قصة قصيدة والله ما طلعت شمس ولا غربت

قصة وكلمات قصيدة والله ما طلعت شمس ولا غربت من سلسلة قصص سالفه وقصيده من الحياة قديمة مكتوبة بالعربية

قصيدة الله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا و حبّـك مقـرون بأنفاسـي للشاعر الصوفي الحسين بن منصور الحلاج

من هو الحلاج

الحسين بن منصور الحلاج (858 – 26 مارس، 922) (244 هـ 309 هـ) أبو مغيث شاعر صوفي من شعراء الدولة العباسية، يُعد من روّاد أعلام التصوف في العالم العربي والإسلامي, فيلسوف، عدّه البعض تارة في كبار المتعبدين والزهاد، وتارة في زمرة الملحدين.

أصله من بيضاء فارس، ونشأ بواسط العراق (أو بتستر) وانتقل إلى البصرة، وحج، ودخل بغداد وعاد إلى تستر. وظهر أمره سنة 299هـ فاتبع بعض الناس طريقته في التوحيد والإيمان.

ثم كان ينتقل في البلدان وينشر طريقته سراً، وقالوا: انه كان يأكل يسيراً ويصلي كثيراً ويصوم الدهر، وإنه كان يظهر مذهب الشيعة للملوك (العباسيين) ومذهب الصوفية للعامة، وهو في تضاعيف ذلك يدعي حلول الإلهية فيه.

وكثرت الوشايات به إلى المقتدر العباسي فأمر بالقبض عليه، فسجن وعذب وضرب وهو صابر لايتأوه ولا يستغيث.

قال ابن خلكان: وقطعت أطرافه الأربعة ثم حز رأسه وأحرقت جثته ولما صارت رماداً ألقيت في دجلة ونصب الرأس على جسر بغداد.

وادعى أصحابه أنه لم يقتل وإنما ألقي شبهه على عدو له.

وقال ابن النديم في وصفه: كان محتالاً يتعاطى مذاهب الصوفية ويدعي كل علم، جسوراً على السلاطين، مرتكباً للعظائم، يروم إقلاب الدول ويقول بالحلول.

وأورد أسماء ستة واربعين كتاباً كتاباً له، غريبة والأسماء والأوضاع، منها (طاسين الأزل والجوهر الأكبر والشجرة النورية) و (الظل الممدود والماء المسكوب والحياة الباقية) و (قرآن القرآن والفرقان) و (السياسة والخلفاء والأمراء) و (علم البقاء والفناء) و (مدح النبيّ والمثل الأعلى) و (القيامة والقيامات) و (هو هو) و (كيف كان وكيف يكون) و (الكبريت الأحمر) و (الوجود الأول) و (الوجود الثاني) و (اليقين) و (التوحيد). ووضع المستشرق غولدزيهر (Goldziher) رسالة في الحلاج وأخباره وتعاليمه، وكذلك صنف المستشرق لويس مسينيون (L. Massignon) كتاباً في الحلاج وطريقته ومذهبه. وأقوال الباحثين فيه كثيرة.

اشتهر بقوله: «أنا الحق»، والذي اعتبره الكثيرون ادعاءً بالألوهية، بينما فسره آخرون على أنه حالة من إبادة الأنا، والسماح لله بأن يتكلم من خلاله. اكتسب الحلاج عددًا كبيرًا من الأتباع كخطيب قبل أن يتورط في صراعات السلطة مع البلاط العباسي والتي أُعدم على أثرها بعد فترة طويلة من الحبس بتهم دينية وسياسية.

وعلى الرغم من أن معظم معاصريه الصوفيين لا يوافقون على أفعاله، إلا أن الحلاج أصبح فيما بعد شخصية رئيسية في التقليد الصوفي

وقصة قتله كان يمشى فى السوق وسط الزحام متدثرًا بعباءة رثة وهو يتمتم بصوت مسموع «أغيثونى، فليس يتركنى ونفسى فآنس بها، وليس يأخذنى من نفسى فأستريح منها»، فسأله أعرابي: «ماذا تخبئ في جبتك؟»، فقال: «الله.. ما في الجبة إلا الله».

ويقال إن هذه الإجابة كانت السبب الرئيسي في الحكم بإعدام الشاعر منذ 11 قرنًا.

