وقصة القصيدة قديمة جدا في مطلع القرن الثالث عشر الهجري نجعت قبيلة الفدعان من خيبر إلى منطقة الجوف وسكنت في تلك الديار ردحاً من الزمن ..
وفي يوم من أيام الربيع ذهب الفارس معثم بن غبين يرود منطقة الحماد بحثاً عن ديرة أريف وأمرع من ديرته فوجد العشب والكلأ ووقف بجانب أحد الغدران فشاهد خيّال غريب في أقصى الغدير فتوجه صوبه وسأله عن أسمه وقبيلته وما وراءه فأخبره أنه رجل جاء يعس الديار ووجد هذا العشب وهذا الماء ويرغب النزول عليه فقال معثم وأنا كذلك وقال الرجل أني رجل وحيد ولا عندي الا زوجتي وأبنتي وأبلي وكان معثم عنده ولده عقيل فخشي أن يذكر أن عنده ولد ويكره الرجل الغريب مجاورته فقال وأنا كذلك عندي زوجتي وأبنتي وأبلي فأتفق الرجلين على المجاوره والنزول على هذا الماء والريف ثم رجع كل واحد منهم إلى أهله..
وعندما وصل معثم إلى زوجته وأبنه اخبرهما بالخبر فقالت سوف نلبس ابننا عقيل ثوب فتاه ونحرصه لا تكشف أمره ابنة الجيران حتى ينتهي الربيع والمدة كلها لا تتجاوز ثلاثة أشهر ثم أنهم البسوا الولد ثوب فتاه وكان عقيل في سن الرابعة عشرة..
ثم رحل معثم ونزل على الغدير ووجد الرجل الغريب فتجاورا وكانت الفتاه الحقيقية تسرح وتلعب مع الفتاه المزورة ولم ينكشف أمرها وكان الفتى لا ينظر إلى وجه الفتاه ويصد كلما شاهد غرة منها حتى جاء اليوم الذي ارغم الفتى على اظهار حقيقته حيث أن الأبل أغار عليها قوم وفزع معثم وجاره وقاتلوا القوم وكسر جار معثم وعادوا مدحورين وذهبوا القوم بالأبل ثم أن معثم بدأ يجبر كسر جاره..
أما عقيل فقد خلع لباس الفتاه وتقلد بسلاحه وركب فرسه ولحق الأبل لعله يعيدها من القوم وكان والد الفتاه وأمها والفتاة ينظرون في ذهول لهذه الفتاة التي تحولت إلى فتى وكان هذا المنظر عليهم أشد من أخذ الأبل والكسر الذي يعاني منه الرجل الغريب حيث أنهم خافوا على الشرف فطمئن معثم جاره وأعتذر أنه قام بهذا التصرف من أخفاء حقيقة أبنه لكي لا يكدر صفو علاقة الجيرة وحسب ثقته بعفة أبنه ..
هذا ما كان من معثم وجاره.. أما الفتى عقيل فقد لحق القوم وجندل منهم من وقع تحت سيفه واسر الباقين وجابهم مع الأبل ثم أن عقيل ترجل عن فرسه ووقف أمام والد الفتاه وأمها واقسم لهم بالله العظيم أنه ما شاهد منها ما يثير الريبة وأنه يعتبرها مثل أخته ثم أقتنع الجار بسبب تخفي الفتى وهي كرامة للجار مما أثار اعجاب الفتاه بعقيل فرحبت به بعد عودته من أعادة الأبل وجلب الغزاة معه
وسلم على الفتاة واعتذر لها فقالت هذه الأبيات ترحب بعقيل :
هلا هلا باللي سلامه يداوي ماهو زبون للعلوم الرديه
اشهد شهادة حق ماهو دناوي ولا هـو شـبـوح العين للاجنبيه
عقيل من شفته خجول حياوي من عرفتي ما باق غرة خويه
فوق العبيه مثل فرخ النداوي ينف خيل القوم نف الرعيه
فرد عقيل بن معثم على الفتاه بقوله :
يا عـم والـلـه ما جلعـت الغـطـاوي ويشهـد على ما قـلـت رب البـريـه
عـن طـاري الشكـات ولا الهقـاوي حـلـفـت لـك والـلـه رقـيـب عـلـيـه
ويـوم أخـذونـا طيـبـيـن الـعـزاوي دون العشاير خضت حوض المنيه
ثم أنتهت فترة ثلاث أشهر الربيع فرحل معثم وعاد إلى جماعته ورحل جاره وعاد إلى ربعه ..
أما الفتى عقيل فقد هام بحب الفتاه ونحل جسمه وأصيب بأمراض فبلغ خبر مرضه صديقه فهيد بن معبهل بن شعلان فأرسل فهيد طبيب شعبي يسمى عيد إلى عقيل وعندما وصل الطبيب إلى عقيل تفحصه وقرر أنه بحاجة إلى كي فأحمى المنشار ليكويه فقال عقيل هذه الأبيات يوضح أن مرضه هيام وليس مرض عضوي وهو يقول :
وكان عقيل يتضجر من الكي لعلمه أنه ليس مريض وأنما هو هايم ولكنه يخجل أن يبيح بسده لوالده معثم أو لصديقة فهيد ثم أن عيد أبلغ معثم بواقع الأمر فشدوا له نجيبة من الهجن وقالوا أذهب بنفسك إلى أهل الفتاة وأخطبها وسوف يزوجك أياها وجميع ما يلزم سوف نحضره لك وكان هذا ما يريده عقيل فركب راحلته وتوجه إلى ديار جاره السابق ولما مر في المنزل الذي كانوا نازلين في الربيع تنهد وقال هذه الأبيات يخاطب الدار :