قصة قصيدة الحنظله لو هي على شاطي النيل

قصة وكلمات قصيدة الحنظله لو هي على شاطي النيل من سلسلة قصص سالفه وقصيده من الحياة قديمة مكتوبة بالعربية

قصيدة الحنظله لو هي على شاطي النيل القائل هو الشاعر عبد الله العنقري المشهور بلقب ( لويحان)

واسمه بالكامل هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان العنقري التميمي، واشتهر باسم (اللوح) أو (لويحان) وقد صدر له ديوان واحد عام 1400 هـ بعنوان (روائع من الشعر النبطي).

ويقال أن اسم لويحان أو ابن لويحان اكتسبه من لقب أطلق على أحد أجداده الذي كان لشدة كرمه يلوح لعابري السبيل راجلين أو على ظهور الإبل ، بثوبه ” المرودن ” لاستضافتهم وإكرامهم فسمي بـ ” لويحان “.

وقد عاش لويحان في بلدة ” نفي ” جنوب القصيم بداية حياته ثم انتقل إلى الكويت لطلب الرزق ، عمل بالغوص عشر سنوات ثم عاد إلى بلدته في نجد حيث امتهن الزراعة ثلاث سنوات ، انتقل بعدها إلى بريدة ومكث فيها 12 سنة يعمل بتجارة الإبل ، وعمل مسؤل الخيل والركاب في قصر الحكم ببريدة عند أمير القصيم مبارك المبيريك. ومات ابنه عبدالرحمن في القصر لأنه أشعل سراجًا وأراد تعليقه فانكفأ عليه فاحترق-رحمه الله- وكان يقضي بعض وقته مع بعض أصحابه في مدينة عنيزة ويتردد على الرياض للسلام على الملك / عبدالعزيز ويلقي أمامه بعضاً من قصائد المديح والحماسة ، وفي شهر رمضان من عام 1353هـ أرسل الأمير / محمد بن عبدالعزيز – رحمه الله – السيارات لنقله هو وأسرته من بريدة إلى مكة المكرمة ليستقر في حي الشامية ، أحد أحياء مكة المكرمة .

شارك في حصار الرغامة ، وفي فتح المدينة المنورة برفقة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالعزيز كما شارك في فتوحات الجنوب برفقة الملك فيصل بن عبدالعزيز ..

في عام 1402هـ فاجأه المرض في محافظة الدوادمي ونقل الشاعر الكبير بطائرة الإخلاء الطبي من الدوادمي إلى المستشفى العسكري بالهدا بمحافظة الطائف حيث توفى رحمه الله في 25/11/1402هـ عن تسعين عاماً ،بعد أن تزوج من 11 امرأة ، له من الأبناء 10 ومن الأحفاد 46 حفيداً

قصة القصيدة

الأمثال الشعبية عصارة فكر الشعوب، ودليل على بعدهم الفكري والثقافي، وقوة الملاحظة والتدقيق، والقدرة على استشراف المستقبل، وتكثيف اللغة من خلال مقولة مختصرة تغني عن مؤلفات من الكتب، ونحن عندما نورد مثل هذا المثل الشعري نذكر من خلاله الى عمق التجربة وقوتها، وندوّن للمتتبع لصفحتنا خلاصة الجهد عبر بيت شعري اصبح مثلا يورد ويستشهد به في أحاديثنا اليومية بالاضافة الى ابيات اخرى تعزز هذا المفهوم الذي نقوم بتوثيقه، فتردد على الألسنة عبر الأجيال لما امتلأ به من معنى وإشارات ونتائج وتلخيص فتطابق في التمثيل والدلالة.. فالحنظلة لاريح لها، لذلك لاتستدل في حال جهلك بها على مضمونها، وإن تذوقتها وجدت المرارة الشديدة التي لاتفارق لسانك أياما! , وكذا الإنسان أعمى البصيرة المختوم على قلبه لن ينفعه كثرة النصح، أو اللوم والعتب..

