الشيخة مويضي او موضي الدهلاوية شاعرة من البادية من عجمان القصيم وبالتحديد منطقة الرس وهي من أسرة رفيعة المكانة عريقة المنبت وعاشت في حقبة شهدت خلالها منطقة وسط شبة الجزيرة العربية تغييرات سياسية ودينية حاسمة في زمنها الحافل بالصراع والشتات بين أبناء الجزيرة العربية تمثلت في تنامي قوة الدولة السعودية الأولى، وانتشار الدعوة السلفية
وعاشت الشاعرة بين أواخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر من الهجرة (1165 – 1240 هـ تقريبا) وتميزت موضي بقصائدها العاطفية والحماسية التي يحفل بعضها بمعاني تدل على الاعتزاز والولاء للدولة السعودية، وتداول قصائدها الرواة وأورد بعضها المهتمون بجمع الشعر الشعبي.
أسرتها وحياتها
كان جدها عبد الله (الملقب بالدهلاوي) أميرا للرس في منتصف القرن الثاني عشر الهجري حوالي عام 1150 هـ
اما الدها هو سعد بن عبد الله بن شارخ بن محمد بن على بن محفوظ العجمي ينتمي إلى أسرة آل أبي الحصين من قبيلة العجمان، وقد تولى إمارة الرس في الفترة من 1180-1230هـ/1766-1815م، مثل أسلافه الذين حكموها في القرنين الثاني عشر وأوائل الثالث عشر الهجريين؛ فكان لأسرتها مكانة مرموقة
وتميزت موضي بصفات من بينها الجمال والذكاء والشجاعة وهي صفات إيجابية جعلتها تحظى بمكانة عالية عند البادية والحاضرة، مما دفع بكثير من شيوخ القبائل في تلك الفترة إلى الرغبة في الزواج منها؛ اختارت من بينهم الشيخ الامير الفارس جديع بن منديل بن هذال بن عدينان من الجعيثن من الحبلان من الجبل من العمارات من ضنا بشر من عنزة الذي يُعد من أشهر زعماء قبيلة عنزة ومن الفرسان المعدودين في نجد في عصره وتزوجته وكان زواجها منه نزولا عند رغبتها رغم معارضة أهلها وترددهم في قبوله وإنما وافقوها عليه تلبية لرغبتها الشديدة
ومن قصائد موضي الدهلاوية بزوجها جديع هذه القصيدة عندما بلغها خبر أنه كسر وينسبها البعض لمويضي البرازية باحد مشايخ مطير ويقولون رواة عنزة أن هذه القصيدة لمويضي الدهلاوية :
يا راكب ملحا تجوب أشهـب الـلال ألا ولا فـوقــه رديــف مـحــنـهــــا
أول نـهـاره مـشـيـهـا بـس زرفـال وتـالـي نـهـاره طيّـر الـربـخ عنهـا
أقطع لها من مطرق السدر محجال وأستـدنهـا بالنايفـة مـن اشطـنهـا
غير أنها طلقت منه بسبب قصيدة قالتها عندما اشتاقت مرة لزوجها جديّع لتأخره عليها لسبعة أشهر أو سنة كاملة وتذكر غزو زوجها جديّع وتبث له اشواقها وتتوجد عليه وتستحثه على المرور عليها والعودة إلى الرس ولكنه مع الأسف قد أصابته الغيرة من تردد الناس لقصائدها به فجاوبها بقصيدة تحمل طلاق وهذه قصيدة الشيخة موضي وقد ألفت بعدة مؤلفات بصيغ متنوعة وخصوصاً الشطر الأخير فهي أحيان ترد على قارعة حرف الدال والهاء وأحيان بوصل الجيم والهاء ولكن حسب ما استقر عليه رأي معظم الرواة ومن أفضل الصيغ نورد قصيدة الشيخة موضي الدهلاوية بهذه الصيغة حيث تقول :
يـا الـلـه يـا مـوصـل غـريـب بـلاده يا مجري سفن البحر فوق الأمواج
حـطيت لـك ريـش النعـايـم وسـاده والبطن لك يا فارس الخيل مسهاج
فتناقلها الرواة فذاعت وانتشرت بين الناس، وعندما وصلت قصيدة موضي الدهلاوية إلى جديع غضب لتناقل الناس شعـرها وشعر بالغيرة والحرج فأقدم على طلاقها علماً أنها الشيخة الشريفة العفيفة الطاهرة التي لم تقع في ريبة وإنما رأى الشيخ جديع أن قصيدتها وتوجدها عليه من الخصوصيات التي ينبغي ألا تطلع للناس ويعرض السفهاء فقال قصيدة وأرسلها لها وقد طلقها فيقول :
ثم بعد أن وصلت قصيدة جديع لزوجته موضي وطلقها تأثرت لكونها لا تستحق الطلاق ورأت أنه لم يقدر وفاءها له وجهودها في إقناع أهلها بالزواج منه، إذ قابل ذلك بالطلاق، وما كان منها أمام هذا العقاب الذي لم تتوقعه إلا أن تغضب عليه وقالت هذه القصيدة ترد على جديع فتقول :
حَيْ الجواب وحَيْ من هو جوابه يا شيخ يا مِكْدي غثيثين الاجناب
يا شيخ والله ما مشيت بمعابة ولا خايلَتْ عيني على كل نصّاب
وان كان قولي فيك كلٍّ حكى به عِرْضي نزيه ولا حكى فيه هزّاب
أرجيك رجوى البادية للسحابة وجازيتني في كلمة مالها اسباب
هـذا النصيب وما بغى الرب جابه وأن صك باب العبد عند الولي باب
آداب الزوجية تتجلى في هذا الرد الجميل، مديح للجاني، ونفي لارتكاب سوءة يعلم نفسه براءة زوجه منها، واعتذار إليه بأنها كانت تنتظر عودته انتظار البدو للمطر، ولوم على جزاء دون مبرر، وإيمان بالقدر والعوض وكل ذلك بإيجاز بالغ وأدب رقيق وحصيف.
