ذبحة دخيل البيت عيب وعذروب

ذبحة دخيل البيت عيب وعذروب

كلمات و قصة قصيدة ذبحة دخيل البيت عيب وعذروب كامله مكتوبة



سعة الفضاء الذي يعيش فيه البدوي منحته سعة الصدر، وقسوة الحياة روضته ومنحته بعداً في التفكير، ولأن لكل سلوك ضد فعلى الجانب الآخر من حياتهم من العنف ما يبرر لاعتماد قيم تخفف من الحدة التي تعززها الحاجة ونفوذ الاقوياء

ومن قصص البدو الاولين قديما قصة عن اصالة البدو وتعاملهم مع الدخيل وعادات البادية الاولين وتقاليدهم في الماضي التي لازالت ولم تندثر هي حماية من الملتجأ بهم والوقوف معه ورد الضرر عنه ولو بالنفس !

كانت نشاطات القبائل البدوية سابقا مابين ترحال وغزو ورعي !

والغزو يكون على شكل جماعات تفوق العشرين رجال وهذي يطلق عليها جيش وهي منظمه وتغزو باسم القبيلة

وعلى غرارها هناك مجموعات صغيره قد تكون فرد تقاتل وتنهب لنفسها ولامرجع لها ولامدافع عنها لو قتلت

وتسمى هذه الجماعات ( حنشل )

طريقة نهبهم يرسلون واحد الى الإبل ويبدأ بإخراج الطيب منها ويعزله عن الباقي من الذود

ويسمى الشخص هذا بـ ( الحايف وفعله يحوف الابل اي ينتقي خيارها )

ومهما قيل عن قسوة المجتمع البدوي وغلظة أهله فهي مسألة فيها نظر فكم غلب العفو على الانتقام

فللعفو قيمة اجتماعية عظيمة عند البدو يجسدها كثير من المرويات والأعمال الشعرية

ومن أجمل ماقدمت لنا البادية في هذا قصة البجيدي عمران من قبيلة عنزة مع دخيل البيت قاتل ابنه وفعل زوجته

وهذه القصة رواها الشاعر والأديب والمؤرخ للقبائل عامة وقبيلة عنزة خاصة الأستاذ عبدالله بن دهيمش بن عبار العنزي في كتابه «قطوف الأزهار» كما رويت ببعض المصادر الاخرى نقلا عنه

تقول القصة



كان عمران البجيدي العنزي من الرجال المعروفين بطيبهم وكرمهم وشجاعتهم وبدأت القصة بأن كان له ولد اسمه ساير الذي كان يطلع مع الحلال (الماشية من الغنم والإبل) ليحميه من شر الغزو الذي كان سائدا عند البدو

وكانت إبل عمران البجيدي بمرعاها وكان ولده ساير يحط العين عليها من جيش او حنشل حتى ماتنهب

وفي اللحظات اللي غفل عنها ساير نزل حايف الحنشل ودخل بوسط الإبل وقام يطلع منها خيارها عشان ينهبه

وبرجعة ساير شاف هالحايف يريد ان يسرق من الحلال

فحاول ساير أن يتصدى له ويخرج بندقيته الا ان السارق كان اسرع منه وبادره باطلاق النار يريد أن يخيفه لكي يستطيع الهرب فإذا به يطلق رصاصة وتصيب طلقته ساير وتذبحه

شعر هذا السارق بورطته حيث كان بديرة البجايدة (في أرضهم) فركب فرسه وهرب

لكن الطلب ( مجموعة من القبيلة تلاحق الغازين ) قاموا يطردون الحايف هذا

الحايف كان هروبه باتجاه ديار عمران البجيدي ابو ساير المذبوح !

وأول ما قرب من العرب بحث عن اكبر بيت فيها ليكون دخيل عليه ( البيوت الكبيرة سابقا لاتخص الا كبار القوم ومن لهم كلمه ولديهم منعه وقادرين على حماية الملتجأ بهم )

والدخيل في المصلح البدوي هو أن يجلس الرجل عند إحدى القبائل ليؤمنوا له الحماية رابطين حياته بحياتهم وموته بموتهم

ودخل على البيت وإذا به يدخل عند عمران أبو القتيل ساير ويقول له:

دخيل يا رجل

فقال له كالعادة :

دخلت

بعده وصلوا المطاردين له وقالوا لعمران ان دخيل بيته ذبّح ولده ساير ولازم يذبحه !

وإذا بعمران يحس بالفجيعة قتل ولده وقاتل ولده دخيل عنده !!!

فأحس عمران بالضعف بعد هذه الفاجعة وهو بين أمرين قتل القاتل بثأر القتيل أو العفو إكراماً للدخيل وصوناً لحرمة البيت ولكنه فكر في العفو أكثر من التفكير في الانتقام غير أنه تردد في اتخاذ القرار وعاد ليجمع قواه قائلا:

هذا ذبح ساير وساير قتيل مثل أي قتيل من الناس توكلوا على الله

طرد عمران جماعته فالرجل دخل عليه ولايهم جرمه الحين !

وجلس عمران يصفق كف بكف ولايعلم صواب اللي يسويه من خطاه !

فأبقى على حياته وأضافه عنده

عرفت ام ساير وسمعتهم من خلق الشق ان دخيلهم ذبح ولدها

وبعد ماراح الناس من عند زوجها وبقي هو ودخيله دخلت عليهم مجلسهم وتقبل عليهم وهي أم القتيل

فخاف عمران من أن تكون زوجته قد خبأت خنجرا لتقتل به الدخيل

واول ماشافها عمران وقف وصار قدام دخيله وهي تمشي له

ورغم ما يعرف من اتزانها ورجاحة عقلها إلا أن مثل هذا الموقف لا يخضع للعقل فأوجس خيفة من سرعتها

وقال وش عندك يا مرة ولم تتكلم وهي تبكي وما ردت عليه حتى وقفت قدامه

كان اكبر خوف لعمران انها تؤثر في قراره وتغير رأيه وتشاور بذبحة دخيلهم والأخذ بثار ولدهم او انها تذبج الدخيل هي لجزعها على ابنها

إذا بها أقوى وابعد من نظرة زوجها

وارتجلت له هذه الابيات وعبرت عن رايها ومشورتها لزوجها بالامر :

الحمد للباري صـدوق المخايـل
اللي بلانا بالليالـي بـلى أيـوب

أدخل دخيل البيت لو كـان عايـل
لو كان لأبني مهجة القلب مطلوب

ما يستوي لك يا رفيع الحمايـل
ذبحة دخيل البيت عيب وعذروب

أعتق رقبته يا ذعـار السلايـل
عفو ٍعن المحروج حق وماجوب

تكسب بها ناموس بيـن القبايـل
وما قدر المولى على العبد مكتوب

والصبر خطه عند الأجواد طايـل
والأجر عند الله مسجل ومحسوب

جمع وبحث من مصادر الكتب واعداد وتحرير
الباحث والإعلامي
ناصر بن حمد الفهيد الأسعدي
تويتر https://twitter.com/alfheedn