بيوت الطين القديمة

بيوت الطين القديمة

بيوت الطين القديمة ذكريات وحنين

بيوت الطين القديمة في السعودية ذكريات وحنين وشعر

بيوت الطين جزء من تراث ماضي الآباء والأجداد فقد تم بناؤها في ماضي السنين وطريقة بنائها الجميل يدل على حب الآباء للعمل السليم والاعتماد على النفس .

وبيوت الطين في الواقع تختلف في بنائها وعناصرها وموادها التي تبنى منها وأشكالها التقليدية التي فرضتها طبيعة بلادنا الجغرافية في كل منطقة ، وكانت في ذلك الزمن الجميل هي البيوت السائدة والمنتشرة ، وتعتمد في عملية البناء على مادة أساسية هي مادة الطين الذي تجود بها طبيعة المنطقة ولأنه قوي ويتحمل الحرارة وشدة البرودة والأمطار ومتوفر وسهل الاستخدام والتشكيل الرائع على واجهة جدران بيوت الطين التي لها في قلوب الناس عشق ومحبة

بيوت الطين لها ذكريات جميلة وأحداث متنوعة وحنين للأيام الجميلة ومشاهد لا تنسى في حياتنا وأيام الطفولة والحارة .. حقيقة هي صور جميلة جداً .. ودائما تبقى ذكرياتها بحلوها ومرها لا تغيب عن البال وإن طالت السنين وتغيرت ملامحها .. والأجمل في هذه الذكريات عندما نترك العنان لخيالنا نجده ينطلق في سماء الماضي الرحب ويذكرنا بأيامه الخوالي فأجمل شيء هو الحديث عن أسرار الماضي وذكرياته الحالمة التي لا تنسى في حياتنا الماضية .. وكذلك الحنين للأيام الجميلة

فها هو الشاعر العربي الكبير أبي تمام في كلماته الخالدة يطلق العنان لفكره ومقلباً طرفه شوقاً إلى ماضيه الجميل ومكان نشأته وصباه لتظل أبياته محفوظة في وجداننا، حيث يقول:

نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب إلاّ للحبيب الأول

كم منزل في الأرض يألفه الفتى
وحنينه أبداً لأول منزل

فما أجمل تلك الليالي والأيام، التي عشناه في بيت الطين، بين الآباء والأمهات، والإخوان والأخوات

كانت حياة بسيطة بكل المقاييس، بسيطة في الفرش والثياب، والمأوى والكساء، والطعام والشراب؛ لكن مع بساطتها كانت كبيرة في معانيها وعبرها وتربيتها.

نفوس أهلها كانت بسيطة لكنها كانت أبية أريبة لبيبة، لا تحرص على حمل حقد ولا ضغينة ولا بغضاء ولا شحناء.

عاشوا بسطاء بكل معاني البساطة، لكنهم عاشوا عظماء يتلذذون بأيامهم وليليهم أكثر من غيرهم، تجد بينهم إقامة الدين، والمحافظة على شعائره العظام، على قلة العلم والتعليم، وتجدهم أهل إكرام للضيف، وإغاثة للملهوف، ونصرة للمظلوم، مع التعاون، والتناصح، والتآزر، والتواد.

تقول شاعرة الرس حصة عامر الرميح – ام محمد العامرية في قصيدة لها

يازين وقت فات ماهوب هالحين
يوم النوايا كلهن صافياتي

والحقد مايوجد ودايم سعيدين
ونفوسنا سمحه وسكر نباتي

وبيوتنا ونسه ولابه شياطين
مايدخله صوره ولا منكراتي

ويطرد ظلام الليل عنا سراجين
وأحيان يقضي قازهن طافياتي

مشروبنا صافي من الزير ولبين
ماهوب مستورد سريع الفواتي

ماصنعوه الغرب يافالهم شين
مابه مواد الحفظ ومسرطناتي

واعشينا مرقوق بين العشاوين
تحطه امي قبل وقت الصلاتي

لقمه هنيه طيبه طعمها زين
تحوفها بيدينها الطاهراتي

ثمن ننام الى قضينا مصلين
بعد العشا كلن يريد المباتي

وامي تنومنا بزين السباحين
سوالف من عندها طيباتي

ننام من بدري ونصحى نشيطين
بعد الشروق اشغالنا جاهزاتي

مابه كسل لأشغالنا مستعدين
ماعندنا سايق ولا خادماتي

نلبس بيوم العيد ثوب السباهين
و أمي تحنينا نماري البناتي

مقيالنا بمجببن بين بابين
فيه الهوا يطرق جميع الجهاتي

ونشب نار بالشتا ومتدفين
مافيه دفايات ومكيفاتي

ويجي المطر وثيابنا تنتلي طين
ونلعب جميع عيالنا والبناتي

يصب مثعبنا ونملى المواعين
ياحلو ذاك الماء وذيك الحياتي

ماهي حياة الحين ياشين هالحين
كله غثا وهمومنا كاثراتي

كلش يجي لك لو بكلمه تنادين
كلش توفر بس مابه حلاتي

وصلاة ربي عد ماترفع ايدين
على محمد صاحب المعجزات

تجسد “بيوت الطين” ثقافة الفرد والمجتمع وتحكي تلك البيوت صعوبة العيش السائدة في ذلك الزمان، التي تمثل كتاباً مفتوحاً من خلاله يمكن للزائر أن يعيش قصة الحياة الماضية، ويعايش هموم وتطلعات وأحلام أهالي تلك البيوت وظروف معيشتهم.

يقول الشاعر احمد الناصر الأحمد وهو يتذكر تلك الايام

فتشت انا البارح وحصلت بالدرج
مطلع قصيدة للمشاعر مثيرة

تروي حديث الطين مع شبة السرج
والقاز ريحه مختلط بالحصيرة

والحوش مع صوت البقر سترة البرج
وشرشح دجاج وعن يمينه نقيره

والسيل وسط السوق والموقف الحرج
زلقة لطيفة خطرفت له منيرة !

