قصة قصيدة وطر مافيه من عيب سوى

قصة وكلمات قصيدة وطر مافيه من عيب سوى من سلسلة قصص سالفه وقصيده من الحياة قديمة مكتوبة بالعربية

قصيدة وطر مافيه من عيب سوى للشاعر العلامة الأندلسي لسان الدين بن الخطيب

هو الشاعر لسان الدين بن الخطيب، وهو محمد بن عبد الله بن سعد السلماني اللوشي الأصل، ولد ونشأ بغرناطة، واستوزره سلطانها أبو الحجاج يوسف بن إسماعيل ثم ابنه الغني بالله محمد، عظمت مكانته وشعر بسعي حاسديه في الوشاية به، فكاتب السلطان عبد العزيز بن علي المريني، برغبته في الرحلة إليه، وترك الأندلس خلسةً إلى جبل طارق، ومنه إلى سبتة فتلمسان، وكان السلطان عبد العزيز بها، فبالغ في إكرامه، وأرسل سفيراً من لدنه إلى غرناطة بطلب أهله وولده، فجاوؤه مكرمين، واستقر بفاس القديمة واشترى ضياعاً وحفظت عليه رسومه السلطانية، ومات عبد العزيز، وخلفه ابنه السعيد بالله، وخلع هذا، فتولى المغرب السلطان المستنصر، وقد ساعده الغني بالله صاحب غرناطة مشترطاً عليه شروطاً منها تسليمه ابن الخطيب فقبض عليه المستنصر، وسجنه ثم قتل في السجن، ودفن في مقبرة باب المحروق في مدينة فاس، وكان يلقب بذي الوزارتين: القلم والسيف؛ ويقال له (ذو العمرين) لاشتغاله بالتصنيف في ليلة، وبتدبير المملكة في نهاره، ومؤلفاته تقع في نحو ستين كتاباً، منها: الإحاطة في تاريخ غرناطة، والإعلام في من بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام في مجلدين، واللمحة البدرية في الدولة النصرية، ورقم الحلل في نظم الدول، ونفاضة الجراب، ومعيار الاختيار في ذكر المعاهد والديار، والكتيبة الكامنة في أدباء المئة الثامنة في الأندلس.

قصيدة وطر مافيه من عيب سوى هي شطر بيت شعري مقتطف من أشهر الموشحات الأندلسية التي تحمل عنوان “جادك الغيث”وتعتبر من قصائد المدح ومن الشعر العمودي المكتوب على وزن البحر الموشح، وقافية السين (س)، وعدد أبيات هذه القصيدة هو 52 بيت، وتعد إحدى القصائد والموشحات الأندلسية التي جذبت العديد ممن استمعوا لها ولما تحويه من كلمات مميزة وجميلة، وهذه القصيدة تصف ذكريات الأندلس السعيدة بشيء من الحزن والأسى حيث يسترجع الشاعر ذكريات الماضي الجميل، حيث يتذكر السعادة والمتعة التي قد نعموا بها وسط الأحبة والطبيعة الجميلة التي قد احتوتهم في حب دفع الشاعر لإطلاق العنان لكلماته، حتى تنسج لنا من خيوطها صورة متكاملة تصف ذلك الزمان، وتجعل من القارئ يشارك السرور والألم الذي قد مضى.

وهذا النوع من الموشحات قد نشأ في أواخر القرن التاسع للميلاد، وذلك استجابة إلى الاحتياج الفني في تلك الفترة حيث كان الأندلسيون مولعين بالموسيقى والغناء كما، وقد جاءت الموشحات نتيجة إحساس الأندلسيين بتخلف القصيدة الموحدة، وشعروا أن الشعر جامد يحتاج إلى مرونة ما اقتضت الحاجة وجود لون من الشعر الجديد.

فيما يأتي نعرض أهم وأجمل الصور الفنية التي وردت في قصيدة وطر ما فيه عيب سوى وهي كالآتي:

جادك الغيث: استعارة مكنية تصور زمان الوصل أرضا يسقيها المطر و فيها تجسيم و إيحاء بقوة الذكريات ودوامها مرتبطة بتلك الأيام وهي صورة تقليدية لشعراء المشرق العربي لأنها لا تناسب الأندلس وبيئتها المليئة بالأنهار ولا تحتاج إلى المطر فالشاعر هنا يريد الدعاء بطلب الخير عامة و المطر رمز عهد الخير.

يا زمان الوصل: استعارة مكنية حيث شبه الشاعر الزمان بالإنسان الذي يصل.
لم يكن وصلك إلا حلماً أو خلسة المختلس: تشبيهان فالوصال في لذته كالحلم السعيد في سرعته وزمن المتعة قصير كنظرة المختلس بسرعة.

إذْ يقودُ الدّهْرُ أشْتاتَ المُنَى: استعارة مكنية حيث جعل الشاعر الدهر مثل الإنسان الذي يقود.

في لَيالٍ كتَمَتْ سرَّ الهَوى: وصف الشاعر الليل بكلمة كتمت، وهو ما لا يكون عادة فحمل اللفظة ما لا تحمل على سبيل المجاز.

