قصة القصيدة اليتيمة لدوقلة المنبجي

قصة القصيدة اليتيمة لدوقلة المنبجي

قصة القصيدة اليتيمة لدوقلة المنبجي كاملة

القصيدة اليتيمة هي من قصائد العرب الشهيرة التي تنسب إلى الشاعر دوقلة المنبجي.

سبب تسمية القصيدة بالقصيدة اليتيمة

وجاءت تسمية هذه القصيدة باليتيمة ، لكونها وحيدة فلم يكتب دوقلة غيرها، وهناك سبب اخر أيضا انها لا شبيه لها من الشعر العربي نظرا لقوة سبكها و روعة تشبيهاتها و معانيها وسلاسة صياغاتها ووضوح مقاصدها.

من هو دوقلة المنبجي

الشاعر هو الحسين بن محمد المنبجي وهو المعروف بدوقلة وهو شاعر مغمور وتنسب له قصيدة اليتيمة ووقعت نسبتها إليه في فهرست ابن خير الأندلسي في القصيدة وهي التي حلف أربعون من الشعراء على انتحالها ثم غلب عليها أثنان وهما أبو الشيص والعكوك العباسيان.

صاحب القصيدة اليتيمة

اختلف الأدباء في نسبة هذه القصيدة إلى قائلها، ورأى الدكتور صلاح الدين المنجد أن القصيدة كانت معروفة عند علماء الشعر ورواته منذ القرن الثالث هجري ورجح قول ابن المبرد أن القصيدة لا يعرف قائلها رغم أنه ذكر قول من نسبها إلى ذي الرمة ومن نسبها إلى دوقلة المنبجي وطرح حجج من نفى نسبتها إلى الاثنين.

فالذي ينفي أن تكون لذي الرمة يحتج بـ:

أن ذي الرمة شبب طول حياته بميّة، ولم يذكر أحد أنه شبب بدعد؛
موطن صاحب القصيدة هو تهامة وهي ليست موطن ذي الرمة؛
يذكر صاحب القصيدة في البيت الخمسين «الجدّ كندة» وليس ذو الرمة من كندة، وفي رواية أخرى «جدي تميم» وليس هو من تميم.

والذي ينفي أن تكون لدوقلة المنبجي يقول:

أن نسبته هي تدل على أنه من منبج وهي بلدة بين حلب والرقة في شمال الشام والقصيدة تشير أيضاً أن أن وطنة تهامة، وهو أيضاً تم تقديم له العديد من الأشياء وتم ذكر في كتب التراجم ومعاجم الشعراء وهذا ما يجعلها من الصعب التأكد من وجوده فعلاً.

ويتم نسبها إلى العديد من المصادر إلى ذي الرمة وشذ الألوسي في بلوغ الأرب وجعلها من الشعر الجاهلي تابعة جرجي زيدان في مجلة الهلال “174-14” وخلاصة القول أن القصيدة كانت معروفة منذ القرن الثالث الهجري عند علماء الشعر وأول من ذهب أنها لدوقلة هو تغلب المتوفى سنة 291 هـ.

ما نشر من القصيدة

ذكر محمد بن أيدمر المستعصمي (توفي 710 هـ) في كتابه: الدر الفريد وبيت القصيد – 20 بيت منها، ولم ينسبها.

وذكر أبو المظفر مؤيد الدولة مجد الدين أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني الكلبي الشيزري (المتوفى: 584هـ) في كتابه: المنازل والديار – 7 أبيات منها، ونسبها إلى: سعيد بن حميد المنبجي المذحجي المعروف بالدوقلة.

محمود شكري الآلوسي البغدادي في كتابه بلوغ الأرب حيث ذكر منها 12 بيتا ولم يبين قائلها.

في 1905 نشر جرجي زيدان 60 بيتا من هذه القصيدة في مجلة الهلال.

في 1925 أورد الشيخ عبد القادر المغربي قصيدة من 70 بيتا في كتابه «البينات» سماها «الدرة اليتيمة» وقال أنها لم توجد مدونة في شيء من كتب الأدب المتداولة، وإنما هي مما كتبه الشنقيطي الكبير في مجموعته بخطه.

في 1927 نشر عبد العزيز الميمني الأثري القصيدة اليتيمة من مخطوط بخزانة رامبور بالهند وبها 63 بيتا.

