قصة قصيدة ياصاحبي ماني براعي مهاداة

قصة قصيدة ياصاحبي ماني براعي مهاداة

قصة وكلمات قصيدة ياصاحبي ماني براعي مهاداة من سلسلة قصص سالفه وقصيده من الحياة قديمة مكتوبة بالعربية

قصيدة ياصاحبي ماني براعي مهاداة القائل هو شاعر الكويت الكبير صقر بن مسلم النصافي الرشيدي

كلمات القصيدة

يا صاحبي ماني براعي مهاداه
إما ارضني والا اجفني واستخيري

إما تعال وما طلبناك عطناه
والا تروح وجعل دربك سفيري

من شق شقٍ يا اريش العين يرفاه
وانت الذي شقيت خافي ضميري

تضحك وانا صملان قلبي مطواه
تقول لي لين الفلك يستديري

مانيب من يطرد سراب بمظماه
شاف السراب ويحسب انه غديري

عيني على شوف الولايف مضراه
جزوع لا شفت الجفا من عشيري

ما يستوي حب بليا مراضاه
بيني وبينك يا الغضي ما يصيري

يقول الكاتب عبدالرحمن الناصر

ان من روائع السامري وأعذبها أغنية (ياصاحبي) التي ألف كلماتها الشاعر صقر بن مسلم النصافي الرشيدي قبل مائة سنة، وقد امتدت لتتواصل مع الأجيال مروراً بأصوات مغنيها إن كانوا جماعيا أو فرديا، أولهم النصافي (1878-1948م) رحمه الله الذي قدم العديد من طروق السامري عبر أشعاره وبالتالي كانت متلائمة مع انفرادها غنائيا وتواصلها لمحبي الفنون التراثية، أما آخر من تغنى بها فقد كان الفنان صالح الحريبي في عدة برامج ومهرجانات.

بل إن العديد من مطربي الخليج قدموا السامري، هذا الفن الكلاسيكي، من خلال قصيدة (ياصاحبي) التي كانت نافذة هامة لقراءة المجتمع سابقا في الخليج العربي، مع ما تتميز به من حضور عاطفي يبرز من خلال حديث الشاعر مع معشوقته.

إنها تصور تلك اللحظات والمواقف الرقيقة في تلك الحقبة الزمنية القاسية، وهي وثيقة نادرة تبتعد عن إظهار ما يكنه القلب من عاطفة، إلا أنها ترسم في بعض جوانح القصيدة العذوبة والرقة التي تبقى قوية لا تبتعد عن تصوير المجتمع الغيور حتى في أحلامه.

يأتي النداء دائماً من الشاعر عاطفياً لزجاً واضحاً وهي خاصية تندرج في غالب القصائد الموروثة إلا أن النصافي برهن عكس ذلك في تحديد المصير واستخلاص ذلك بجزالة المعنى وسلاسة الأسلوب وسهولته.

إنه ينادي الواقع ويلامسه ويتحسسه ويستقي منه أفكاره بأسلوب متميز، في بداية الأغنية يتبين أن صاحب القصيدة قد صهرته التجارب وصنعته وأثرت فيه معاناته فهو يحدثك عن ما في نفسه في كل معنى يطرقه، في بداية المذهب انطلاقة مهمة وقائمة لإكمال ما بدأ به الشاعر والمطرب في نثر الإبداع في كلاسيكية ثائرة تعني القوة وعدم الرضا..

يا صاحبي ماني براعي مهاداة

أم أرضني والا اجفني واستخيري

والا تعال وما طلبناك عطناه

والا تروح وجعل دربك سفيري

هنا يترنح الأفق تبدأ النفس بمخاطبة الوجدان وكأنها نظمت للتحدث بما في النفوس حتى وان اختلف التوجه بين الشرائح، رائعة لا يختلف مذهبها عن الكوبليهات التالية، بل إن المطرب في هذه الحالات هو الذي يتميز في استغلال مقدرته وإعطاء أحرفها الموسيقية رونقا مميزا في الأداء والتعبير عن الحالات التي تُغَنى وَتُطربَ سامعها.