حيث كثرت الوشايات به إلى المقتدر العباسي فأمر بالقبض عليه فسجن وعذب وضرب وقطعت أطرافه الأربعة ثم قتل وحزّ رأسه وأحرقت جثته وألقي رمادها في نهر دجلة ونصب رأسه على جسر بغداد. أورد ابن النديم له أسماء ستة وأربعين كتاباً غريبة الأسماء والأوضاع منها: (الكبريت الأحمر) ، (قرآن القرآن والفرقان) ، (هو هو) ، (اليقين)

قصة قصيدة والله ما طلعت شمس ولا غربت

من يقرأ او يسمع القصيدة يفهمها قصيدة حب رومانسية عن حبيب وحبيبته ولكن عندما شاع أن الكلمات ترتبط بتاريخ الصوفية تداولها الجمهور باعتبارها قصيدة في مدح الرسول- صلى الله عليه وسلم- لكنها في الحقيقة مناجاة من الحلاج لله حسب ما فسره الكثير من الادباء والرواة حيث اتهم باعتناق الحلول والاتحاد، وادعاء الألوهية، لأنه كان يردد أن الله حل في جسده وصفاته، فكان يتحدث عن الله الذى يتجلى له فى لحظات الوجد الصوفى فيذوب فيه ويفنى، حتى يصبحا واحدًا، فيقول مثلا:

«أنا من أهوى ومن أهوى

أنا نحن روحان حللنا بدنًا

فإذا أبصرتنى أبصرته

وإذا أبصرته أبصرتنا»

ويقول أيضا:

«عجبت منك ومنى يا منية المتمنى

أدنيتنى منك حتى

ظننت أنك أنى

وغبت فى الوجد حتى

أفنيتنى بك عنى»

كان يعتبر علاقته بالله جل جلاله تتضمن حالة من الدلال، ويخاطب رب العزة قائلا: «مثالُك في عيني وذكُرك في فمي/ ومَثـْواك في قلبي فأين تغيب؟»

ولهذا اعتبر من زمرة الزنادقة والملحدين وتم اعدامه

كلمات قصيدة والله ما طلعت شمس ولا غربت

وَاللَه ما طَلَعَت شَمسٌ وَلا غَرُبَت
إِلّا وَحُبُّكَ مَقرونٌ بِأَنفاسي

وَلا جَلستُ إِلى قَومٍ أُحَدِّثُهُم
إِلّا وَأَنتَ حَديثي بَينَ جُلّاسي

وَلا ذَكَرتُكَ مَحزوناً وَلا فَرِحاً
إِلّا وَأَنت بِقَلبي بَينَ وِسواسي

وَلا هَمَمتُ بِشُربِ الماءِ مِن عَطَشٍ
إِلّا رَأَيتُ خَيالاً مِنكَ في الكَأسي

وَلَو قَدَرتُ عَلى الإِتيانِ جِئتُكُم
سَعياً عَلى الوَجهِ أَو مَشياً عَلى الرَأسي

وَيا فَتى الحَيِّ إِن غَنّيتَ لي طَرَباً
فَغَنّنّي واسِفاً مِن قَلبِكَ القاسي

مالي وَلَلناسِ كَم يَلحونَني سَفَهاً
ديني لِنَفسي وَدينُ الناسِ لِلناسِ

اما من نسب ان القصيدة هي في حب الرسول صلى الله عليه وسلم

فقد استند  ان الشاعر يفتتج قصيدته باستخدام أسلوب القسم، فيقسم بذات الله على استقرار حب ممدوحه الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- معززًا هذا القسم باستعمال أسلوب الحصر من خلال النفي والاستثناء، فالشاعر يحصر ويقسم بأنّ محبته وعشقه تكمن في الرسول، ولا يوجد أحد يشاركه فيها، فالرسول قد استحوذ على قلبه، ويعزز الشاعر ذلك بأن هذه المحبة لم تقترن بزمن، فلو غابت الشمس أو أشرقت لن تتغير هذه المحبة، وستظل دائمة له. أمّا في البيت الثاني يفتتحه الشاعر باستعمال أسلوب الحصر أيضًا، فهذا الأسلوب له دلالة تتمثل بقصر الشيء على مقصورة وحصره به، وهنا نجد أنّ الشاعر يحصر الاهتمام والحديث فقط في موضوع الرسول الكريم، فالشاعر متيم بالنبي، ونرى هذا العشق حاضرًا بشغف من خلال تكرار استعمال أسلوب الحصر، وتركيز الحديث على النبي الكريم. وفي البيت الثالث نجد أنّ الشاعر يعيد استعمال أسلوب الحصر للمرة الثالثة، لكن هنا نجد أنّ الشاعر يوظفه في منحى آخر وهو جعل ذكر الرسول سببًا في سعادة الشاعر، فها نجد أنّ الشاعر يعمق دلالات الحب، فحصر سعادته وذهاب حزنه وقرنها برؤية النبي الكريم. أما البيت الرابع فقد كان آخر بيت يستحضر فيه الشاعر أسلوب الحصر، وفيه نجد أنّ دلالات وإشارات الحب قد تعمقت إلى أقصى الحدود، وذلك أنّ أبسط أفعال الشاعر صارت تذكره بالنبي، فحتى شرب الماء لا يفتأ يذكره بمحبوبه، فصار حب النبي ملازمًا له في كافة أحواله وظروفه، ولعلنا نستشف من قرأتنا للأبيات السابقة أنّ الشاعر يتدرج في وصف حبه للنبي، وكان وصفه تصاعديًا متزايدًا، فكلما تقدم الزمن، وأضيف بيت للقصيدة، زادت درجة الحب، وانتقلت من الجوارح إلى الروح.