قصة القصيدة اليتيمة

القصة وراء القصيدة اليتيمة قصة غريبة جدا، وهي أنه كان هناك فتاة من بنات أمير من أمراء نجد بارعة الجمال أسمها دعد، كانت شاعرة بليغة، وفيها أنفة.

فخطبها إلى أبيها جماعة كبيرة من كبار الأمراء وهي تأبى الزواج وقد قطعت عهداً على نفسها أن لاتتزوج إلا برجل أشعر منها ويكتب بها ولها أجمل قصيدة ، وقد شاع صيتها بين الشعراء في أنحاء جزيرة العرب وتوافدت الشعراء من كل مكان على أن تفوز ب”دعد” واستحث الشعراء قرائحہم ونظموا القصائد لكن لن يستطيع احد من الشعراء ذلك ولم یعجبها شيء مما نظموه

وکان في تهامة شاعر بلیغ حدثته نفسه أن ينظم قصيدة في سبيل تلك الشاعرة. فنظم دوقلة تلك القصيدة…وركب ناقته وانطلق قاصدا دعد في بطحاء الجزيرة العربية في نجد

وفي طريقه لنجد وربى نجد ومن أجل دعد، قطع دوقلة المسافات، طلباً للود وبحثاً عن الجمال، وفي طريقه، قابل إعرابياً وتعارفا على بعضهما البعض وهو شاخص إليها لنفس السبب وقد نظم قصيدة في دعد.

فسأله الإعرابي إلى أين يا أخا العرب؟

فقال دوقلة إلى حمى دعد .

قال الإعرابي: هذا يعني أنك كتبت ملحمتك وأعددت نفسك للقاء الأميرة؟

قال دوقلة : نعم

قال الإعرابي: اسمعني إياها

فروى دوقلة القصيدة، وكان من عادة العرب حفظ الشعر من الرواية الأولى عند كثير من رواة العرب، ولما فرغ منها، أعجبت القصيدة الإعرابي، فرأى أن قصيدة التهامي أعلى طبقة من قصيدته، وأنه إذا جاء بها إلى دعد أجابته إلى خطبتها.

ولكنه لم يحفظها من الرواية الأولى، فطلب من دوقلة أن يعيدها عليه، فكررها ومازال يطلب منه حتى حفظ الإعرابي القصيدة.

فوسوس له الشيطان أن يقتل صاحبه وينتحل قصيدته فقتله.

عندئذ قام الإعرابي وقتل دوقلة وحمل القصيدة في قلبه لدعد، وعندما وصل لبلاط الأميرة أخبروها بقدوم شاعر من بلاد بعيدة، حيث نسي الإعرابي موطنه الأصلي عندما حل في بلاط الأميرة.

فدعا الأمير ابنته فجلست بحيث تسمع وترى.

طلبت دعد من الشاعر أن يسمعها القصيدة، فبدأ يقول القصيدة

وأخذ الشاعر ينشد القصيدة بصوت عال على جاري عادتهم إلى أن وصل لبيت في القصيدة، حفظته “دعد” (وقد كانت على قدر من الثقافة والمعرفة وحب الشعر)

فأدركت دعد من لهجته أنه ليس تهامياً، ولكنها سمعت في أثناء إنشاده أبياتاً تدل على أن ناظمها من تهامة.

فعلمت بنباهتها وفراستها أن الرجل قتل صاحب القصيدة وانتحل قصيدته.

وبعد أن فرغ الإعرابي من تلاوة القصيدة صاحت بأبيها “اقتلوا هذا، إنه قاتل بعلي”.

فتعجب من في البلاط لفكرة الأميرة وسألوها كيف عرفت أنه قتل زوجها، فقالت الأميرة، يقول هذا الشاعر في قصيدته

إن تــتهمــي فـتهامة وطني
أو تــنجــدي إن الهوى نجدُ

فالإعرابي ليس من تهامة ولا في لكنته شيء من هوى نجد.