وبيض الدجاج بمحفر نوخر المرج
عن السليم بجنب هاك الحضيرة

وضحكاتنا لا مر مع سوقنا عرج
وسوالف الاثرم علينا خطيرة

وتقف تلك المباني الطينية القديمة داخل مزارع النخيل وعلى سفوح الجبال المحيطة بها، والتي تحكي قصة الماضي الجميل لكل من يشاهدها، وتحمل في طيّاتها الكثير من عبق الماضي.

بيوت الطين القديمة في السعودية ذكريات وحنين وشعر

وتعكس “بيوت الطين” العلاقة بين الأنسان والأرض، حيث استخدم الطين والأخشاب وسعف النخيل، وغيرها من الموارد المستخلصة من الطبيعة وعمل التشكيل الزخرفي على واجهة جدرانها بما يكرس مفاهيم التعامل والاندماج مع البيئة.

وتختلف بيوت الطين من منزل لآخر في الغالب، لكن هناك أجزاء تجدها في معظم هذه البيوت ومنها المجلس، ويسمى “المشب” لدى البعض، وهو محل استقبال الضيوف وعناية صاحب البيت، حيث يحتوي على “الكمار” الذي يوضع فيه الدلال والأباريق، ويحتوي أيضا على “الوجار” المكان الذي تشب فيه النار لإعداد القهوة والشاي، وعادة الرجال هم الذين يتولون مهمة عمل القهوة للضيوف، ومن أهم ما يميزها الأبواب جميلة التصميم والقوية.

وتحمل بيوت الطين بين جنباتها حكايات وقصص جسدت بساطة حياة الأجداد والآباء، وتروي قصص تكاتف الأسر وكانت عدة عوائل تتشارك بيت الطين الواحد، وكان من النادر أن يحصل بينها مشاكل أو خلافات، وحتى عند حدوثها كانت تُحل سريعا

كانت الغرفة الواحدة في بيت الطين لا تتعدى مساحتها 15 مترا مربعا تتسع لجلوس 15 شخصاً تقريباً، وعند النوم قد إلى 10 منهم.. كانت القلوب واسعة وطيبة ونظيفة، وحتى الأجساد كانت رشيقة بسبب العمل اليومي والتغذية الصحيحة المعتمدة على القمح والشعير والذرة والدخن والتمر واللبن عكس ما يحدث اليوم.

كانت العوائل قديما تتبادل الطعام، كثيرة وقليلة، ولا ينام الرجل إلا وقد اطمأن على جاره، وعند وجود مناسبة لأي منهم تتم دعوة القريب والبعيد، وفي المناسبات الكبيرة يتشاركون جميعاً في إعداد الطعام”.

عرفت تلك البيوت الطينية سلوكا دائما يدل على الكرم، وحتى في غياب الرجل، كانت المرأة تحل مكانه في قرى الضيف

مراحل بناء بيوت الطين

العمارة فن يؤرخ لوعي الشعوب، ويكرس مفاهيم التعامل مع البيئة وظروف عناصر الطبيعة ويعكس تاريخ الشعوب وثقافتهم وظروف معيشتهم في مختلف الأزمنة ومن هنا كانت بيوت الطين في نجد انعكاس لتراث المنطقة وعمق تاريخي يظهر تفاصيل صعوبة الحياة في هذه الصحراء التي لاتنتج إلا فصلين في السنة، إما برد قارس تغذيه هبوب الشمال، وإما حر لافح قاتل تهرب منه حتى الأفاعي، وقد فكر العقل المتعامل مع هذه الصحراء كبيئة صعبة وقاسية في إيجاد سكن يتواءم مع هذه المناخات، فوجد أن بيئته غنية بما يوفر له السكن المريح، وقام بتشييد بيته وبيت أسرته من الطين واستفاد من شجر البيئة ليوفر الراحة واستدامة الحياة وتسهيلها عبر بيوتهم الطينية.

وفي منطقتي الرياض والقصيم، كانت بيوت الطين تبنى من اللبِن المجفَّف بأشعة الشمس، وهي نادراً ما ترتفع إلى أكثر من طابقين، ما عدا بعض القصور والقلاع الضخمة، كقلعة المصمك التاريخية في الرياض. ويقوم البناء في نجد حول فناء فسيح، وتعلو جدرانه عن سطحه حوالي مترين أو أكثر وتتميز مباني هذه المنطقة بسُمْك جدرانها وارتفاع نوافذها وضيقها وفيما عدا خرط خشب الأبواب وحفر نقوش فيه وطلائه بالألوان الزاهية، وتزيين بعض أجزاء البناء بزخارف من الجبس أو الخشب المطلي، لا يلاحظ في مثل هذه الأبنية إلا زخرف بدائي بسيط.

وتقوم العمارة القديمة في نجد على مكونين رئيسين هما الطين وشجرة الأثل, وتبدأ العمارة بأن يقوم السّتاد (المهندس) الذي يخطط الأرض ويعمل الأساسات المبدئية لشكل البناء المراد إنجازه وهذا يكون في المباني الكبيرة داخل البلدان، أما المباني الصغيرة والمتفرقة ومباني بعض المزارع فهذه يقوم صاحب الشأن بخطها حسب رغبته وإمكانيته.

