قصة قصيدة يا بيت عاتكة

قصة قصيدة يا بيت عاتكة كثرة من سلسلة قصص سالفه وقصيده من الحياة قديمة مكتوبة بالعربية

القصيدة هي للشاعر الأحوص الأنصاري

عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت الأنصاري، من شعراء العصر الأموي، توفي ب دمشق سنة 105 هـ/723 م، من بني ضبيعة، لقب بالأحوص لضيق في عينه، شاعر إسلامي أموي هجّاء، صافي الديباجة، من طبقة جميل بن معمر ونصيب، وكان معاصرا لجرير والفرزدق.

من سكان المدينة، وفد على الوليد بن عبد الملك في دمشق الشام فأكرمه ثم بلغه عنه ما ساءه من سيرته فرده إلى المدينة وأمر بجلده فجلد ونفي إلى دهلك وهي جزيرة بين اليمن والحبشة، كان بنو أمية ينفون إليها من يسخطون عليه.

بقي بها إلى ما بعد وفاة عمر بن عبد العزيز وأطلقه يزيد بن عبد الملك، فقدم دمشق وعاش بها بقية حياته وكان حماد الراوية يقدمه في النسيب على شعراء زمنه.

أمّا عن مناسبة قصيدة “يا بيت عاتكة الذي أتعزل” فيروى بأن الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور زار في يوم من الأيام قام بزيارة المدين المنورة، وأقام هنالك لمدة شهر، وعندما وصل إليها طلب من رجاله أن يحضروا له رجلًا فصيحًا متكلمًا عالمًا بالمدينة وسكانها، لكي يخبره بمواقع بيوت بني هاشم فيها بعد أن هاجروا إليها من مكة المكرمة، فاختار له رجاله أعرابيًا، وكان هذا الأعرابي حافظ واع، ولكن قبل أن يحضروه له أفهموه بأن لا يتحدث إلا إن أذن له الخليفة بالكلام أو وجه له سؤالًا، وإن لم يفعل ذلك فإن عليه ان يبقى صامتًا، ومن ثم قدموه إلى الخليفة، فاختبره الخليفة ووجده فطنًا ذكيًا.

وفي اليوم التالي خرج الخليفة، وكان معه هذا الأعرابي، وأخذ الخليفة يمشي في المدينة، وكان كلما سأل هذا الأعرابي سؤالًا أجابه عنه بأحسن جواب، فأمر أحد رجاله أن يعطيه عشرة آلاف درهم، وأصبح كلما خرج يأخذ هذا الأعرابي معه، وقبل أن ينقضي الشهر وفي يوم وبينما هما يسيران، ومن دون أن يسأل الخليفة عن شيء، قال الأعرابي: يا مولاي، إن هذا بيت عاتكة بنت عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان الذي أنشد فيه الشاعر الأحوص الأنصاري:

يا بَيتَ عاتِكَةَ الَّذي أَتعزَّلُ
حَذَرَ العِدى وَبِهِ الفُؤادِ مُؤَكَّلُ

أَصبَحتُ أَمنَحُكَ الصُدودَ وَإِنَّني
قَسَماً إِلَيكَ مَعَ الصُدودِ لأَميَلُ

وَلَقَد نَزَلتَ مِنَ الفُؤادِ بِمَنزِلٍ
ما كانَ غَيرُكَ والأَمانَة يَنزِلُ

وَلَقَد شَكَوتُ إِلَيكَ بَعضَ صَبابَتي
وَلما كَتَمتُ مِن الصَبابَةِ أَطوَلُ

فَصَددتُ عَنكَ وَما صَدَدتُ لِبغضَةٍ
أَخشَى مَقالَةَ كاشِحٍ لا يَعقِلُ

هَل عَيشُنا بِكَ في زَمانِكَ راجِعٌ
فَلَقَد تَقاعَسَ بَعدَكَ المُتَعَلِّلُ

إِنّي إِذا قُلتُ استَقامَ يَحُطُّهُ
خُلفٌ كَما نَظَرَ الخِلافَ الأَقبَلُ

لَو بِالَّذي عالَجتُ لينَ فؤادِهِ
فَأَبى يَلينُ بِهِ لَلانَ الجَندَلُ

وَتَجَنُّبي بَيتَ الحَبيبِ أَوَدُّهُ
أُرضي البَغيضَ بِهِ حَديثٌ مُعضِلُ

وَلَئِن صَددتُ لأَنتَ لَولا رِقبَتي
أَهوى مِن اللائِي أَزورُ وَأَدخُلُ

وعندها تعجب الخليفة من أن الأعرابي بدأ بالكلام على غير عادته من دون ان يسأله الخليفة، فأخذ يتذكر أبيات القصيدة، حتى توقف عند بيت فيها يقول فيه الأحوص:

وأراك تفعلُ ما تقولُ وبعضُهُمْ
مَذِقُ اللسانِ يقول ما لا يفعلُ

فنادى الخليفة خادمه الذي كان قد أمره بأن يعطيه العشرة آلاف درهم، وسأله إن كان قد أعطاه إياها، فأخبره الخادم بأنه لم يعطيه إياها، فقال له: ويلك، أعطه إياها، وأعطه خمسة آلاف فوقها، فتعجب الخادم، وتوجه إلى الأعرابي، وقل له: إن لم تخبرني كيف توسلت إلى الخليفة في طلب مالك فلن أعطيك شيئًا، فأخبره بأنه قد أنشد أمامه قصيدة، وأخبره بالبيت الذي كان قد قصد أن يقوله للخليفة، فقال له الخادم: وكيف تيقنت من أنه سوف يفهم قصدك؟، فقال الأعرابي: لأني أعلم بذكائه، ومعرفته بالشعر.