قصة قصيدة ياحمام على الغابة ينوحي

قصة قصيدة ياحمام على الغابة ينوحي

كلمات و قصة قصيدة ياحمام على الغابه ينوحي

القصيدة السامرية المشهورة ياحمام على الغابة ينوحى هي قصيدة حب وعشق من شاعرها لمحبوبته

فالرجل إذا أحب امرأة فإنه يراها أميرة بين النساء بل لا يرى غيرها وتملأ عليه الوجود والآفاق ويفكر فيها وهو صاح ويحلم بها إذا نام فالحب يضع في القلب مبالغة عظيمة في تصور المحبوب واختلافه عن الناس

والرجل إذا عشق المرأة فإنه يعشقها كلها بوجهها وشعرها وجسدها ويهفو لذكرها ويصبح وقع اسمها على أذنه كتغريد البلابل وسماع أجمل الألحان، وهو إذا نطق اسمها يحس بطعم العسل ومذاق الحلا.. فاسم المعشوقة لم يعد مجرد اسم بين الأسامي.. فهو هي.. هي بكل ما تعنيه له من شوق وتوق وانبهار

إن الرجل يهوى حتى الجنون ولكن بقلب طفل

وعادة يقال أنه حين يعشق الرجل يصبح كالطفل ويتصرف على هذا الاساس مع شريكته ويسلمها قلبه وحتى وان كان عمره كبيرا فهذا من شيم الرجال وعاداتهم والملفت إن الرجل العاشق يكون رسميا مع الجميع إلا مع حبيبته.

وإن أحب يوما ما وبكى من أجلها فلن يحب أحد أكثر منه، هو بطبيعته مغامر ويتبع قلبه ويفعل المستحيل ليحصل على قلب من يحب، وهو إن أحب حقا يعلن أمام الجميع ويكون قلبه وفيا لايعرف الخيانة، هذا إن احب من اعماق قلبه.

الحب ماهو الا اشتعال المشاعر والاشواق، وهو أسمى شعور يمتلكه قلب الانسان يشعر بالسعادة والسمو الروحي له، وله قدرة عجيبة على تحمل كتمان الحب أكثر من المرأة، وقد يكون عاشقا ولم يفصح عن هذا الشعور لفترة طويلة لايتخيلها العقل، تجعل المرأة تصاب في حيرة لهذا الشخص الذي امامها

وهناك علامات الحب عند الرجل إنه يرغب بالبقاء الى جانبها لرؤيتها، ومساعدتها وإعطائها القوة لإنجاز ما تريد ودعمها ماديا ومعنويا، قد يعبر بعبارات وبكلمات جميلة وعاطفية غير مباشرة، شعوره بأنها ملكه وانظمت الى مملكته الخاصه به، ايضا الرجل المحب يحدق وينظر اليها بعمق دون أن يشعرها بذلك، ويحب النظر الى عينيها..ويعطيها الاهتمام ويبتعد عن كل شيء يضايقها في نفس الوقت يحاول أن يفعل جميع الامور كي يجعلها تلتفت له بلاغيره، علما بإن الرجل غامض بطبيعته ولا يبوح للمرأة برغبته في الارتباط دون أن يتأكد من مشاعرها، قد يكون الرجل كتوما او خجولا فيكون حبه صامتا ولايتحدث عن ماضيه أو تفاصيل حياته، ولكن هذا الرجل الكتوم إذا احب فإنه يقوم بمشاركة من يحبه كل تفاصيل حياته الحاضرة والماضية، وهذا يعتبر أقصى مايمكن ان يعبر عن حبه.

كذلك المرأة إذا أحبت زوجها أخذت تردد اسمه وتحب محضره وتبتسم له وتسعده بحضوره وتشتاق إليه بغيابه ولايمكن تفريق الحب بين الرجل والمرأة فالحب يتعلق بالانسان بمشاعره وتكوينه النفسي ولذلك يصعب تحديده وتفريقه، إنما الرجل كتوم بمشاعره لانه عندما يحب الرجال يحبون بصمت عميق

وتختلط المشاعر في قلب العاشق حين يمرض معشوقه كما في هذه القصيدة فالمشاعر مزيج من الخوف والرحمة، الحب والحنان، الأمل والتوجس، الرقة والاضطراب والضعف.. ويكاد الشعراء العاشقون يجمعون على تمني ان يكون المرض الذي أصاب الحبيب قد أصابهم هم، وان الحبيب في تمام الصحة.. وهذا نوع من التضحية وهو من نتائج الحب الصادق.