لبناء الطين مميزات يعرفها “استاديه” الطين، فهم مهندسو البناء أخذوها من بناء آلاف المنازل الطينية فهم مارسوها للحاجة ولبناء منازل يقيمون فيها جعلهم يحترفون البناء الآمن حيث تراعي جميع الجوانب الأمنية في تلك الأبنية لأنها مكان السكن فيجب أن تكون قوية وصامدة في وجه العوامل الجوية ولها مواصفات الأخشاب وأطوال الجدران وقياسات الحجرات التي يجب أن يقف عندها من يقيم منزلا طينيا

استخدم الطين مادة أساسية في بناء البيت ومادة الطين تتميز بأنها مادة عازلة للحرارة أثناء فصل الصيف ويكون البناء بالطين عادة إما على شكل عروق أو مداميك من اللبن تسمى (الّلبِن) ومفردها لَبِنَة، وهي مايستعاض عنه حاليا بالبلك لذا تختلف نوعيات الطين التي تقام منها المنازل وأماكنها والمدة التي يجب أن تبقى فيها خلطات الطين مغطاة قبل استخدامها بما يعرف بتخمير الطين إضافة إلى المواد التي تستخدم مع الطين لجعله متماسكا قويا.

بيوت الطين القديمة في السعودية ذكريات وحنين وشعر

يقوم الملبن بأعمال اللبن وتجهيزه حتى يجف لأعمال البناء ويقوم قبل هذه المرحلة بتجهيز الطين المستخدم وكان يجلب قديماً من مكان يسمى المطينة وهي مكان يوجد به الطين الصالح لعملية البناء وبعد تجميع الطين في شكل كومة كبيرة يقوم بفرده يتوسطه حوض لوضع الماء به وبعد تخمير الطين بالماء لمدة يوم يأتي في اليوم التالي ليضع عليه مادة قش وتسمى «الرفة» وهي تساعد في ربط الطين ببعضه عندما يجف ويقوى تماسكه ومن ثم يطلب المساعدة من أهل الفزعة في عملية خلطه بالاقدام وحيث يتم عجن التراب مع “التبن” يترك حتى يجف قليلاً ويصبح جاهزاً لعملية التلبين وتتم هذه العملية بواسطة قالب خشبي يسمى (الملبن) وهوعبارة عن أربع قطع من الخشب على شكل مستطيل مفتوح من الأعلى والأسفل وتبلغ أطواله 20*40سم حيث يضع القالب اولاً على الأرض ويضع الطين المخلوط بالتبن بداخله به ويضغط عليه قليلاً ومن ثم يقوم بسحب القالب الخشبي ليأخذ الطين الموضوع شكلاً ومقاساً ويقوم بتكرار هذه العملية مرات عديدة حسب اعداد اللبن المطلوبة للبناء

وتتم عملية بناء بيت الطين في مثل عمل المهندس حالياً بأن تحدد قطعة الأرض المراد إقامة البيت فوقها ثم يقوم بتخطيط المنزل حسب ما يراه صاحب المنزل وتقاس أطوال ومقاسات الغرف بالخطوة يلي ذلك حفر اساسات المباني على عمق متر ونصف المتر ثم يبدأ بوضع الأساس وهو من الحجارة والطين ليكون قاعدة جيدة ومقاومة للماء والرطوبة

ثم توجيه دعوة للاقارب وأفراد الحي للمشاركة في أعمال البناء وكانت تسمى قديماً فزعة البيت وبعد الانتهاء من أعمال اليوم الواحد يقوم صاحب المنزل باعداد وليمة دسمة للمتعاونين عبارة عن وجبة التمر واللبن والسمن البري أو عصيدة القمح الأسمر وتعتبر هذه الوجبة مكافأة لهم على فزعتهم في المراحل الاولى من البناء وتشمل التأسيس واقامة الجدران وبعد الانتهاء منه يترك لمدة يوم حتى يجف وذلك في الصيف أما في الشتاء فيترك يومين أو ثلاثة ثم الثاني وهكذا حتى يتم البناء بارتفاع يحدده صاحب البيت

بعد ذلك يكمل البناء أعمال المنزل ويقبل على مرحلة التسقيف ويستخدم في ذلك سيقان أشجار الأثل وجريد النخل حيث تصف هذه الأعمدة بشكل متواز يبعد العمود عن الآخر نصف متر تقريباً

يلي ذلك عمل حصيرة من جريد النخل حيث يصف ويشبك مع بعضه بحبال أعدت مسبقاً من ليف النخل ويتفنن البناء في أعمال الجريد بأشكال زخرفية جميلة تظهر في سقف المبنى من الداخل ويحسب عند البدء في أعمال السقف عمل ميول لسقف المبنى حتى لا تتجمع عليه مياه الأمطار وبالتالي دخول الماء على المنزل من الداخل

بعد ذلك يقوم بعمل فتحات على حافة السقف من أعلى ويركب عليها قوالب من الخشب أو الحديد وتسمى «المزاريم»

اما الابواب والنوافذ فتعمل من خشب الاثل أيضاً وبأشكال زخرفية تحفر على الخشب وهي عبارة عن أشكال هندسية متكررة تطلى بألوان زاهية تزيد المبنى جمالا وتضفي عليه الطابع الذي تتميز به المنطقة ويقوم بهذا العمل بالتعاون مع البناء والنجار

ويؤخذ في الحسبان عمل موقد في كل غرفة يسمى «الصلل»

وفتحة في سقف المبنى للتهوية بالغرفة من الدخان تسمى المنور

ويعمل بجانب الصلل ارفف على الجدران ترص عليها ادوات القهوة والشاي باعداد كبيرة

ثم تتم عملية التعسيف وهو عمل الدرج والتلييس بالطين وتضرب بالنورة وهكذا يكون العمل قد تم وهناك إضافات يتم وضعها إما لجمال المبنى أولحمايته وحفظه حيث تقام في بعض الغرف ما يسمى (بالدكة) وهي خاصة لكبار السن كما يوضع في جدار الغرف ما يسمى (بالكوة )وهي لوضع الكتب أوالمصباح

كما يعمل في طرف الغرفة ما يسمى ب ( الصفيف ) لوضع الأكل فوقه ولمن أراد أن يحمي بيته من الملوحة الأرضية والمياه فانه يضع ما يسمى (بالحذوة) وهي من الحجارة والطين تقام على المدماكين السفليين من الخارج.

