى الحقيقي للعيد فيظنوه في لبس الجديد واللهو واللعب فقط وإن كان ذلك من سمات العيد ولكن هناك أمورًا أخرى ينبه إليها أبو إسحاق الألبيري حول حقيقة معنى العيد؛ فيقول:
ما عيدك الفخم إلا يوم يغفر لك لا أن تجرَّ به مستكبراً حللك
كم من جديد ثيابٍ دينه خلق تكاد تلعنه الأقطار حيث سلك
ومن مرقع الأطمار ذي ورع بكت عليه السما والأرض حين هلك
ويستغل الشاعر محمد الأسمر فرصة العيد ليذكر بالخير و الحث على الصدقة فيه تخفيفًا من معاناة الفقراء والمعوزين في يوم العيد؛ فيقول:
هذا هو العيد فلتصفُ النفوس به وبذلك الخير فيه خير ما صنعا
أيامه موسم للبر تزرعه وعند ربي يخبي المرء ما زرعا
فتعهدوا الناس فيه:من أضر به ريب الزمان ومن كانوا لكم تبعا
وبددوا عن ذوي القربى شجونهم دعــا الإله لهذا والرسول معا
واسوا البرايا وكونوا في دياجرهم بــدراً رآه ظلام الليل فانقشعا
وهذا الشاعر الجمبلاطي يستبشر خيراً بقدوم العيد ويأمل أن يكون فرصة لمساعدة الفقراء والمكروبين حين يقول:
طاف البشير بنا مذ أقبل العيد فالبشر مرتقب والبذل محمود
يا عيد كل فقير هز راحته شوقاً وكل غني هزه الجود
وللشاعر يحيى حسن توفيق قصيدة بعنوان «ليلة العيد» يستبشر في مطلعها بقوله:
بشائر العيد تترا غنية الصور وطابع البشر يكسو أوجه البشر
وموكب العيد يدنو صاخباً طرباً في عين وامقة أو قلب منتظر
ويستمر في وصفه حتى يختمها بقوله:
يا ليلة العيد كم في العيد من عبر لمن أراد رشاد العقل والبشر
والعيد ما هو إلا تعبير عن السعادة التي تغمر الصائمين بنعمة الله التي أنعمها عليهم باكتمال صيام الشهر الفضيل يقول محمد بن سعد المشعان:
والعيد أقبل مـزهوًا بطلعته كأنه فارس في حلة رفـلا
والمسلمون أشاعوا فيه فرحتهم كما أشاعوا التحايا فيه والقبلا
فليهنأ الصائم المنهي تعـبده بمقدم العيد إن الصوم قد كملا
ومن تهاني الشعراء للملوك بالعيد رائية البحتري التي يهنىء بها الخليفة العباسي (المتوكل) بصومه وعيده ويصف فيها خروجه للصلاة :
بالبر صمت وأنت أفضل صائم وبسنة الله الرضية تفطر
فانعم بعيد الفطر عيداً إنه يوم أغر من الزمان مشهر
وقال المتنبي مهنئًا سيف الدولة عند انسلاخ شهر رمضان:
الصَّوْمُ والفِطْرُ والأعيادُ والعُصُر منيرةٌ بكَ حتى الشمسُ والقمرُ
وفي قصيدة أخرى مطلعها:
لكلِّ امرىءٍ من دهره ما تعوّدا وعادةُ سيفِ الدولةِ الطَّعْنُ في العِدا
ويهنئ سيف الدولة بالعيد فيقول:
هنيئاً لك العيد الذي أنت عيده وعيد لكل من ضحى وعيدا
ولازالت الأعياد لبسك بعده تسلم مخروقاً وتعطي مجددا
فذا اليوم في الأيام مثلك في الورى كما كنت فيهم أوحداً كان أوحدا
هو الجد حتى تفضل العين أختها وحتى يكون اليوم لليوم سيدا
ولا يخلو العيد في كثير من الأحيان من الشكوى وندب الحال ومنغصات قد يتعرض لها الشاعر خاصة في نفسه أوأهله
ولعل أشهر ما قيل في ذلك دالية المتنبي في وصف حاله بمصر والتي يقول في مطلعها:
عيـدٌ بأيّـةِ حـالٍ جِئْـتَ يا عيـدُ بما مضـى أم بأمْـرٍ فيكَ تجديـدُ
ويتعرض بعض الشعراء لمحنة السجن ويأتي العيد وهم خلف القضبان فتثور في نفوسهم الذكريات
الشاعر عمرو خليفة النامي كتب قصيدته (يا ليلة العيد) وهو بين قضبان السجون يصوّر فيها ما يعانيه هو وأحباؤه وهو في زنزانة ضيقة تطوف بخاطره وخياله صورة أطفاله وأبنائه وهم ينتظرونه في ليلة العيد فيقول :
يا ليلة العيد كم أقررت مضطربًـا لكن حظي كان الحــزن والأرق