ولكن دوقلة الأذكى من قاتله عندما أدرك أن الاعرابي لابد قاتله أضاف إلى قصيدته هذا البيت الذي كشف قاتله

و كان معنى البيت أن الشاعر من نجد بينما الأعرابي ( السارق ) لم يكن نجدياً لأنه في البداية عرف بنفسه و بمكانه الأصلي

فقبضوا عليه، واستنطقوه فاعترف…

نص القصيدة اليتيمة

هَل بِالطُلولِ لِسائِل رَدُّ
أَم هَل لَها بِتَكَلُّم عَهدُ
أبلى الجَديدُ جَديدَ مَعهَدِها
فَكَأَنَّما هو رَيطَةٌ جُردُ
مِن طولِ ما تَبكي الغيومُ عَلى
عَرَصاتِها وَيُقَهقِهُ الرَعدُ
وَتُلِثُّ سارِيَةٌ وَغادِيَةٌ
وَيَكُرُّ نَحسٌ خَلفَهُ سَعدُ
تَلقى شَآمِيَةٌ يَمانِيَةً
لَهُما بِمَورِ تُرابِها سَردُ
فَكَسَت بَواطِنُها ظَواهِرَها
نَوراً كَأَنَّ زُهاءَهُ بُردُ
يَغدو فَيَسدي نَسجَهُ حَدِبٌ
واهي العُرى وينيرُهُ عهدُ
فَوَقَفت أسألها وَلَيسَ بِها
إِلّا المَها وَنَقانِقٌ رُبدُ
وَمُكَدَّمٌ في عانَةٍ جزأت
حَتّى يُهَيِّجَ شَأوَها الوِردُ
فتناثرت دِرَرُ الشُؤونِ عَلى
خَدّى كَما يَتَناثَرُ العِقدُ
أو نضحُ عزلاءِ الشَّعيب وقد
رَاح العَسيف بملئها يعدُو
لَهَفي عَلى دَعدٍ وَما حفَلت
إِلّا بحرِ تلَهُّفي دَعدُ
بَيضاءُ قَد لَبِسَ الأَديمُ أديم
الحُسنِ فهو لِجِلدِها جِلدُ
وَيَزينُ فَودَيها إِذا حَسَرَت
ضافي الغَدائِرِ فاحِمٌ جَعدُ
فَالوَجهُ مثل الصُبحِ مبيضٌ
والشعُر مِثلَ اللَيلِ مُسوَدُّ
ضِدّانِ لِما اسْتُجْمِعا حَسُنا
وَالضِدُّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِدُّ
وَجَبينُها صَلتٌ وَحاجِبها
شَخطُ المَخَطِّ أَزَجُّ مُمتَدُّ
وَكَأَنَّها وَسنى إِذا نَظَرَت
أَو مُدنَفٌ لَمّا يُفِق بَعدُ
بِفتورِ عَينٍ ما بِها رَمَدٌ
وَبِها تُداوى الأَعيُنُ الرُمدُ
وَتُريكَ عِرنيناً به شَمَمٌ
وتُريك خَدّاً لَونُهُ الوَردُ
وَتُجيلُ مِسواكَ الأَراكِ عَلى
رَتلٍ كَأَنَّ رُضابَهُ الشَهدُ
والجِيدُ منها جيدُ جازئةٍ
تعطو إذا ما طالها المَردُ
وَكَأَنَّما سُقِيَت تَرائِبُها
وَالنَحرُ ماءَ الحُسنِ إِذ تَبدو
وَاِمتَدَّ مِن أَعضادِها قَصَبٌ
فَعمٌ زهتهُ مَرافِقٌ دُردُ
وَلَها بَنانٌ لَو أَرَدتَ لَهُ
عَقداً بِكَفِّكَ أَمكَنُ العَقدُ
وَالمِعصمان فَما يُرى لَهُما
مِن نَعمَةٍ وَبَضاضَةٍ زَندُ
وَالبَطنُ مَطوِيٌّ كَما طُوِيَت
بيضُ الرِياطِ يَصونُها المَلدُ
وَبِخَصرِها هَيَفٌ يُزَيِّنُهُ
فَإِذا تَنوءُ يَكادُ يَنقَدُّ
ولها هنُّ وليسَ ككلِّ هنٍّ
رابي المجسةِ حشوهُ وقدُ