السامريات أو الهجينيات وغيرها من الموروثات تبقى دائماً مهيئة ومرتكزة على الأجراس الموسيقية التي تكونت هي أصلاً عليها، ولهذا يكون التلحين استمرارا ورتوشاً لما سبق وبني عليه، يعتقد الجمهور أن هذه الأعمال ربما تطور وتخرج على أنغام أخرى لكنها لن تذهب إلى قراءتها لغويا وتفسيرها موسيقياً من دون تلك الأجراس المؤسسة.

من شق شق يا أريش العين يرفاه

وأنت الذي شقيت خافي ضميري

تضحك وانا صملان قلبي مطواة

تقول لي لين الفلك يستديري

(ياصاحبي) جاد بغنائها الكثير من الفنانين الشعبيين في الخليج، وقد ولدت لتكون من أفضل الكلاسيكيات التي تبرز كلما جاد الزمن مرورا عليها، وهي كغيرها من كلاسيكيات الزمن الجميل لعادات الشعب الخليجي وما يتميز به من حياء وإجلال لواقعهم وإبرازه عبر ما كانوا يتغنون به سابقا، هذا العمل كان وليدا جيدا ومازال يتغنى به الفنانون. التعريب هو فلسفة أدائية تبرز كلما سلطن معها المطرب وهي قدرة تتجلى في نوعية من المطربين عند قراءة النص وتعريبه خلال الغناء، وتبقى كثيرا في السامري أو الموروثات الخليجية من خلال المّد والتوصيل للكلمات وهذه الحالة هي من خصائص (ياصاحبي) التطريبية.

ماني بمن يطرد سراب بمضماه

شاف السراب ويحسبه غديري

عيني على شوفه الولايف مخبأه

جزوع لا جاه الجفا من عشيري

حكاية العليل الظامئ الذي يبحث عن الماء، هي ليست أحجية بل تحدث كثيرا في البادية، لكن الحال يبقى لاعتزازه في نفسه حتى وهو في تلك الحالة من العطش (ماني بمن يطرد سراب بمضماه) هنا في حالة الغناء تختلف جذرياً عند الأداء فهي تفسر ذلك الحديث واللغة في الشعر لإبرازها غنائيا في الشطر التالي (شاف الحبيب ويحسبه غديري)، هو التفعيل والإسهاب في الأداء وتقديم الروح والإحساس خاصة في هذا الكوبليه.

ما يستوي حبِ بليا مراضاة

بيني وبينك يالغضي ما يصيري

نهاية مؤلمة في القصيدة عبر الأغنية حتى إن سمعت جماعياً تجدها مميزة لا تختلف عن انفرادها، بل إن الفلسفة الأدائية تتميز ويعلو شأنها في هذا الكوبليه، ليس لأنها ختام العمل بل لأن التواصل الأدائي والفرصة في تقديم العمل متكامل يأتي متسرعاً في إبراز الحس الذي بنيت عليه هذه القصيدة، عندما تسمعها من سلامة العبد الله أو سالم الحويل أو غيرهم من الفنانين الكبار لا تجدها تختلف كثيراً عن غيرهم من المطربين الآخرين حتى بعد تقديمها من المطرب الكويتي صالح الحريبي، فالمطربون يتبعون تقديم الحس واللغة واستخدام الإعراب الموسيقي لتوصيل الحالة والإحساس في موقعه الأصلي، (ياصاحبي) لم تكن إلا تراثاً جميلاً متأصلاً ومتواصلاً جيلاً بعد جيل تأخذنا بعيداً عن حركة الأغنية الحالية.. إنها ذهبية قديمة لا تجدها إلا ضمن روائع الأغنية الخالدة وإضاءة جميلة لكلاسيكيات الخليج.