فثُغورُ الزّهْرِ فيهِ تبْسِمُ: استعارة مكنية حيث شبه الشاعر الزهر بالإنسان الذي يبتسم.

قمر أطلع منه المغرب: لجأ الشاعر إلى الخيال وتشبيه المحبوبة بالقمر لكنَّها رغم ذلك لا تصله.

كساه الحسن ثوباً معلما: استعارة مكنية تصور الحسن إنساناً يكسو الروض ثوباً ملوناً، أما ثوباً معلماً فهي استعارة تصريحية حيث شبه الأزهار المتنوعة في الرياض بالثوب المطرز المنقوش، وتوحي بروعة الأزهار والإعجاب بها.

يزدهي منه بأبهى ملبس: استعارة مكنية تصور الروض إنساناً مختال يتفاخر بملابسه الجميلة وفيها تشخيص و إيحاء بروعة الجمال.
نلاحظ كثرة الصور الدينية واستخدم الشاعر لها مثل قوله مثْلَما يدْعو الوفودَ الموْسِمُ، ينزل الوحي روح القُدس.
يستخدم الشاعر بكثرة في قصيدته التشخيص وبث الروح فيما ليس حيّ، على سبيل المثال قوله: جادك الغيث، في ليال كتمت سر الهوى، يقود الدهر، رَوَى النّعْمانُ عنْ ماءِ السّما.
عبر الشاعر عن مشاعره بألفاظ رقيقة عذبة، وضمن قصيدته العديد من المحسنات البديعية.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة وطر مافيه من عيب سوى

الغيث: المطر.

زمان الوصل: المراد الزمن الذي اجتمع فيه شمل الأحبة.

حلماً: خيال و طيف

أشتات المنى: الأماني المتفرقة.

الوفود: جمع وفد وهو الجماعة.

الخلسة: الاختلاس و الأخذ في الخفاء.

الكرى: النّعاس أو النوم.

الحيا: المطر.

جلل الروض سنا: كسا الرياض أزهاراً متفتحة تلمع وتتلألأ.

لمى: هو السواد أو السمرة في باطن الشفة.

الصب: الإنسان العاشق الذي في قلبه لوعة.

الصبا: هي الرياح التي تهب من الشرق، عند استواء الليل والنهار.

الدجى: سواد الليل وظلمته.

هشيم: متكسر ومتفتت.

كتمت: سترت.

الهوى: الحب.

شموس الغرر: شموس مفردها شمس، الغرر جمع غرة وهي بياض الوجه.

وطر: القصد أو الغاية.

ومن أهم أفكار وقصة هذه القصيدة نذكر ما يأتي:

الفكرة الرئيسة للقصيدة هي وصف جمال الأندلس والحسرة على زمان الأندلس.

يصف الشاعر في هذه القصيدة الأيام الماضية وما تحمله من ذكريات سعيدة عاشها مع الأحبة ومع جمال الطبيعة الغناء في الأندلس.

تصطبغ القصيدة بمشاعر الحزن والألم على الزمن الماضي الذي قضاه في الأندلس.

يعبر الشاعر عن الحب الكبير الذي يحمله بداخله تجاه مدينته غرناطة.

التحسر على زمان الأندلس ووصلها والحياة بين أحضانها.

وصف جمال الأندلس وطبيعتها الخلابة الباهرة.

وصف آلاء الحياة وجمالها في الأندلس، مثل: الشمس والصباح وغرة الفجر.

وصف العشق والحب والهيام الذي يُكابده الشاعر.

الشوق للأيام الجميلة والذكريات السعيدة والحنين لها والتي عاشها الشاعر في الأندلس، رغم أنها كانت قصيرة كالحلم.

السعادة والفرح بجمال الطبيعة، بوصف مناظرها وحدائقها.

الحزن على سقوط الأندلس وانتهاء عهدها.

كلمات القصيدة

القصيدة نسجت على منوال موشح ابن سهل شاعر إشبيلية وسبتة من بعدها التي مطلعها:

هل درى ظبي الحمى أن قد حمى
قلب صب حلَّه عن مكنسِ

فهو في حرٍ وخفقٍ مثلما
لعبت ريح الصبا بالقبسِ

فبدأها ابن الخطيب فقال:

جادَكَ الغيْثُ إذا الغيْثُ هَمى
يا زَمانَ الوصْلِ بالأندَلُسِ

لمْ يكُنْ وصْلُكَ إلاّ حُلُما
في الكَرَى أو خِلسَةَ المُخْتَلِسِ

إذ يقـود الدهـر أشتـات المنـى
ينقـل الخطـو علـى مايـرسـمُ

زمـرا بـيـن فُــرادى وثـنـا
مثلمـا يدعـو الوفودَ الموسـمُ

والحيا قد جلـل الـروض سنـا
فثغـور الزهـر فـيـه تبـسـم

وروى النعمان عن مـاء السمـاء
كيف يـروي مالـكٌ عـن أنـس

فكسـاه الحسـن ثوبـاً مُعلـمـاً
يزد َ هـي منـه بأبهـى ملبـس

في ليـالٍ كتمـت سـر الهـوى
بالدجـى لـولا شمـوس الغُـرر

مال نجـم الكـأس فيهـا وهـوى
مستقيـم السيـر سعـد الأثــر

وطرٌ مافيه مـن عيـب ٍ سـوى
أنـه مــرَّ كلـمـح البـصـر

حيـن لـذّ النـوم شيئـاً أو كمـا
هجـم الصبـح هجـوم الحـرس

غـارت الشهـب بنـا أو ربمـا
أثـرت فينـا عيـون النـرجـس

أيٌّ شـئ لامـرئ قـد خلـصـا
فيكون الـروض قـد مكـن فيـه

تنهـب الأزهـار فيـه الفُرصـا
أمِنـت مـن مـكـره ماتتقـيـه

فـاذا المـاء تناجـى والحـصـا
وخـلا كـل ٌّ خلـيـل بأخـيـه

تُبصـر الـورد غيـوراً بَـرمـا
يكتسي مـن غيظـه مـا يكتسـى

وتــرى الآس لبِيـبـا فهـمـا
يسـرق السمـع بأذنـي فــرس

يا أهَيلَ الحي مـن وادي الغضـا
وبقلبـي مسـكـنٌ أنـتـم بــه

ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا
لا أبالـي شرقـه مـن غـربـه

فأعيدوا عهـد أنـس قـد مضـى
تعتقـوا عبدكـم مــن كـربـه

واتقـوا الله ، وأحيـوا مغـرمـا
يتلاشـى نفـسـاً فــي نـفـس

حبـس القلـب عليكـم كـرمـا
أفترضـون َ عـفـاء الحُـبُـس

وبقلـبـي منـكـم مـقـتـربٌ
بأحاديـث المنـى وهـو بعـيـد

قمـر أطلـع مـنـه المـغـرب
شقوة المضني بـه وهـو سعيـد

قـد تسـاوى محسـنٌ أو مذنـبٌ
فـي هـواه بيـن وعـدٍ ووعيـد

أحـور المقلـة معسـول اللمـى
جال في النَّفْـس مجـالَ النَّفَـس

سدد السهـم فأصمـى إذ رمـى
بـفـؤادي نبـلـه المـفـتـرس

إن يكـن جـار وخـاب الأمـل
ففـؤاد الصَّـبِّ بالشـوق يـذوب

فـهـو للنـفـس حبـيـب اول
ليس في الحب لمحبـوب ذنـوب

أمــره معـتـمـل ممـتـثـل
في ضلوع قـد براهـا وقلـوب

حكـم اللحـظ بــه فاحتكـمـا
لم يراقب فـي ضعـاف الأنفـس

ينصـف المظلـوم ممـن ظلمـا
ويجـازي البَـرَّ منهـا والمُسِـي

مـا لقلبـي كلمـا هبـت صبـا
عاده عيـدٌ مـن الشـوق جديـد

جلـب الهـم لــه والوصـبـا
فهو للأشجان فـي جهـدٍ جهيـد

كـان فـي اللـوح لـه مكتتـبـا
قـولـه : إن عـذابـي لشـديـد

لاعجٌ في أضلعـي قـد أضرمـا
فهي نـارٌ فـي الهشيـم اليبـس

لم يـدع فـي مهجتـي إلا ذِمـا
كبقـاء الصبـح بـعـد الغـلـس

سلمي يا نفس فـي حكـم القضـا
واعمري الوقت برجعي ومتـاب

ودعي ذكـر زمـان قـد مضـى
بين عُتبى قـد تقضـت وعتـاب

واصرفي القول إلى مولى الرضى
ملهـم التوفيـق فـي أم الكتـاب

الكريـم المنتـهـي والمنتـمـي
أسـد السـرج وبـدر المجـلـس

ينـزل النصـر علـيـه مثلـمـا
ينـزل الـوحـي روح الـقُـدس

مصطفـى الله سَمِـيٌّ المصطفـى
الغنـي بالله عـن كــل أحــد

مـن إذا ماعَقـد العهـد وفــى
وإذا مـا فتـح الخطـب عـقـد

من بني قيس بـن سعـد وكفـى
حيث بيت النصر مرفـوع العَمَـد

حيث بيت النصر محمًّي الحمـى
وجَنى الفضـل زكـي المغـرس

والهـوى ظـل ظلـيـلٌ خيـمـا
والنـدى هـبَّ الـى المغتـرس

هاكهـا ياسِبـطَ أنصـار العُلـى
والـذي إن عثـر الدهـر أقـال

غـادةً ألبسهـا الحـسـن مُــلا
تبهـر العيـن جـلاءً وصـقـال

عارضت لفظـاً ومعنـى وحلـى
قول مـن أنطقـه الحـب فقـال:

هل درى ظبي الحمى أن قد حمى
قلب صـب حَلَّـه عـن مكنـس

فهـو فـي حـر وخفـقٍ مثلمـا
لعبـت ريـح الصبـا بالقـبـس