والحب يزيد مع مرض الحبيب، لأن العاشق يحس بغلاه، ويخشى فقده..

وإذا كان أجمل إطار للحب والمحبين هو الماء والخضرة والوجه الحسن، كما يقول المثل، فإن أصدق امتحان لعمق الحب هو مرض الحبيب، فمرضه كالنار تصهر مشاعر المحب من الأعماق.

قصيدة ياحمام على الغابه التي هي محور هذا العشق حدث فيها اشكالات تاريخية لشاعرها ولمن هذه القصيدة وحدث فيها شد وجذب في الاعلام السعودي قبل حوالي 40 عاما

مؤرخين كثر ذكروا ان القصيدة هي للشاعر إبراهيم بن منصور الكنعاني من شعراء عنيزة ومنهم كتاب الفنون الشعبية في الجزيرة العربية لمؤلفه محمد بن أحمد الثميري والصادر عام 1392هـ ص 61 كذلك الأديب سليمان بن محمد النقيدان صاحب المؤلفات الشعرية ومن اهمها شعراء بريدة ان قصيدة ياحمام على الغابة ينوحي هي للشاعر ابراهيم بن منصور الكنعانى من اهالى عنيزة وكتبها في زوحته شريفه

الوحيد الذي خالف المؤرخين هو الأديب عبدالرحمن بن زيد السويداء في كتابه درر الشعر الشعمي أو الشعبي خلال خمسة قرون في طبعته الاولى عام 1999م الصفحة 25 حيث قال ان قصيدة ياحمام على الغابة ينوحي للشاعر موسى بن زيد السويداء المتوفى عام 1348هـ وانه كتبها في فتاة اسمها سلمى

بينما كتاب الموسوعة النبطية الكاملة تأليف الشاعر والنائب السابق طلال عثمان المزعل السعيد أورد قصيدة ياحمام على الغابة ينوحي دون ان ينسبها لشاعر في الصفحة 168

بينما كتاب ديوان السامري والهجيني اعداد الأديب محمد بن عبدالله الحمدان أورد قصيدة ياحمام على الغابة ينوحي دون ان ينسبها لشاعر في الصفحة 145ووضع اسم الشاعرين حسب الجدل القائم وقتها إنذاك

ومن الأمانة الصحفية لدي كإعلامي أكثر من 40 عاما ان لا أحدد الشاعر الحقيقي لها طالما تجادل فيها المؤرخين ولكن سأضع رواية القصة من الجهتين

والقارئ هو من يحدد او يستشف او يشعر بشاعرها الحقيقي

الرواية الاولى ونسب قصيدة ياحمام على الغابة ينوحي للشاعر إبراهيم بن منصور الكنعاني

تقول الرواية ان هذه القصيدة قيلت قبل ١٠٠ عام وشاعرها (ابراهيم الكنعاني) من أهل عنيزة، كان يحب بنت عمه شريفة كان قد خطبها ولكنها رفضت ولم تبادله الحب..!!
‏بل تحب رجلاً آخر وكل ماحاول يتقرب منها تصده لأنها تحب هذا الآخر
ثم تركها شاعرنا وقلبه معلق بها
ولكن الآخر لم يحبها وتزوج غيرها..!!
‏فحزنت
وعاد لها المحب الحقيقي ابراهيم وقال: نتزوج ؟!
فقالت: (حتى يطيب جرحي من فلان) ! هكذا بكل صراحة!
ومع كل هذا الصدود إلا أن المحب الصادق صبر ثم تزوجها وعاشوا سعادة الحب والوفاء
وقد ذاع صيت محبتهم إلا أنه لم يمض سوى سبعة أشهر على زواجهم حتى أصابها (الجدري) الذي لم يكن له علاج في ذلك الزمان.
‏فكان يداويها ولم يعزل نفسه عنها غير مبال بالمرض لو أصابه
وقال لها: نروح لأهلك
فقالت بعد ٤٠ يوم حتى أطيب لأن فترة ٤٠ يوم هي المنجية من المرض
وأشتد عليها المرض قبل انقضاء الأربعين يوم..!!
‏وفي الأيام الأخيرة لشريفة بكاها الكنعاني بهذه القصيدة الرائعة التي في ثنايها عشق غريب فالشاعر يعلم ان معشوقته تحب غيره وأنها ذهبت حيث يجتمع البنات ويمر الشباب وقد تعبت في تسريحتها لكي يراها محبوبها جميلة جداً ومع ذلك يود منها الشاعر العاشق ان تكون له وهي تقول له بصراحة نادرة اصبر حتى تطيب جروح حبي لفلان.. وفلان هذا لا يحبها فوق هذا تصاب بالجدري ويزداد عشق الشاعر لها.. أمر عجيب في تاريخ العشاق.. وانظر كيف يذكر اسمها بحب ليحس بالنشوة والمودة والقرب!

