ينفرد الشعر الشعبي بإسداء النصائح للابناء وسائر الناس، ويحظ على اكتساب الفضائل وتنبيها لاجتناب المخاطر والرذائل من خلال تجاربهم في ميادين الحياة يلخصون هذه التجارب في وصايا لأجيالهم ويصوغونها في قصائد معبرة يحثون فيها أبناءهم على تقوى الله والوفاء بحقوق الوالدين واكرام الضيف وحسن الجوار والصبر عند الشدائد والوفاء بحقوق الخوي والحفاظ على المرجلة والاتسام بالشهامة والرجولة.. والبعد عن الصفات الذميمة
وصايا الآباء لأبنائهم تنوعت مصطبغة بقيم المجتمع والتي بدورها تنبع من حاجاته حينا ومن موروثه الاجتماعي حينا آخر، مستندة في كثير من مضامينها إلى الدين والأمثال ذات الدلالة على الفضائل، وأكثر الوصايا للأبناء يضع فيها الآباء ما يتمنون أن يكون عليه أبناؤهم في حياة آبائهم وبعد مغادرتهم، ولهذه الوصايا أهمية بالغة في تخليد القصائد وانتشارها.
يقول الشاعر راشد الخلاوي:
أوصيك يا ولدي وصاةٍ تضمها إلى عاد مالي من مدى العمر زايد
وصية عود ثالثت رجلينه العصا وقصرت خطاه اللي من أول بعايد
والنصيحة مهما علت أهميتها فهي ثقيلة إلا أن انفراد بعض قصائدها بشمولية المجال ودقة التأثير وملامسة المشاعر فتظل مطلب الجيل المتقدم، وزهد الناشئة، لأنهم المستهدفون فيثقل عليهم تلقيها لأنها تمنعهم من متعة هوى النفس.
وإقبال الشعراء على قصائد الوصايا والنصح يجيء لاستدراك ما فات من كان قبلهم وإدراك درجة تفوق في الشمولية والسبك المؤثر، وحرصوا على لزوم قافية البادئ مثل قصيدة بركات، وقصائد الوقداني وغيرها.
فمن وصايا الشعراء لابنائهم نختار هذه المقتطفات:-
قصيدة الشاعر الكبير سليمان الهويدي يوصي فيها ابنه صالح… ويحثه على الالتزام بالصفات الطبية.
يا صالح البحث خله واترك الماضي عوج الليالي عسى ربك يعدلها
لاتتبع النفس ترث فيك الامراضي وادع الحواسيس عنك لا تخيلها
واعمل بدنياك وآخرتك وكن راضي وارزاقنا عند رب العرش كافلها
واسلك طريق سليم فيه تعتاضي بعض المواقف تبيض وجه فاعلها
واحذر تسارع على الهرجه وتغتاضي ودعوى تعداك لا تشرح بفايلها
عندك خبر بالعلوم اطوال واعراضي ما تقضي الحاجه اللي ما تقوم لها
الوقت كالوقت والافراض الافراضي هاذي نجوم السماء وهاذي منازلها
به ما تبدل ومد البحر ما فاضي تبدلن الضماير من يحللها
لو تنصف الناس ما نحتاج للقاضي تلقى المحاكم خفيفاتٍ مشاكلها
ولو مالغنايم تجي وهبات وحضاضي كان أكثر الناس ما تشوفه محصلها
ومن راقب الخلق يكسب هم بالفاضي وكلٍ هدومه على قده يفصلها
والختم اصلي عدد ما بارقٍ ناضي على نبي بدا السنه وكملها
اما الشاعر الكبير مرشد سعد البذال يوصي ابنه عبيد:
يا عبيد انا أبوصيك مني بثنتين ثنتين هن شر البشر وحسناته
اوصيك لا تبحث سدود المغيبين لا تجهر اللي غارقٍ بغفلاته
ترى النميميه تمحق الرزق والدين والمنزل العالي تهد اطبقاته
لاتحسبن اهل الظليمه بخيتين كلٍ يوافق ماعمل في وفاته
وانذرك عن حق الضعيف المسيكين اللي على حقه تهل عبراته
ترى الضعيف ليا غدا الليل ليلين يدعي وعند الله توافق دعاته
أما الشاعر أبو زويد السنجاري الشمري فيقول يوصي ابنه:-
دخيل اخذ من والدك لك مساله مسالةٍ مايفهمه كل رجال
احشم خويك عن دروب الرزاله ترى الخوي عند الاجاويد له حال
والمرجله بالك ترخي حباله وبالك تعيل ولا تريخم لمن عال
الشاعر الكبير محمد بن شلاح المطيري يوصي ابنه بقوله:-
اوصيك يا ماجد ترى الموت غدار ما انته بعارف ساعة الارتحالي
ولاعمر جاء للموت منذر وسبار ولا اعمره اعطي للمسافر مهالي
ولاحدٍ زرع من بعد قصاف الاعمار ياكود شيٍ تزرعه هالليالي
فاذا فعلت الذنب للذنب غفار استغفر الله واجتهد بالسوالي
وخلك على غرات الاجواد ستار واحفظ لسانك دام فيك احتمالي
كم كلمةٍ توردك مارد هل النار ولالك ورا مصدارها راس مالي
واصحى ترى عانيك مامنه معذار اول مايطلب من طرفك القبالي
واصحى ترده خايبٍ بعد مازار ابذل له المهجود في كل حالي
الشاعر أحمد بن رفاده يوصي ابنه على بقوله:
يا علي كانك تظم الوصايه ضم الوصاه اللي تسمع من أبوك
ان امهلت فيك الليالي ورايه رحب باهل عوص النضا كل ماجوك
والشايب اللي ماضي له حكايه ياعلي كبر واجبه كنه أبوك
قصيدة الشاعر إبراهيم بن جعيثن وفيها وصايا مطلقة إلا أن بها تحليلاً للشخصيات التي ينصح بمصاحبتها رجالا ونساء ومن يدعو إلى تجنب رفقتها من الجنسين وقد وردت القصيدة المكونه من أكثر من ستين بيتا في كتاب روائع من الشعر النبطي للشاعر عبدالله لويحان
فيقول بن جعيثن :
يا سامعٍ مني وصية ناصح أظن بعض الناس ما حظوا بها
الاولة صِرْ مجهداً بالطاعة تفرح إلى جا حد وزن ذنوبها
والثانية هدي الرسول اعمل به تستَرّْ نفسك في لقا محبوبها
والثالثة حذرا جروح لسانك ترى جروحه ما تسر طبوبها
والرابعة حذراك عِرض الغافل اعرض على نفسك جميع عيوبها
والخامسة لياك توذي جارك ولا توقّف للنسا بدروبها
والسادسه لياك تجفى ضيفك اعط الرجال حقوقها وما جوبها
والسابعة احلم على اللي جاهل ولا تكثِّر للصديق عتوبها
والثامنة صِرْ للرفيق مواضع صِرْ له ذلولٍ عن طبوع صعوبها