كيف أنقذت الهمزة حياة أبي نواس

كيف أنقذت الهمزة حياة أبي نواس

يحكى أن لدى هارون الرشيد جارية ذات جمال فائق وحسن تدعى “خالصه” فكان يحبها حبًا شديدًا

فقام هارون الرشيد باستدعاء الشاعر أبو نواس عنده في المجلس لكي يلقي الشعر بوجود الجارية خالصة

وعندما شرع أبو نواس في قصيدته تجاهله الخليفة، وعندما انتهى من إلقاء الشعر لم ينظر إليه الخليفة أو يمدح شعره على الرغم أن الشاعر أبو نواس قال أجمل ما لديه عند الخليفة

فغضب أبو نواس غضبًا شديدًا وهو يعلم أن هارون الرشيد مشغول بحب خالصة وتجاهل شعره.

أهدى الخليفة هارون الرشيد عقد مرصع بالمجوهرات والذهب للجارية أمام أبو نواس

ولم يكافئ الخليفة أبو نواس شيءً على الشعر الذي قاله في المدح ولا حتى استحسن شعره

فاستأذن أبو نواس من الخليفة هارون الرشيد بالانصراف

فانصرف وذهب إلى حجرة الجارية خالصة وكتب على الباب:

لقد ضاع شعرى على بابكم

كما ضاع عقدٌ على صدر خالصه

وبعد أن ذهب أبو نواس إلى بيته

فرأت جارية هارون الرشيد “خالصة” ما كتبه الشاعر أبو نواس على باب حجرتها وغضبت غضبًا شديدًا

وذهبت للخليفة هارون الرشيد لكي تشكي له عن ما كتبه أبو نواس

فجن جنونه وأمر حاشيته بإحضار أبو نواس لكي يعاقبه على ما فعل

وعندما علم أبو نواس أن هارون الرشيد غاضب فعلم سبب غضبه

وذهب للخليفة مع الحاشية وقبل الدخول إلى مجلس الخليفة مر من أمام حجرة خالصة فموسع العين لتصبح بدل ضاع ضاء فيتغير المعنى من ذم إلى مدح

فدخل إلى الخليفة فقال له:

لقد طلبتني أيها الخليفة هارون الرشيد لأمرٍ ضروري.

فقال له هارون الرشيد:

ما الذي كتبته على باب حجرة خالصه؟

فرد عليه أبو نواس:

لم أكتب إلا كل خير ومدح يا أمير وهذا الشيء لا أرى فيه أي سببًا للغضب يا سيدي!

دعنا نذهب لكي نتأكد من ذلك؟

فقال له هارون الرشيد والله لو كذبت لقطعت رأسك!

فذهبوا جميعًا إلى حجرة خالصة وهنا رأى الخليفة سرعة ذكاء أبو نواس وتغييره لمعنى الكلمة فأصبح البيت:

لقد ضاء شعرى على بابكم
كما ضاء عقدٌ على صدر خالصه

فضحك هارون الرشيد وقال للشاعر أبو نواس:

والله! يا خبيث لقد علمت أنك مسحت تجويف العين لكي تغير المعنى

وأنا معجب أشد الإعجاب بدهاؤك

فكان معجبٌ أشد الإعجاب بذكاء أبو نواس وأمر أحد رجاله بأن يكافئ الشاعر أبو نواس الحاجب بكيس من الدنانير

فأخدها وغادر

ويسمى ما فعله أبو نواس بالمواربة، إذ حوّل العين إلى همزة، فتحول المعنى من الضياع إلى الضياء.

وتقول الكتب إن خالصة عندما رأت صنع أبي نواس قالت الجملة التالية: “هذا شعر قُلِعت عيناه فأبصر”.