حيث كتب ابراهيم الكنعاني قصيدته

يا حمام على الغابة ينوحي
ساجع بالطرب لا واهنيه

قلت حيه ولا كنه بيوحي
مر عجل ولا سلم عليه

واعسى السيل دايم ما يروحي
ما يفارق جفار الصالحيه

حيث ينصاه خطوات الطموحي
كل بيضاء هنوف عسوجيه

تنقض الراس لاجت بتروحي
وتنكسه لية من فوق ليه

نقضت راسها وده تروحي
قلبها مشتغل يبي خويه

يا شريفه متى ودك نروحي
يم ديرة هلك يالعوسجيه

قالت اصبر يطيبن الجروحي
شهر وعشر ودنو لي مطيه

كن في ضامري قدر يفوحي
أو غروب توامى في ركيّه

روح روحي بغت روحي تروحي
يوم قيل الغضي فيه جدريه

جيت أبشرب والى مسك يفوحي
غاسل فيه وضّاح الثنيّه

والحجب نابيٍ فوق السطوحي
والجدايل على متنه طويّه

جعل زمل يبي خلي يروحي
ينكسر في شعيب الصالحيه

قلت يا ذا الحمام اللي تنوحي
جارك الله عن الرامي نجيّه

ذكرتني صاحبي مبري الجروحي
قذلته فوق متنه هلهليه

بينما وردت القصيدة في كتاب ديوان السامري والهجيني بهذه الابيات

يا حمام على الغابة ينوحي
ساجع بالطرب لا وا هنيـــه

قلت حّيه ولا كنه بيوحــــي
مر عجل ولا سلّم عليّـــــــه

وا عسى السيل دايم مايروحي
ما يفارق جفار الصالحية

حيث ينصاه خطوات الطموحي
كل بيضا هنوف عسوجيّــــه

تنقض الراس لا جت بتروحي
وتنكسه ليّة فوق ليّه

نقّضت راسها ودّهـا تروحـي
قلبها مشتغل يبي خويــّــه

يا شريفه متى ودك نروحي
يم ديرة هلك يالعسوجيــّـه

قالت اصبر يطيبن الجروحي
شهر وعشر ودنوا لى مطيـه (1)

كن في ضامري قدر يفوحي
او غروبٍ توامى في ركيّـــه

روح روحي بغت روحي تروحي
يوم قيل الغضي فيه جدريــه

جيت ابشرب والى مسكٍ يفوحي (2)
غاسلٍ فيه وضّاح الثنيّه

والحجب نابيٍ فوق السطوحي
والجدايل على متنه طويّه

جعل زمل يبي خلي يروحي
ينكسر في شعيب الصالحيه

قلت يا ذا الحمام اللي تنوحي
جارك الله عن الرامي نجيّه

ذكرت صاحبي مبري الجروحي
قذلته فوق متنه هلهليه

قلت قوّه ولا كنه بيوحي
صد واقفى ولا رد التحيه

قال قبلك غدا ناس ذبوحــي
وين عبدالرحيم وين حيّه

الوليعي وقع في راس صوحي
طاح فوق الحصا سالت دميّه

الهوامش :-

(1) مدة العدة 40 يوم
(2) يغلي

اما الرواية الثانية والتي قالها الأديب عبدالرحمن بن زيد السويداء ونشر قصيدة ياحمام على الغابة ينوحي في كتابه درر الشعر الشعمي أو الشعبي خلال خمسة قرون ونسبها للشاعر موسى بن زيد السويداء