ويطلق على كل غرفة من المنزل اسم يميزها حسب مهمتها فعلى سبيل المثال يسمى مجلس الرجال «المقهاة» وغرفة المطبخ المجبب وغرفة تخزين الطعام «السقيفة» ويؤخذ في الحسبان أثناء تخطيط المنزل أن تكون الأبواب والنوافذ باتجاه الشمال من أجل التهوية الجيدة، اما ما ينوب عن أطقم المطابخ فهو حصيرة من جريد النخل يبلغ ارتفاعها عن الأرض متراً مرفوعة بأعمدة من أشجار الاثل وتوضع عليه الأواني المنزلية وقربة مياه الشرب ويضاف لكل غرفة من المنزل ملحق يسمى البسطة وتستخدم في النوم أثناء اشتداد الحر..

كما يستعمل الطين أيضاً كخلطة في المباني لإعطاء تماسك للبن إضافة إلى استعماله في أعمال اللياسة ويستخدم بصورة أساسية أيضاً في أعمال الأسقف وهو مايسمى محلياً( بالطمام) ومن المواد الأساسية المستعملة أيضاً في بنائه (الحجر) ويدخل الحجر في أعمال الأساسات كما يشكل ويهذب على شكل قطع أسطوانية تسمى (الخرز) في أعمال الأعمدة. ومن المواد المستخدمة (الجص) ويدخل في أعمال الربط بين الحجارة على الأساسات والأعمدة كما يدخل في أعمال اللياسة النهائية بشكل جزئي أو كلي ومنه أيضاً (الجص) لعمل النقوش والأشكال الجميلة خصوصاً في المجالس والغرف والممرات والواجهات الخارجي حيث يهتم الفرد بالتشكيل الزخرفي على واجهة جدران بيوت الطين التي لها في قلوب الناس عشق ومحبة.

وتتميز بيوت الطين عن غيرها بجمال التصميم وقوة أبوابها وكانت تغلق بالمزاليج وتعمل من خشب الأثل أو من جذوع النخل وتوضع قطع الخشب بشكل طولي بجوار بعضها ويتم تثبيتها بقطع من الخشب توضع بالعرض مخرمة ليصل بينها وبين خشب الباب سيخ من الحديد ذي طبعة كبيرة على شكل دائري من جهة ومدبب من الأخرى ليتم ثنيه لتثبيت الخشب.

في المقابل للطين حسنات كثيرة اهمها انه: يعدل رطوبة الهواء اذ يملك خاصية امتصاص رطوبة الهواء الزائدة بسرعة واعادتها إليه عند الحاجة ما يعني ان نسبة رطوبة الهواء في بيت مبني بالطين تبقى نحو 50 بالمئة وهذا يؤمن مناخا صحيا على مدار السنة كما أنه يخزن الحرارة ويحتفظ بها في ليالي الشتاء، وبالتالي فإن استعماله يساهم أيضا بالحد من تلوث البيئة.

ويزداد جمال بيوت الطين في فصل الصيف حيث النخيل وأمتصاصها للحرارة

يقول أحدهم:

سقا الله بيوت الطين في حزة المقياض
نسيم يذعذع والنخل حول بيبانه

وتذكر احدى الشاعرات بيوت الطين بعد أن أتت من بيوت الشعر:

وجودي على بيت الشعر عقب بيت الطين
وجودي على شوف المغاتير منثره

بيوت الطين القديمة في السعودية ذكريات وحنين وشعر

مسميات تراثية في البيوت الطينية وأقسام البيت النجدي

القبَة (المجبَب): هي صحن الدار تطل عليها الغرف بأبوابها والتي تمثل دور الصالة لاجتماع الأسرة والأكل والشرب وتكون قريبة من المطبخ وبابها من جهة الحوش وتنطلق منها الدهاليز

الحوش: متسع من أرض البيت، يستفيد منه أهل الدار في زراعة أشجار أو تربية مواشٍ ونحوها وفي مناطق يسمونها الحوي أو القوع ويكون فيه غالباً نخلة أو نخلتين وربما حوش صغير للبقره أو الماعز أو الدجاج. وللبيت النجدي في الغالب بابان، باب مباشر للقهوة لدخول للضيوف والآخر على الحوش لدخول الأسرة والنساء.

الروش: جمعها رواشن، غرفة (أو غرفات) تكون في الطاية (السطح) اي الدور العلوي من البيت، يقطنها المتزوجون و للعرسان في الغالب

الشُرفات: مفردها (شرفة) وتبنى في أعالي الجدران وهي عبارة عن أشكال جمالية بارزة وقد تملط بالجص، أما (الزرانيق) فشكلها مختلف بعض الشيء عن الشرفات، وتبنى في زوايا الجدران من الأعلى.
إعلان

الدكَه: غرفة صغيرة، طولها بعرض مجلس الرجال، أما عرضها فلا يتعدى المتر والنصف تقريباً، وتملأ بالحطب والفحم ولها باب صغير مفتوح يكون خلف الجالس في صدر المجلس

القهوة: (وجمعها قهاوي) وتسمى الآن الديوانية، وهي أهم إجزاء البيت تكون لاستقبال الضيوف ولعمل القهوة والشاي ولتقديم الأكل، ويعتنون بزخرفتها وتجميلها وتكون عادة مرتفعة وأحياناً تصل إلى أربعة أمتار لها شبابيك (درايش) ولهوج (جمع لَهَج) وهذه تكون تحت السقف لخروج الدخان.