فإذا طَعنتَ طَعنتَ في لُبَدٍ
وإذا سللــت يكـاد ينســـدُ
وَالتَفَّ فَخذاها وَفَوقَهُما
كَفَلٌ كدِعصِ الرمل مُشتَدُّ
فَنهوضُها مَثنىً إِذا نَهَضت
مِن ثِقلَهِ وَقُعودها فَردُ
وَالساقِ خَرعَبَةٌ مُنَعَّمَةٌ
عَبِلَت فَطَوقُ الحَجلِ مُنسَدُّ
وَالكَعبُ أَدرَمُ لا يَبينُ لَهُ
حَجمً وَلَيسَ لِرَأسِهِ حَدُّ
وَمَشَت عَلى قَدمَينِ خُصِّرتا
واُلينَتا فَتَكامَلَ القَدُّ
إِن لَم يَكُن وَصلٌ لَدَيكِ لَنا
يَشفى الصَبابَةَ فَليَكُن وَعدُ
قَد كانَ أَورَقَ وَصلُكُم زَمَناً
فَذَوَى الوِصال وَأَورَقَ الصَدُّ
لِلَّهِ أشواقي إِذا نَزَحَت
دارٌ بِنا ونوىً بِكُم تَعدو
إِن تُتهِمي فَتَهامَةٌ وَطني
أَو تُنجِدي يكنِ الهَوى نَجدُ
وَزَعَمتِ أَنَّكِ تضمُرينَ لَنا
وُدّاً فَهَلّا يَنفَعُ الوُدُّ
وَإِذا المُحِبُّ شَكا الصُدودَ فلَم
يُعطَف عَلَيهِ فَقَتلُهُ عَمدُ
تَختَصُّها بِالحُبِّ وُهيَ على
ما لا نُحِبُّ فَهكَذا الوَجدُ
أوَ ما تَرى طِمرَيَّ بَينَهُما
رَجُلٌ أَلَحَّ بِهَزلِهِ الجِدُّ
فَالسَيفُ يَقطَعُ وَهُوَ ذو صَدَأٍ
وَالنَصلُ يَفري الهامَ لا الغِمدُ
هَل تَنفَعَنَّ السَيفَ حِليَتُهُ
يَومَ الجِلادِ إِذا نَبا الحَدُّ
وَلَقَد عَلِمتِ بِأَنَّني رَجُلٌ
في الصالِحاتِ أَروحُ أَو أَغدو
بَردٌ عَلى الأَدنى وَمَرحَمَةٌ
وَعَلى الحَوادِثِ مارِنٌ جَلدُ
مَنَعَ المَطامِعَ أن تُثَلِّمَني
أَنّي لِمَعوَلِها صَفاً صَلدُ
فَأَظلُّ حُرّاً مِن مَذّلَّتِها
وَالحُرُّ حينَ يُطيعُها عَبدُ
آلَيتُ أَمدَحُ مقرفاً أبَداً
يَبقى المَديحُ وَيَذهَبُ الرفدُ
هَيهاتَ يأبى ذاكَ لي سَلَفٌ
خَمَدوا وَلَم يَخمُد لَهُم مَجدُ
وَالجَدُّ حارثُ وَالبَنون هُمُ
فَزَكا البَنون وَأَنجَبَ الجَدُّ
ولَئِن قَفَوتُ حَميدَ فَعلِهِمُ
بِذَميم فِعلي إِنَّني وَغدُ
أَجمِل إِذا طالبتَ في طَلَبٍ
فَالجِدُّ يُغني عَنكَ لا الجَدُّ
وإذا صَبَرتَ لجهد نازلةٍ
فكأنّه ما مَسَّكَ الجَهدُ
وَطَريدِ لَيلٍ قادهُ سَغَبٌ
وَهناً إِلَيَّ وَساقَهُ بَردُ
أَوسَعتُ جُهدَ بَشاشَةٍ وَقِرىً
وَعَلى الكَريمِ لِضَيفِهِ الجُهدُ
فَتَصَرَّمَ المَشتي وَمَنزِلُهُ
رَحبٌ لَدَيَّ وَعَيشُهُ رَغدُ
ثُمَّ انثنى وَرِداوُّهُ نِعَمٌ
أَسدَيتُها وَرِدائِيَ الحَمدُ
لِيَكُن لَدَيكَ لِسائِلٍ فَرَجٌ
إِن لِم يَكُن فَليَحسُن الرَدُّ
يا لَيتَ شِعري بَعدَ ذَلِكُمُ
ومحارُ كُلِّ مُؤَمِّلٍ لَحدُ
أَصَريعُ كَلمٍ أَم صَريعُ ردى
أَودى فَلَيسَ مِنَ الرَدى بُدُّ