يقول الأديب عبدالرحمن السويداء ان الشاعر موسى بن زيد السويداء عاش ببلدة الروضة في منطقة حائل التي أصبحت الآن المدينة الثانية في المنطقة في الفترة من 1270-1351هـ حيث توفي رحمه الله بعد أن تجاوز الثمانين من عمره
وقال هذه القصيدة في شبابه وكان يحب فتاة اسمها سلمى تعيش عند أهلها بالروضة وأخوالها في قفار
وسلمى هذه توفيت نحو عام 1369هـ رحمها الله بعد أن كبرت وأسنت ولا يزال لها أحفاد ولولا الحرج لاتيت باسمها كاملاً
وعلم موسى أن سلمى سوف تسافر مع أمها إلى أخوالها في قفار الذين تواجه فلاحتهم ومساكنهم تلك التلعة التي يدعو لها الشاعر بالسقيا وهي مغاليهم ومراتع مواشيهم
فقال هذه القصيدة التي طار صيتها وغناها السمار في الروضة وحائل في ذلك الوقت
ومن المعلوم أن القصيدة إذا كان لها جرس معين وإيقاع مميز وأبيات عذبة يغرم بها الشعراء ويبنون على منوالها وانتشرت في أنحاء متعددة

وان القصيدة الأصلية هي

عز يا بارق دلا يلوحي
بالوقم بارقه ديرة رقية

أستخيله وانا بلش بروحي
أستخيله وأنا مابي شكية

يا حمام على الغابة ينوحي
ساجع بالطرب لا واهنيه

قلت حيه ولا كنه بيوحي
مر عجل ولا سلم عليه

واعسى السيل دايم ما يروحي
ما يفارق جفار الصايعية

يا حسن قل لسلمى لا تروحي
لا تغرب ديار الأجنبية

جعل زمل تبي سلمى تروحي
تنكسر في شعيب الحامرية

جيت أبا اشرب ليا مسك يفوحي
غاسل فيه مجلي الثنية

روح روحي بغت روحي تروحي
يوم قيل الغضي فيه جدرية

كن في ضامري قدر يفوحي
او غروب توامى في ركية

وربما سقط منها بيت أو أبيات لم ينقلها الرواة

ويعنى بديرة رقية قفار ورقية هذه هي رقية التميمية الكريمة المشهورة في ذلك الوقت رحمها الله وقفار التي سمع الشاعر أن المعنية سوف تتوجه إلهيا مع أمها إلى أخوالها هناك والذين يقابل مسكنهم تلعة الصايعية المعروفة حتى يومنا هذا وقد دعا لها الشاعر بالسقيا، وحسن الوارد ذكره في القصيدة هو حسن بن علي الخطيب صديق الشاعر الذي يسند عليه، والحامرية المذكورة التي يطلب أن تتكسر الإبل التي ستنقل سلمى ضمن قافلتها هي مورد يقع على مرحلة واحدة شمال الروضة بنحو 35 كيلا على طريق القوافل القديم بين الروضة وحائل وقفار، هذا المورد كانت تمر به القوافل فيروون إبلهم ودوابهم ويملأون قربهم وقد يستريحون حول الماء يتغدون أو يتعشون وقد أصبح يقرب هذا المورد الآن بلدة الحامرية وسبب حرص الشاعر على عدم ذهاب سلمى لغرض في نفسه إلى جانب سماعه أن قفار قد انتشر فيها مرض الجدري، فتصور أنها ستصاب بهذا المرض

وعندما ظهرت القصيدة قال الشاعر فرج بن مبارك الغريس من أهل الروضة – حائل بيتاً لقب على أثره الشاعر موسى بالكلمة التي وردت فيه حين قال فرج:

يا وليد العرب واثرك نذوخي
قاعد في طريق العسوجية

وتعلق لقب النذوخ بالشاعر موسى إلى أن توفاه الله

وقد قال فيه أحد الشعراء:

مريت أنا يا خليف موسى النذوخي
والشايب اللي طايحات ثناياه

والنذخ هو التجمل من الرجل ليلفت أنظار النساء إليه ومن المرأة لتلفت أنظار الرجال إليها يقال نذخ الرجل ينذخ نذخاً فهو نذوخ ونذاخ وهذه الكلمة شائعة في منطقة حائل

الى هنا انتهت الروايتان للقصيدة ونسبها للشاعرين

وانت عزيزي القارئ تحدد بشعورك واحساسك بعد قراءة القصتين والنصوص عن القصيدة الصحيحة وشاعرها الحقيقي

جمع وبحث من مصادر الكتب واعداد وتحرير

الباحث والإعلامي

ناصر بن حمد الفهيد

تويتر https://twitter.com/alfheedn