قصة قصيدة السيل ياسدرة الغرمول يسقيك

قصة قصيدة السيل ياسدرة الغرمول يسقيك

قصة وكلمات قصيدة السيل ياسدرة الغرمول يسقيك من سلسلة قصص سالفه وقصيده من الحياة قديمة مكتوبة بالعربية

قصيدة السيل ياسدرة الغرمول يسقيك لا يعرف من هو الشاعر الحقيقي القائل لهذه القصيدة حيث اختلفت الروايات حول هذه القصيدة التي تعتبر من أشهر السامريات في نجد بل وجزيرة العرب، وكان الناس قديما وما زالوا يغنونها في حفلاتهم وسمراتهم..

ولهذه القصيدة روايات كثيرة تختلف في بعض الألفاظ وفي عدد الأبيات وقد أوردها عدد من الرواة والباحثين في الشعر النبطي كالشيخ عبد الله بن خميس والشيخ منديل الفهيد وعبد الرحمن السويداء والباحث أحمد الفهد العريفي وعني بدراستها محمد الحميدان واختلفوا في قائلها ..

فبعضهم يرى أنه مجهول كالشيخ ابن خميس والبعض الآخر ينسبها للشاعر سرور الأطرش وهو شاعر مشهور من أهل الرس في القصيم عاش في القرن الـ 13 الهجري وآخرون ينسبونها إلى محمد بن قازي القرزعي وهو شاعر من أهل النبهانية في القصيم، وهناك من ينسبها إلى الشيخ عقوب الحميداني من شيوخ مطير بينما نسبها آخرين الشاعر عبدالعزيز بن ظافر الدوسري والشاعر علي بن عالي الوقداني، وبعضهم نسبها لمحمد العوَّاد من الزلفي..

والقصيدة المشهورة بروايتها الاولى تقول

السيل يا سدرة الغرمول يسقيك
من مزنة هلت الما عقربيه

يا طول ما جيت ساري في حراويك
عجل وأخاف القمر يظهر عليه

وطيت أنا الداب وأنيابه مشاويك
والله وقاني من أسباب المنيّه

يا رجلِ لو غز نابه وين أداويك
ودواك يم الحسا عسرٍ عليّه

وأن جيت للباب اهجه كود أداريك
أخاف غض النهد يزعل عليه

والبعض يقول نطيت انا الداب وليس وطيت

وفي رسالة نشرتها جريدة الرياض للباحثة فاطمة أحمد البلوي التي قالت انه نظرا لما هو معروف من ضياع حقيقة بعض القصص والشعر في الموروث الشعبي حتى نجد أنها تنسب لأكثر من شخص، وأكثر من مكان، بسبب الاختلافات في الرواية الشفهية في القصة أو القصيدة الواحدة ومن ضمنها أبيات (الله يا سدرة الغرمول يسقيك) التي تعدد أصحابها منهم من قدم لصاحبها الدليل ومنهم من شهد برواية أحد الأقارب من دون دليل وقد كانت كلمة الحسا هي الدليل القاطع في كل موضوع يتطرق لهذه القصيدة، وطبعا لما للإحساء في المنطقة الشرقية من عمق تاريخي خصوصا في التاريخ الشفهي، ولما لها من دور في حياة البادية، أشارت الأصابع إلى أنها المقصودة في هذه الأبيات، علما ان هناك أكثر من منطقة توجد بها الحسا مثل حسا المدينة المنورة، وقرية الحسا في وادي الحسا بالأردن، وهو ما أشار إليه الشاعر إبراهيم سالم السييد البلوي صاحب هذه الأبيات وهو شاعر فحل من شعراء بلي، مات في مقتبل عمره، كما أنها موثقة باسمه في كتاب شعراء من بلي للأستاذ قاسم القويعاني البلوي وبرواية السيدة غيضة سليم البلوي، التي حضرت ولادة هذه القصيدة قبل ثمانين عاما، حيث كان لها من العمر خمسة عشر عاما عندما كان يؤدى فن الرفيحي بمناسبة زواج إحدى العائلات من قبيلة الحويطات في موقع بين وادي جرسا وتلعة أم نب شمال وادي ابو القزاز، التي تبعد 70 كيلو من محافظة الوجه والتابعة لمنطقة تبوك.