وهنا يشير الشاعر بدهاء وحنكة الى (الحنظله) تسمى نبتة الشري المرة وهي نبتة برية شديدة المرارة والتي لو نقلتها من مكانها الجاف في الصحراء، ووضعتها على شاطئ نهر النيل العذب ذلك النهر الخالد في أرض الكنانة، ذي العذوبة والنقاء فلن يغير في طعمها شيئا.. ويزاوج بين الاثنين (العذوبة والمرارة) في إشارة من الشاعر إلا ان السيئ مهما حاولت تحسن فيه لا تستطيع حتى لو أتيت به إلى أفضل الأماكن وأكثرها خيراً ونفعاً فإنه سيبقى سيئاً!

والقصيدة في مجملها من أجمل قصائد الحكمة وفيها الخلاصة في النظر إلى الرجال ووضعهم في ميزان الحكم، ويستهل الشاعر قصيدته بشطر فيه التحدي والثقل الشعري الشيء الكبير والمثير عبر قوله:” كل يجي شعره بحسب اقتـداره” ثم يعزز ذلك بعمق المعنى من خلال قوله:” من عاش ينظر بالسنيــن المـقـابيـل*** يذوق من عقب البرودة حـــراره” ليذهب بعد هذا البيت إلى لب القول وبسط فكرته البديعة عن الناس والحياة، ونلاحظ في القصيدة أن رغم عمقها ودلالتها الجميلة وحكمتها إلا أنها سهلة الفهم خالية من المفردات الصعبة أو الإبهام في التراكيب الشعرية، وهذا من أجمل وأصعب الشعر.. أن تصوغ البيت بطريقة السهل الممتنع الذي لايجيد نظمه إلا كبار الشعراء

ومما قيل في سببها هو أنه عندما زار مصر خرج ذات يوم الى منطقة “القناطر الخيرية” مع بعض اصدقائه ولما وصلها وجدها مليئة بالاشجار والماء العذب والمناظر التي تبهج النفس .. ومما شاهد قطعة من الفاكهه مستديرة الشكل تشبه البطيخ (أي الحبب – الجح – الرقي) فأخذها وقام بتقطيعها وتناول قطعة منها على أنها (حبب) ولكنه لما ذاقها وعرف مرارتها علم أنها حنظلة لذا اوردها في القصيدة التي نظمها

بينما قال بعض الرواة ان لويحان اعاد صياغة بيت شاعر نجد القاضي التي مطلعها إلى افكرت بالدنيا تكدر لى الصافي والبيت الذي فيها

فالعوشزة لوْ هي على النِّيل ما اثْمرت

إلا بقُـوّ الشوك والغصْن غرْيافي

ويقال ان لويحان استنسخ معنى القاضي وبدل أسماء الشجر (العوشزه-الحنظلة) فالقاضي ركز في التدليل على حاسة اللمس ولويحان حولها للتذوق

كلمات القصيدة

شعرٍ مثـل يافاهميـن التماثيـل
كلٍ يجي شعره بحسـب اقتـداره

من عاش ينظر بالسنين المقابيـل
يذوق من عقب البـروده حـراره

الطيب يخلق مع قلوب الرجاجيـل
ماهوب في بنك التجـاره تجـاره

والرزق من عند الولي بالتساهيل
ماهـوب بالقـوه ولا بالشطـاره

من عاش في حيله وكذب وتهاويل
ياسرع من عقب الطلوع إنحداره

والشور ماينفع قلـوب المهابيـل
كالزند وان حرك تطاير شراره

لو تامره بالعدل يعرض عن الميل
يبتـّل على رايه بربح وخسـاره

والطبع ما ينزال غيـره بتبديـل
مثل الجدي مرساه ليله نهـاره

والحنظلة لو هي على شاطئ النيل
زادت مرارتهـا القديمـه مـراره

هـذا مثـل يافاهميـن التماثيـل
كلٍ يجي شعره بحسب اقتـداره