بينما يقول الكاتب محمد مهاوش الظفيري

في هذا النص الذي بين أيدينا روح العاشق المعذب وأخلاقيات الرجل النبيل , حيث نرى في هذه الأبيات لوعات العاشق المعذب الذي ترك معاني الحب في هذه القصيدة متموجة بين لين الجانب وصلابة الموقف , وقد مزج في هذه المعاني نقاء الحب الجميل وطباع الرجل العربي , الرجل الذي تربى على اتخاذ المواقف التي لا تخدش شخصيته سواء في تماسه مع الحب كشاعر أو تعامل مع الآخر المقابل له كإنسان

نعم , في هذا النص غطرسة وعنجهية , لكنهما لا يعتمدان على إلغاء الآخر أو سحق كرامته الآدمية , ومثل هذه المواقف لم نعد نراهما فيمن يدعون أو يكتبون عن الحب هذه الأيام , حيث بلورت لنا هذه المواقف في هذا النص الشعري تجاذبات الحبيب مع من يحب ويعشق , لكنها رغم ما بها من أنانية ونرجسية على المستوى الفردي إلا أنها لم تخرج عن جادة الطريق , ولم تتقاذف الشاعر مواقف انفعالية ذات طباع حادة يتنازعها الانتقالات المفاجئة من أقصى اليمين لأقصى اليسار أو العكس , إذ كان هذا الحب حب ” معقْلن ” رزين , وقد يكون لصرامة الحياة الماضية انعكاسها الواضح عليه , وهذا ما سنراه في هذه القراء

القراءة :

يبدأ النص الشعري كعادة الشعراء النبطيين التقليديين ” يا صاحبي ” , حيث أن مثل هذه البدايات لها ارتباط بالتقليدية ودلالة على تواصل الشاعر مع رفيقه وصاحبه , وهذا الأسلوب بدأه الشاعر العربي منذ الجاهلية , غير أن هذا الصاحب ليس أنيس درب أو رفيق حياة , بل محبوب يخاطبه الشاعر ويوجه إليه الشعري بطريقة فيها من اللوم والعتاب عليه

يا صاحبي ماني براعي مهاداه
أما ارضني وإلا اجفني واستخيري

لكن الخطاب الذي وجهه الشاعر صقر النصافي لمحبوبه هنا خطاب فيه نرجسية وأنانية , نرجسية ترتبط به كشاعر يفترس اللغة ويتسلطن على الكلمات , ويتعامل مع القصيدة كما يتعامل الفارس الماهر مع المهرة التي بحاجة لترويض , وهذا الخطاب فيه أنانية العاشق الذي لا يقبل المساومة , ولا يرضخ للتوسلات ” ماني براعي مهاداه .. أما ارضني .. وإلا اجفني .. واستخيري ” فهذه مطالبات ذات سقف مرتفع لا تؤمن بأنصاف الحلول , ولا ترضخ للتوسلات , رغم ما بها من عتاب عاطفي شفاف

وإلا تعال وما طلبناك عطناه
وإلا تروح وجعل دربك سفيري

من يقرأ هذا البيت يكتشف أمرًا مختلفًا عند الشاعر , وهو أمر يتعلق بمسألة هذه المطالبة , وهو أن الشاعر لا يخاطب محبوبًا ماثلاً أمامه يبادله الحديث , ويرد عليه الحجة بالحجة , وذلك أنه كما في البيت الأول , وكما سنلاحظه في أبيات القصيدة الأخرى , فإنه يخاطب خيال المحبوب , ويقيم له محاكمة عاطفية في مخيلته , حيث ينبثق المشهد من فعل الأمر الوارد في البيت الأول “ارضني .. اجفني .. استخيري ” إلى التناوب بين الأفعال المضارعة ” تعال .. تروح ” أو الأفعال الماضية ” عطناه . جعل ” أما الفعل الأمر ” عطناه ” فهو مرتبط بالجملة الشرطية ” وما طلبناك عطناه ” أي أنه جاء كجواب لشرط افترض الشاعر وجوده
وبإمكان المتأمل لأبيات هذه القصيدة يكتشف هيمنة الأفعال على سياقات النص الشعري فيها بشكل ملحوظ , متنوعة ما بين أفعال ماضية تميل لترسيخ الصورة النمطية في خيال الشاعر إلى أفعال مضارعة تجعل المشهد الشعري ينتقل لديه من هيمنة النمط إلى تداعيات الفعل الحركي المتصاعد والذي يمثله حضور الفعل المضارع , إلى فعل الأمر الذي يحتم على الشاعر الانسياق لمحفزات النشوة اللحظية الكامنة فيه كشاعر نرجسي أو كعاشق أناني , وهذا مرده أن العلاقة العاطفية راسخة في وجدان الشاعر ويتمنى عودتها متحركة أمامه كتواصل بين الماضي والحاضر , لهذا يجنح إلى ترسيخ مطالبه في هذا الوضع