وكانت إحدى النساء تؤدي رقصة الحاشي وهي رقصة شعبية ترافق فن الرفيحي التي يختص بها شمال وشمال غرب المملكة بقيام إحدى النساء بالرقص متخفية بعباءتها فرمز الشاعر (للحاشي) بسدرة الغرمول وهي سدرة قديمة مشهورة كبيرة ومظلّة ودائمة الخضرة يتعجب الأجداد من وجودها في موقع ليس منبتاً لشجر السدر، ليجعلها يتيمة بين أشجار الطلح والسمر تقع جنوب شرق محافظة الوجه، ولقربها من جبل الغرمول أخذت شهرتها باسمه (وسمي الجبل بالغرمول؛ لأنه يأخذ اللون الأسود من بين الجبال التي تقع حوله) فصارت (سدرة الغرمول) رمزاً معروفا في إنحاء تلك المنطقة وما زالت موجودة إلى يومنا هذا، وتجد اهتماما من بعض الناس (وتوجد صورة حديثة مرافقة للموضوع لسدرة وجبل الغرمول بلونه الأسود) وهذه الأبيات معروفة بالمنطقة قبل غناء محمد عبده لها ومازالت تغنى بلحنها التراثي الأصلي في المناسبات الشعبية في بادية محافظة الوجه ولها لحن خاص من ألحان فن الرفيحي الشعبي، الذي تنتمي له.

والمعروف بفن الرفيحي أنه لا يتعدى البيتين إلى أربع أبيات خلال أدائه وقد ذكرت لي السيدة غيضة انها اثناء سماعها الكلمات من خلال الراديو والتلفاز ان هناك تحريفا كبيرا في الكلمات التي صححتها بهذا الشكل:

الله يا سدرة الغرمول يسقيك
من مزنةٍ هلّت الما عقربيِّه

يا كثر ما جيت ساري في حراويك
عجلٍ واخاف القمر يظهر عليِّه

نطيت انا الداب وانيابه مشاويك
والله وقاني من اسباب المنيِّه

يا رجل لو هو مصيبك وين أقاريك
قاريك يمّ الحسا صعبٍ عليِّه

وحسب رواية السيدة غيضة عن المفردات بالقصيدة فقد ذكرت لي أنها تبدأ بالله وليس بالسيل وفي الشطر الثاني الاختلاف في كلمة يا كثر بدل يا طول أما البيت الأخير فقد ذكرت لي أن المقروص في ذلك الحين كانوا يذهبون به إلى (حاوي) ليقرأ عليه فيشفى من القرصة، وكانت الحسا بلدة أثرية تقع على وادي الحسا بالأردن جنوب من المملكة الأردنية الهاشمية، وهي قريبة جدا من الحدود الشمالية السعودية واشتهرت بالعديد من الينابيع والعيون الطبيعية والكبريتية حيث يذكر سكان تلك المنطقة أنهم كانوا يذهبون للعلاج بها وبسبب طبيعة التضاريس الجبلية الوعرة على امتداد شمال غرب المملكة كانت تحول بينهم وبين السفر لها إلا بصعوبة كبيرة. مما يجعل الشاعر يستصعب العلاج بالذهاب لها.

وهنا أقول لربما أن عبدالعزيز الدوسري قالها وأعجب بها الشاعر إبراهيم فنقلها بمفردة منطقة تبوك وقد تكون للشاعر إبراهيم السييد البلوي ونقلت بمفردة منطقة نجد باسم الشاعر عبد العزيز الدوسري لكن من الجميل أن يرد الحق لصاحبه سواء من قالها الدوسري أم البلوي علما ان هذه الرواية مشهورة في منطقة تبوك وتحديدا في محافظة الوجه وهناك شخصان آخران ممن رووا لي حضورهم لهذه المناسبة وسماعهم للقصيدة من الشاعر إبراهيم من كبار السن، ولن تزيد هذه الأبيات الشاعر عبدالعزيز لو نسبت له ولن تنقص من شاعرية إبراهيم السييد كشاعر فحل من شعراء بلي لو لم تنسب له، فكل واحد منهم أشهر من نار على علم.

اما بعض الرويايات تقول بأن الشاعر ابراهيم سالم سليمان سليم السييد البلوي قالها لظروف مرت به وهو ساري ليلاً عنده هذه السدره من أبو قزاز إلى شغب وشواق التي توفى بها هناك بسبب مرض ألم فيه ..

جمع وبحث من مصادر الكتب واعداد وتحرير
الباحث والإعلامي
ناصر بن حمد الفهيد
تويتر https://twitter.com/alfheedn