لقد تأثر جديع لهذا الرد الجميل وندم على تسرعه بطلاق زوجته وشعر بالذنب وأراد العودة إليها وأرسل عليها ليراجعها ولكنها امتنعت عبر أبيات:
جديع يوم انه بغاني بغيته ما طمّحوني عنه كثر العشاشيق
واليوم يوم انه رماني رميته رمية وضيحيٍّ رموه التفاقيق
جديع انا حرّمت مسكان بيته إلا مغيب الشمس يرجع لتشريق
والا ان صوت الحي يوحيه مَيْته أو ينبلع سم الحيايا على الريق
عسى يجيني شيخ يُسمَعْ بصيته منعور يعطي من طوال السماحيق
وبعد طلاقها وبعد البيت الاخير خصوصا، سمع الشيخ مجلاد بن فوزان شيخ قبيلة الدهامشة من قبيلة عنزه بها وبآخر بيت قالته في قصيدتها وتزوجها وقد نجع مجلاد بقبيلته فأبعد عن الرس وبقيت موضي عند أهلها وكما كان الشيخ جديع مشغولا بالغزو والرحلة نجد الشيخ مجلاد مثله ونجد الشاعرة تتعرض لموقف الاشتياق من جديد، وتشكو ذلك إلى زوجها الجديد الشيخ مجلاد بقولها:
أما الشيخ جديع بن منديل بن هذال العنزي بعد طلاقه لمويضي الدهلاوية العجمية تزوج من وضحى
ويظل وفاء المرأة سمة من سمات المرأة العربية، فعندما قتل الشيخ جديع في موقعة موقعة كير عام 1195هـ/1781م رثته مويضي الدهلاوية بأبيات مؤثرة ذكرت فيها فضائله وواست وضحى فيها، ولامت رفاقه الذين تخلوا عنه فقالت تخاطب مكان المعركة:
يا كـيـر لا مـرت عـلـيـك المخـايـيـل فـي قاعتـك يا كيـر حـل الـذبـاحي
يا وضحى هلي من دموعـك هماليل عـلى عشيرك يـم ضلع البطـاحي
لـومي على الـلي يبعدون المحاويـل ما عـفتـوا لرقابهـن يـوم طـاحـي
والقصيدة هي مسندة من مويضي العجمية الى وضحى زوجة جديع بن منديل الهذال تلوم فيها على قومه الذين لم يستميتوا في الدفاع عنه وتخاطب وضحى بأن تبكي على زوجها وتلوم على من تركوه في وجيه أعدائه الذين يحملون الغل له ، ومن ثم تقول بأن جديع مات شجاعا وذهب بالفخر وليس هاربا كما ينعته بعض أعدائه .رغم طلاقها من زوجها ابن هذال ظلت الدهلاوية تحمل داخلها الأعجاب به،
ومن قصائد الشاعرة هذه قصيدة حماسية قالتها لتحفيز وحث المدافعين عن الرس على الصمود والتصدي للجيش الغازي ومواجهة حصار إبراهيم باشا سنة 1232هـ/1817م، قالت فيها:
هيه يا راكب حمرا ظهيرة تزعج الكور نابيه السنامي
سر وتلفى هل العوجا مسيرة ديرة الشيخ بلغها سلامي
ياهل الحزم يا نعم الذخيرة إن لفاكم من الباشة كلامي
انخو الله ولا تنخون غيره واعرفوا ما من الميته سلامي
في يديكم فرنجيى ذخيرة تقذفه مثل سيقان النعامي
أما جديع بن منديل بن هذال العنزي فأن له مواقف كثيرة ونظراً لأن معظم مواقفة مرتبطة بأحداث فقد اهملنا ذكرها والشيخ الفارس جديع بن منديل الهذال يلقب ( راعي السمراء ) والسمراء هي الحرة قال احد مشائخ القبائل :