من شق شقٍّ يا أريش العين يرفاه
وأنت الذي شقيت خافي ضميري

بعد البيتين السابقين , وقد تمرجحت فيهما الأفعال ما بين الماضي والمضارع والأمر , إذ جاء هذا البيت مبتدئًا بأسلوب شرطي ” من شق شقٍّ يا أريش العين يرفاه ” لتعميق إحساس الشاعر بالمعاناة التي عاناها كشاعر نرجسي وكعاشق أناني , وكأن هذا الأسلوب أتى كمحصلة توصل لها الشاعر واستنتج منها هذا الحكم “من شق شقٍّ يا أريش العين يرفاه”, وكان هذا الأسلوب الشرطي مكرسًا لشعوره بالحال التي يمر بها , لهذا أصدر هذا الحكم كدعامة واقعية لموقفه العاطفي , مقرنًا هذه الجملة الشرطية بجملة أقرب إلى التقرير والإعتراف ” وأنت الذي شقيت خافي ضميري ” ليكتمل العقد البلاغي لديه في هذا التمازج الفني بين الأسلوبين

تضحك وأنا صملان قلبي مطواه
وتقول لي لين الفلك يستديري

هنا يوضح الشاعر سبب غضبه على المحبوب وعدم رضاه عن تصرفاته الوصفية والمحكية , حيث كان التصرف الأول مرتبطًا بقوله ” تضحك ” بينما التصرف الآـخر وهو التصرف المحكي مرتبطًا بقوله ” وتقول لي لين الفلك يستديري ” وكلا الفعلين أو التصرفين مرتبطان ببعضهما البعض , سواء من حيث الركون للفعل المضارع الدال على استمرارية أيٍّ من الموقفين , أو من حيث كون التصرفين ينمان عن استهتار المحبوب بالشاعر , في الوقت الذي أوضح فيه الشاعر موقفه في هذه المعادلة ” وأنا صملان قلبي مطواه ” , أي أنه لا يتحمل هذا الاستهتار الناتج عن الضحك والاستخفاف به , أو هذه المرارة التي يلقاها منه من خلال قوله ” لين الفلك يستديري ” كدلالة على رسوخ مفهوم الاستحالة في هذا الرفض , وبعد إمكانية العودة إلى سالف عهده معه

ماني بمن يطرد سراب بمضماه
شاف السراب ويحسب إنه غديري

الشاعر في هذا البيت وما يليه يعلن قدرته على القيام بالانقلاب , وأن دوام الحال من المحال , لهذا يعلن مقدرته على اتخاذ القرار ” ماني بمن يطرد سراب بمضماه ” أي أنه قادر على التفريق بين الحقيقة والخداع ,غير أن هذا الانقلاب انقلاب ناقص كما سيتضح في آخر النص بعد ذلك , موضحًا أنه ليس بذلك الإنسان الغر الذي تخدعه المظاهر , أو من الإمكان اللعب بعقله ” شاف السراب ويحسب إنه غديري ” , وهذا مؤشر على قدرته على التحوّل , وهو تحول هادئ لا صخب فيه أو غرور , بل تحول العاشق العارف بالحدود التي يمكنه التراجع عندها , وهو في هذا الإجراء الذي يزمع اتخاذه دليل أن الواقع أقوى من الخيال لديه , وبمعنى أشد وضوحًا , أنه حينما تقاطع الحب مع الواقع انساق وراء الواقع , ولم يستسلم لأحلامه كما سيمر معنا فيما بعد