ويوجد مشب للنار ويسمى (وجار)، ودواليب جصّيه توضع فيها الدلال والأباريق تسمى (كمار) وعادة ما يكون الكمار على يسار صاحب القهوة لكي يكون الضيف على يمينه حيث يناولهم القهوة وفوق الوجار في السقف فتحة تسمى (سماوه) أخذ اسمها من السماء، لها غطاء مربوط بحبل قريب من الكمار يستخدم لفتحها لخروج الدخان وكذلك لإغلاقها، ويقومون بزخرفة هذه القهوة بالجص الابيض وهو الآجر المحروق يستخرج من البيئة المحلية وتفرش بالزوالي والقطائف والبسط وغيرها وعندما عرفوا الأسمنت كانوا يقومون بتسميت أرضيّة القهوة وغيرها والجدران بمقدار حوالي المتر وتسمى (وزره).

 الكوَة: فتحه خلفيَة في الجدار تسمح بدخول اليد والذراع لفتح قفل الباب الخشبي (الرتاج).

 الفاغرة: تجويف في جدران مجلس الرجال، وتكون مزخرفة ومملطة بالجص، وهي بمثابة الرَف. ويحوي المجلس عدداً منها.

– الدريشة: هي النافذة، وتصنع من الخشب، وتختلف مقاساتها بحسب أهميتها.

القوتالة: وتسمى (الطرمه) نتوء، يبنى في الجدار الخارجي للبيت على شكل مخروطي وفي أسفله فتحات يكون فوق الباب ويطل على الأبواب الخارجية للبيت لاستكشاف الطارق على الباب، وهي بمثابة برج المراقبة في القلاع والحصون

 بيت الدرج: المساحة السفلية الصغيرة الحاصلة من بناء الدرج داخل البيت، وتستخدم كمستودع، أوكدورة مياه.

 المثعب: (المرزام)، مصنوع من الخشب المجوف وعن طريقة يتم تصريف مياه الأمطار من سطح البيت إلى الشارع.

 الدهليز: وجمعها دهاليز، وتسمى (العَرصَات) بفتح العين والراء، وهي الدروب الصغيرة داخل البيت و ممر مفتوح بين غرفتين،

المقصورة: غرفة كبيرة في سطح المنزل وتكون في المزارع غالباً، وتستخدم لجلوس الرجال ولعمل القهوة خاصة في الصيف.

 الكشافة: مساحة مربعة مناسبة مكشوفة للفضاء، تكون فوق موقد النار في مجلس الرجال، وهي بمثابة المدخنة، وقد تغطى عن الأمطار.

المقرعة: حلقة دائرية من الحديد (وقد تكون على شكل آخر) تثبت على الباب الخشبي الخارجي، يقرع بها الطارق الباب

الليوان: وهو رواق ملاصق للقهوة ويفضل أن يكون من جهة الشمال حيث هبوب الهواء، ويستخدم للجلوس فيه في وقت الصيف.. وله أعمدة دائرية مبنية من الطين والخرز (حجارة صلبة).

الخابية: غرفة صغيرة خلف صاحب القهوة تكون مستودع للحطب وأحياناً يكون فيها باب صغير لداخل البيت.

الموقد: وهو المطبخ ويكون في زاوية منه حوض للحطب وأوتاد لتعليق بعض الأدوات وربما رفوف وشنطة حديد للأواني المنزلية وفتحات تحت السقف لخروج الدخان.

الصفة: وجمعها صفاف وهي غرف بدون نوافذ إلا فتحات صغيرة في الأعلى يقومون بسدّها في فصل الشتاء وإذا كانت الغرفة كبيرة فيضعوا في وسطها عاموداً، والصفاف تستخدم للنوم.

الكنيف: وهي غرفة صغيرة تستخدم لقضاء الحاجة، وتكون في أطراف البيت ولها فتحة من الخارج ليتم تنظيفه من خلالها.

الأبواب: تكون من خشب الأثل لقوته ومقاومته للظروف المناخية، وفي المدن والبلدان النجدية يقومون بزخرفتها وتلوينها ويكون لها (مجرى) لفتحها وإقفالها وعادة ما يكون من (الداخل) ومن يريد فتح الباب يدخل يده من (الكوّه) ويفتحه، والكوّه عبارة عن فتحة صغيرة بجانب الباب تكفي لدخول اليد.

وبعض الأبواب الكبيرة تكون من جذوع النخل بعد تسطيحها وتقطيعها إلى قطع كبيرة ومستطيلة محاطه من الجوانب بخشب أثل لحبكها وتماسكها.

الزخرفة: كانوا يقومون بزخرفة البيوت وذلك على حسب قدرة صاحب البيت، وأكثر ما يزين ويزخرف هي القهوة بالجص الأبيض الذي يحفر فيه دوائر زخرفية وما شابهها لتعطي منظراً جميلاً، وكذلك النوافذ والأبواب من الخارج تطلى حوافها بالجص الأبيض, ويقومون بعمل شرف في أعلى سترة السطح وتسمى في بعض البلدان زرانيق، وتكون في أعلى المنزل على شكل مثلثات صغيرة قاعدتها للأسفل ورأسها للأعلى وتكون صامته أو متدرجة واحياناً مفرغة من الداخل يتم طلاؤها بالجص

والشعر الشعبي ذكر بعض من المسميات المعروفة قديماً، فهذا حميدان الشويعر يرحمه الله قال في قصيدة معروفة ومنسوبة له:

مانع خيّال في (الدّكه)
ظفرٍ براس (المقصوره)

اقصى مايبعد (للطايه)
(والموقد) ورده وصدوره

وفي السامرية المعروفة:

جيته يقضّ العكاريش
في (روشن) مدهل له

ويقول محسن الهزاني:

(روشن) هيا له فرجةٍ من شمالا
باب على القبله وباب على الشرق

بيوت الطين لها ذكريات جميلة وأحداث متنوعة وحنين للأيام الجميلة ومشاهد لا تنسى في حياتنا وقد تغنى بها الكثير من الشعراء الشعبيين ومن قصائدهم التي تتحدث عن بيوت الطين في الماضي وجمالها وعشق الناس لها تلك القصيدة التي هاضت بها قريحة الشاعر سعد الخريجي التي يتحدث فيها عن عشق الأطلال ومنها قوله:

يا ناس ذاك البيت لا تهدمونه
خلوه يبقى للمحبين تذكار

خلوه حب سنين خلفه ودونه
في داخله قصة مواليف وأسرار

من يعشق الأطلال دمعه يخونه
لا صارت أقدامه على سكة الدار

عش الحمام اللي بعالي ركونه
رمز الوفاء، رمز المحبة، والإصرار

أن جاء قبال البيت لاتعذلونه
خلوه يبري علته لو بالاشعار

راعي الهوى لا حب تبكي عيونه
لهاجت الذكرى على ماضي صار

ياما حلى الأيام كانت حنونه
ياماحلى في مجلس شبت النار

كم عاشق صابر وحرك شجونه
عجايب الدنيا وميلات الأقدار

وفي وصف جميل وتعبير عن مشاعر شاعر عاشق للأطلال والماضي يقول الشاعر علي القحطاني:

شاهدتها صدفة على باب دكان
في سكةٍ بين البيوت القديمة

في حارةٍ ماكن حيٍ بها كان
ما باقي إلا آثارها مستقيمة

محا الزمن عنها الزخارف والألوان
تحطمت من عقب ما هي سليمة

وهذا الشاعر المشهور سليمان بن حاذور (يرحمه الله) عندما مر في أحد الأيام على أحد المنازل وسأل عن أهل الدار فوجدهم قد رحلوا فتذكرالماضي ثم فقال:

مريت بيتٍ للمحبين مقفول
جابتني القدرة على حد بابه

ونشدت جيرانه عسى البيت منزول
قالوا حبيبك راح لا واسفا به

له مدةٍ بالسوق ما شيف له زول
وبابه عليه من السوافي ترابه

وهلت دموع العين والقلب مشغول
وعند الفراق اللي حصل في غيابه

واقفيت واللي بين الاضلاع مجهول
حبٍ درسته غيب ماهو كتابه

الشاعر شجاع بن نايف القحطاني يتحدث في هذا الشأن بهذه الأبيات الرائعة :

عسى الله يذكر وقتنا اللي مضى بالخير
ويذكر هذاك البيت الابيض ومنهوله

زمان الطفوله مرّنا في ذراه عصير
وقمنا نتلاعب تو بابه ومن حوله

وطال الزمان وصار وقت الليالي غير
فرقا الولايف خلّت الكبد معلوله

الشاعر عبد العزيز الحمد العربني قال ببيت الطين:

على ذكرى الزمان اللي مضى لي هل دمع العين
تذكرت السنين الأوله والدمع همّالي

يلج ابداخلي ذكر ربوعي والزمان الزين
وفكري من هموم القلب وصدوف الزمن خالي

يورى في عيوني مجلس الشايب وبيت الطين
مداهيل الرجال اللي لهم بالطيب منزالي

مجالسهم مجالس للشجاعة والكرم والدين
تنومس راعي الطالة وتغبن كل بطالي

أخذت ابسجتي ساعة بعد مافقت مدري وين
زواني هم قلبي عقب جيت الدار بلحالي

زمان راح مايمكن يعود ودق فيه البين
أنا مالي سوى الذكرى ولو هي كدرت بالي

أسولف مع هجوسي وانشد الخاطر بحين وحين
زمان أول لحقته صدق ولا هو يورى لي

وقال الشاعر عوض القطياني العنزي

على ذاك الجدار اللي على حدّه بيوت الطيـن
وقفت وهاجس الذكرى نفض عن قلبي غباره

وقفت اطلق مدى شوفي و اناظر مفرق الدربين
واشوف الدار وعيوني تضم الدرب وجـداره

اجل هذا الجدار اللي سهريوم العرب غافيـن
اجل هذا الصديق اللى ذكرني واذكر اسـراره

انا اذكر يوم يجمعنا يغطينـا برمـش العيـن
نسج ليله وسوى به علـى عشاقـه ستـاره

حجر لكن احس انه يحـس بفرحـة القلبيـن
احس انه نفس لكن غدى جامد مـن اقـداره

حجر يوم العرب تنسى اذا مّرت عليها سنيـن
حجر يوم العرب تنسى حبيـب مبعـده داره

ولكن الجدار اللى تركته مـن هـذاك الحيـن
عرفني يوم قابلتـه وبلـل دمعـي احجـاره

جلست وهاجت الذكرى وقلت بخاطرٍمسكين
ثمان سنين فى وحشه ولا احـدن بيننـا زاره

وفا ذاك المكان اثبت بان الادمى مـن طيـن
تخيّل يوم لامسته تنهـد مـن شقـى نـاره

سألنى قال انا أذكركم تجونى بالظـلام أثنيـن
بكيت وقلت صدقنى رحل وانقطعت أخبـاره….