وَلَو قَدَرتُ عَلى الإِتيانِ جِئتُكُم :::سَعياً عَلى الوَجهِ أَو مَشياً عَلى الرَأسِ
وَيا فَتى الحَيِّ إِن غَنّيتَ لي طَرَباً :::فَغَنّنّي واسِفاً مِن قَلبِكَ القاسي
مالي وَلَلناسِ كَم يَلحونَني سَفَهاً :::ديني لِنَفسي وَدينُ الناسِ لِلناسِ

في هذه الأبيات نجد أنّ الشاعر ينقطع عن أسلوب الحصر، وينتقل منوعًا في الأساليب اللغويّة، فيستعم أسلوب الشرط مستخدمًا حرف الشرط غير الجازم لو الذي يفيد معنى الامتناع لامتناع، فالشاعر يريد أن يذهب إلى حضرة النبي حتى لو كان يمشي رأسًا على عقب، أو يسير على وجهه.

لكن هذا الأمر ممتنع، فالنبي الكريم انتقل إلى جوار الله تعالى، أمّا الشاعر فلا يستطيع أن يمشي على هذه الصورة، فالشاعر يحاول أن يعمّق مدى حبه للنبي. أمّا في البيت التالي فنجد أنّ الشاعر يستعمل أسلوب النداء، ويخاطب فتىً من فتيان الحي، ويطالبه بأن ينشد شعرًا يصف فيه تمنع المحبوب وتعززه عن حبيبه، فالشاعر يستعمل أسلوب النداء للبعيد لمخاطبة القريب، ولعل ذلك من باب تعزيز تقريب البعيد، فالشاعر قلبه معلق بسيدنا محمد مع أنّه بعيد عنه، لكنه قريب منه روحيًا.

أمّا في البيت الأخير نجد أنّ يكشف عن معاناته مع الناس، فالشاعر يعتنق الفكر الصوفي، وهو فكر عليه بعض التحفظات من المجتمع، لا سيما في موضوع الحب والعشق، وأنّه أساس علاقة العبد بربه، فنرى أنّ الشاعر يصف لنا قول الناس في، وهو نعتهم له بالسفاهة، فالشاعر في حبه الشديد لسيدنا محمد، وتعلقه بذكره أصبح في أعين بعض الناس سفيهًا ومجنونًا، ومع ذلك يرفض الشاعر أن يرد عليهم، بل نده يذكر عبارة خطرة في نهاية القصيدة.

فهذه العبارة تتمثل بقوله ديني لنفسي ودين الناس للناس، فالشاعر هنا وقع في مأزق عَقَدَيّ وهو أنّه ادعى بأنّه له دين، وللناس دين، لكن الحقيقة أنّ التعبير خانه، فهو لا يقصد بأنّه يعتنق دينًا يختلف عن دين عامة المسلمين، وإنما يقصد الطريقة والمنهج، فالشاعر في علاقته الدينية يعلن حبّه للنبي الكريم، وبالتالي يعلن حبّه للخالق تعالى، فطريقته هي الحب، أمّا باقي الناس فطريقتهم الخوف والطمع، فالشاعر ينماز عن الناس بأنّه محب وعاشق للنبي الكريم.

وهذه قصيدة انتشرت ونسبت للحلاج بينما في الحقيقة تم اضافة العدد من الابيات لها وليست من قصيدة الحلاج الاصلية

لولاك يا سيدي ما غبت عن وطني
ولا تغربت عن أهلي وعن ناسي

والله ما طلعت شمس ولا غربت
إلا وذكرك مقرون بأنفاسي

ولا شربت لذيذ الماء من ظمأ
إلا رأيت خيالا منك في الكاس

ولا جلست إلى قوم أحدثهم
إلا وكنت حديثى بين جلاسي

يا سيدي أنا بالأعتاب منتظر
بشارة منكم يجلى بها باسي

تذيبنى في معاني الحب مشرقة
فينجلي عندها ذوقي وإحساسي

ونظرة يا رسول الله تغمرني
نورا فينماع منها قلبي القاسي

فما أزال أرى الأحباب قد ملئت
كؤوسهم وأرانى فارغ الكاس

وما تعجلتها إلا على ظمأ
أكاد أحصي لظاه بين أنفاسي

وما طمعت بها إلا لأنكم
قد جزتم في سماء الفضل أحداسي

رأيت إحسانكم كالغيث منتشرا
يسقى به سائم الأنعام .. كالناس

فكان ظني بكم أن تدركوا دنفا
من قبل أن يتهاوى بين أرماس

هذا والله اعلم