عيني على شوف الولايف مخباه
جزوع لا جاه الجفا من عشيري

هذا البيت يعتبر بيت إلحاقي للبيت السابق , أي أنه مرتبط فيه , وكان من المفروض دمجه في صاحبه حين الحديث عنه , لكني فضلت الفصل فيما بينهما في الكلام , لأن البيت السابق مرتبط بسلوك ظاهري عملي دفعه للانقلاب , بينما هذا البيت بيت ذو طابع ارتدادي للخلف , أي الجنوح للرفض هنا نابع من الداخل بسبب مؤثرات الخارج كـ ” السراب – مضماه – غديري ” كما في البيت السابق لهذا البيت , أما في هذا البيت فتختلف زاوية الرؤية رغم اتصال الشطر الأول منه بالأمر الظاهري ” عيني على شوف الولايف مخباه ” غير أن من يدقق بكلمة ” مخباه ” يدرك بداية التحول من عزوف ظاهري خارجي إلى عزوف داخلي , والذي اتضحت معالمه مع ” جزوع لا جاه الجفا من عشيري ” لأن الجزع لا يكون إلا من النفس أو القلب , وهما أمران باطنيان يرتبطان بكيان الإنسان من الداخل , لهذا رأينا كيف تحول التصادم بين الواقع والخيال عند الشاعر من هذا التهديد بالهجران , وهو هجران مزدوج في آخر المطاف , فقد كان الانتصار للواقع لديه واضحًا في هذا البيت والبيت السابق له

ما يستوي حب بليا مراضاه
بيني وبينك يالقضي ما يصيري

هنا نلمس محاولة يائسة أطلقها الشاعر بعد كل هذا الجهد المبذول منه , ممنيًّا النفس بعودة المياه إلى مجاريها ورأب الصدع الحاصل في العلاقة بينه وبين ” القضى ” الذي كان في أول النص ” يا صاحبي ” ثم حاول فيما بعد إعطائه صفة أقوى من ” صاحبي ” حينما وصفه بـ ” أريش العين ” مع العلم أن كلا الوصفين لا يرقيان لقوله ” القضي ” التي جاءت في آخر النص , وكأنه كمن يطلق رصاصة الرحمة على قلبه ومشاعره بعد أن أحس الصدود منه , وأنه لا مجال لعودة الوصال بعد هذا الهجران , ومن يعيد قراءة البيت الأخير قراءة هادئة متأنية ويحاول الوقوف عند كل كلمة على حدة يكتشف أن هذه الكلمات تسيطر عليها دلالات الاستسلام , رغم ذلك الصخب الذي حاول الشاعر إبداءه في البيتين السابقين , وهنا كمن أسقط في يده كل شيء , لهذا جاءت هذه المفردات موحية بالتحسر والشعور بالأسى ” ما يستوي – حب – مراضاه – بيني – بينك – يالقضي – ما يصيري ” ومن يتأمل العبارة الأولى ” ما يستوي ” يجد أنها متناثمهس تمامًا من حيث الشعور بالأسى أو الإحساس بالرفض مع العبارة الأخيرة ” ما يصيري “

نعم , الشاعر انتصر لواقعه في آخر المطاف على حساب خياله ومشاعره , لكنه انتصار اضطراري دفعته إليه طبيعة الحياة القاسية في زمانه , من أن الرجل لا بد أن يكون ذلك الرجل الشرس الحاد الطباع حتى في الحب , وهذا مما لا يكون طبيعيًّا في مثل هذه الظروف , لكن الانسياق وراء تداعيات الواقع هي التي دفعته بعد ذلك كإثبات للهوية العربية والشرقية بشكل عام , رغم أن هذا الانتصار للذات المهزومة في هذا المعترك الغرامي انتصار مشوب بالأسى والحزن , والشعور بأنه مندفع إلى اتخاذ هذا الموقف في آخر المطاف