وقد تغنى الشاعر منصور بن عبدالله المجيدل في بيت الطين

بيوت الطين لا شفتـه تذكرنـي زمـانٍ دار
زمانٍ رغم ما به مـن قسـاوة ماحـدٍ سبـه

وهذا بيتنـا واطلالـه اللـي عـودت تذكـار
وذاك الروشن وهـذا مكـان الزيـر والقبـه

وصفة جدتي مـا باقـي الا بابهـا واجـدار
وصوت الباب يصفر كلما هب الهـوى هبّـه

وهذا ما بقى من صفة امي والغمـى منهـار
غماها من جذوع الاثل واحلى من غمى الصبّه

وهذا كان مطبخنا وهـذا هـو مشـب النـار
قبل لا نعرف الغـاز وقبـل لا تطلـع الدبّـه

وهذا هـو مجبّبنـا وهـذاك الكمـر ووجـار
وذيك الدكه القصيا وهذا الحوش نلعـب بّـه

سقى الله ذيك الايام الخوالـي ليتهـا تنـدار
سقى الله لا تجمعنا وصارت عندنـا الشبّـه

سقى الله يوم تبرق ثم ترعد والسمـا امطـار
وصوت المثعب يسورب وكنك جالس بجنبّـه

وجتنا الجدة تسبحن علينا يوم هنـا اصغـار
على شمعة سراج القاز قبل لا نعرف اللمبّـة

زمن به للطفولة في خيالـي ذكريـات اكثـار
يا ليتـه ترجـع الايـام لوقـتٍ راح واحبّـه

ولكن ما مضى هيهات يرجـع والزمـن داور
يروح الوقت مع ناسه ويبقـى ربـي وربّـه

ويقول سعود عائش الحربي

منظَر لِبيتٍ مِن الطِّيني
مقَلَّطْ.. وــفْرَه.. وسحَّارَه

عليه مرَّت طويل اسنيني
تنقل موارِيه واخباره

يا فكر يا قلب يا عيني
ذا نهْج الايام دَوَّاره

يا نفس بينك او بيني
خَلِّك على الوقت صبَّاره

ويقول حمد عبدالله الوايلي

هذي بيوت اللي لهم عصر لازال
منازل مبطي بنوها من الطين

اليوم هجرت ما بقى كود الأطلال
واثارها بقيت من مدت سنين

واللي بنوها صيتهم راح في حال
وباقي التراث مجاور شوفة العين

صناديق وسفره على العرض في جال
يا بيت وين الي سكن فيك مبطين

ويقول خالد بن ناصر المخيمر

يا زمان فات يا محلا سنينك
عاشوا بك اجدادنا وقت البساطه

ما نسينا لذتك ولا زلنا ذاكرينك
وانتذكر سفرة الخوص مع شناطه

من تشوف بيوت الطين والدمعه بعينك
ما قدامي الا صورة ابوي هيبته ونشاطه

الدكاكين ضيقه وبالدفتر مكتوب دينك
الثقه موجوده لكن العالم محتاطه

وتقول نورة الفاضل

بيتٍ قديمٍ من زمان الطفوله
يا زين وقته وبنيه وتفصاله

أحن أنا للماضي وما حوله
يوم حنا صغار وبين عمٍ وخاله

ويقول نافع مفرح البشري

ألا يا حمام ناح في عالي المرقاب
دخيلك تكف النوح بالمرقب العالي

تجاوب حمام نخيل من فوق جذع شاب
ترفق على قلب جريح على حالي

حمام على عسبان نخلٍ همالٍ غاب
وأنا أرجوك لا تلعي على جداره البالي

أنا لي ثمان سنين و أقنب قنيب ذياب
على عالي «كميت » الوفا بأول وتالي

بقايا بيوت الطين تبكي على المجباب
تهل العباير لا ذكرت الهوى الغالي

تذكرت وقت راح يوم العمر قد طاب
على أول شبابه يوم غطرف على عقالي

مشينا سوابيط عليها المطر قد ذاب
وطاحت سواكيفه على باب قيد مالي

سلامي على ذيك المباني وأهل ثلاب
وعلى كل أهلها ديرة العم والخالي

وقال أحد الشعراء

كانت بيوت الطين تبنى بلا أسوار
والجار جنب الجار راضي ومستور

بالبرد تدفيهم عن مسامر النار
وبالصيف تبرد والمهفات بالدور

ما كان شيء بينهم أسمه أسرار
بيبانهم مزلاجها عود عصفور

صدق وطيب نفوس وقلوب كبار
ورغم الفقر والجوع عاشوا على النور

ويقول محمد بن إبراهيم العمّار

حمام الورق يومه ناح ذكّرني بيوت الطِين
بيوتٍ في البلد طاحَن وعصرٍ راحت أزمانه

وإلى منّي ذِكَرته فاضت الدمعه على الخدّين
حسايف من عقب عزٍّ جرى له طاح بنيانه

سكَنّا يوم كِنّا صغار بيت الطين مرتاحين
وإلى جا الحَر كن مكيّف التبريد فا أركانه

يحيط بْنا النخل والأثل والسِدر هو والتين
وحيطانٍ كثيرٍ زرْعها خضراء وريّانه

سقى الله بالحيا دارٍ سكناها لها بابَين
على جال السَطر تدخل علينا بعض عسبانه

ذِكرت الباب أبٌو حلقَه وبَطن البيت ودْرِجْتين
مع المصباح والمصطاح والروشن وحِيضانِه..

ويقول راكان النفيعي

على ذاك الجدار اللي على حد البيوت الطيـن
وقفت وهاجس الذكرى نفض من قلبي اغبـاره

وقفت أطلق مدى شوفي وأناظر مفرق الدربين
وأشوف الدار وعيوني تضم الدرب وجـداره

أجل هذا الجدار اللي سهر يوم العرب غافيـن
أجل هذا الصديق اللي ذكرته وأذكر أسـراره

أنا أذكر يوم يجمعنا يغطينـا برمـش العيـن
نسج ليله وسوى بـه علـى عشاقـه أستـاره

حجر لكن أحسن أنه يحـس بفرحـة القلبيـن
أحس أنه (نفس) لكن غدى جامد مـن أقـداره

على الذكرى وقفت أنثر دموعي في بيوت الطين
به أغلا ذكريات العمر كله وأجمل أيامي

بها عشنا البساطه مع بعضنا بالقسا واللين
وهجرناها ولا شفنا السعاده من هكالعامي

أزور أطلال في نفي القديمه بين حين وحين
أعيد الذاكره لأيام صارت طيف واحلامي

سقاك السيل ياوادي نفي ياسلوة السالين
بنينا فيك سيسان الهوى مع ترف الاقدامي

على وضح النقا نلعب علىوضح النقا صافين
قبل مانعرف التمثيل والفديو والافلامي

ويقول سالم بن صليم القحطاني

مـا للبيـوت العـامـره طـعْـم يــا حـمـود
إذا خلَـت فـي يــوم مــن حــسّ شـايـب

بيـبـانـهـا طــرْمــا وجـدرانـهـــا سُـــــود
ويـصـفـق نـوافـذهـا قـــويّ الـهـبـايـب

فـي كـل ركـن لحزنهـا اثبـات وشـهـود
عـلــى فــــراق مـهَـوِّنـيـن الـصـعـايـب

النادريـن أهْــل الـشـرف منْـقـع الـجـود
شيبـانـنـا الـلــي يحْـسـمـون الـطـلايـب

إخـوان مـن طـاع الولـي خـيـر معـبـود
الـلــي مـكـارمـهـم مــــن الله وهــايــب

ما يعرفـون الزيـف فـي اليُسْـر والكـود
صـــدْق وبـيــاض ورحـمــةٍ للـقـــرايـب

ثباتـهـم فــي حــزة الـضـيـق مـشـهـود
وإيمـانـهـم يـــزداد عــنــد الـمـصـــايـب

كانوا هنا .. وكـان السعَـد مالـه حـدود
وكــان الـرضـا يـمـلا قـلـوب الحبـــايـب

كـانـوا هـنـا .. مفـاخـر آبـــاء وجــــدود
ونـــور وأمــــان ووقــفــةٍ فـالـنــوايـب

واليـوم كـل اللـي مضـى صـار مفـقـود
وَلا بـقــى غـيــر الـجــروح الـعـطـايـب

يا حمود لوّ أبكي سنَـه حـزن ..واجـود
بـدمـوع فـقْـدٍ مـــن عـيـونـي سـكـايـب

علـى الـذي ذكْـره مـعَ الـنـاس محـمـود
الطـاهـر الـلـي مـثـل وبْـــل السـحـايـب

أبوي .. وانت ادرى .. وَلا بالحكي فــود
مـا يندمـل جـرحـي وَلا الكـيـف طـايــب

الوضـع غيـر ومــا بــه سهــود ومـهـــود
مــن يـــوم خلّـيـنـاه حـــدْر النـصـــايـب

نـهـار غـابــت بسـمـتـه ذابـــت كـبـــود
وشفنـا مـا عفنـا فـي زمــان العجـايـب

لـيـت المنـايـا لا لـفـت تـطـلـب الـــزود
مـــا تــاخــذ الا النـاقـصـيـن الــزلايـــب

روس ٍ كساها الشيب ما صانت عهـود
ومـن ظـن فيهـا يصـبـح الـظـن خـايـب

هراجة المجلس حجا كل مقرود
بياعة الذمه بسوق الجلايب

الرجل فيهم له عضلات وزنود
هيكل فحل والقلب فالغي ذايب

ذليل لا يحذف ولا يجمع حيـــود
نقص على الأجواد حاضر وغايـب

يـا الله يـا معْطـي العطـا غـيـر مـحـدود
وإيمانـنـا بــكـ مــا دخــل بــه شـوايــب

إجـعـل مـقـرّ ابــوي فـي ظــل مـمـدود
بجـنـات عــدْن أم الغـصـون الـرطــايـب

وأحْسـن عزانـا فـيــه يــا خـيـر معـبــود
لــولاكـ مــا نصـبـر بــلا حــسّ شــايــب

ويقول الشاعر فيصل اليامي من خلال قصيدته التراثية ومنها :

ياليت ان الزمن يرجع ورى ولا الليالي تدور
ويرجع وقتنا الأول وننعم في بساطتنا

زمان اول احس انه زمانٍٍفيه صدق شعور
نحب ونخلص النيه.. وتجمعنا محبتنا

زمن ما فيه لا غيبه.. ولا حتى نفاق وزور
ياليته بس لو رجع ونسترجع طفولتنا

صغار قلوبنا بيضا..نعيش بعالمٍ محصور
ولا نعرف ابد اغراب ما غير عيال حارتنا

صحيح صغار فالتفكير لكن ماعلينا قصور
نخطط نكسر اللعبه.. وتسعدنا شقاوتنا

نروح المدرسه بدري ..ونضحك داخل الطابور
نحاول نزعج العالم في روحتنا وجيتنا

وعشان نأخر الحصه.. نخبي علبة الطبشور
نشاغب بس فالآخر.. تميزنا برائتنا

نحب الضحك والهيصه.. نحب انط فوق السور
نفرفش.. ليه مانفرفش مدام الضحك عادتنا

ولكن دارت الأيام.. وبان الخافي المستور
وصار الهم متعلي على قمة وسعادتنا

كبرناوصارت الدنيا تصف أحزاننا بالدور
وتهدينا الألم والهم غصب عن عين رغبتنا

تعبنا من بلاوينا ..أحد ضايق وأحد مقهور
وكلٍ غارق بهمه.. وفالآخر تشتتنا

وانا ما أقول غير الا وحلالاه الزمان يدور
ويرجع للورى فتره.. نعّدل وضع عيشتنا

بيوت الطين القديمة في السعودية ذكريات وحنين وشعر

اعداد وبحث وتحرير
الباحث والإعلامي
ناصر بن حمد الفهيد
تويتر

*الصور من الانترنت