الصحابي سالم مولى أبي حذيفة

قصة الصحابي سالم مولى أبي حذيفة

سالم مولى أبو حذيفة (المتوفى سنة 12 هـ) صحابي يُعدُّ في المهاجرين، شهد المشاهد كلها، وشارك في حروب الردة، وكان من بين القراء الذين استشهدوا في معركة اليمامة

مهاجر وأنصاري

سالم مولى ابي حذيفة هو أبو عبد الله سالم بن عبيد بن ربيعة، مولى أبي حذيفة، وكان من أهل فارس من إصطخر، من فضلاء الموالي ومن خيار الصحابة وكبارهم، وهو معدود في المهاجرين لأنه لما أعتقته مولاته زوج أبي حذيفة تولى أبا حذيفة، وتبناه أبو حذيفة، ولذلك عُدَّ في المهاجرين، وهو معدود أيضًا في الأنصار في بني عبيد لعتق مولاته الأنصارية زوج أبي حذيفة له. وفي العجم لما تقدم ذكره.

كان من أهل إصطخر ببلاد فارس وقد وقع عليه سباء فحمل إلى مكة فاشترته ثبيتة بنت يعار، زوجة أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشي، ثم أعتقته فتبناه أبو حذيفة، وكان من أوائل المهاجرين إلى المدينة.

سيرته

كان سالم عبدًا فارسيًا من إصطخر لامرأة من الأنصار تُدعى ثبيتة بنت يعار الأوسية. أعتقت ثبيتة سالمًا، فوالى سالم زوجها أبي حذيفة بن عتبة الذي أحبّه وتبنّاه، وزوّجه من ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وعاش سالم في كنف أبيه بالتبني أبي حذيفة، حتى نزل قوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا بتحريم التبنّي. بعد التحريم، جاءت سهلة بنت سهيل امرأة أبي حذيفة إلى النبي محمد، فقالت: «يا رسول الله، إن سالمًا معي، وقد أدرك ما يدرك الرجال»، فقال: «أرضعيه، فإذا أرضعته فقد حرم عليك ما يحرم من ذي المحرم». قد ذكرت أم سلمة زوجة النبي محمد أن أمهات المؤمنين أبين أن يدخلن أحد عليهن بهذا الرضاع، وقلن إنما هي رخصة لسالم خاصة.

قراءة القرآن

كان سالم حريصًا على حفظ القرآن، حتى أنه كان يُقدّم للإمامة في الصلاة على المهاجرين في قباء قبل قدوم النبي محمد إلى يثرب، لأنه كان أقرأهم للقرآن. وقد كان سالم حسن الصوت حسن القراءة، وقد أثنى النبي محمد على قراءته، في حديث نبوي رواه إبراهيم عن مسروق عن عبد الله بن عمرو عن النبي محمد، أنه قال: «استقرئوا القرآن من أربعة، ابن مسعود، وسالمًا مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل».

جهاده

منذ هاجر النبي محمد ﷺ إلى يثرب، حتى لازمه سالم كغيره من المسلمين، وسمع من النبي محمد أحاديث رواها عنه ثابت بن قيس بن شماس وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص. وقد آخى النبي محمد بينه وبين معاذ بن ماعض الأنصاري، وشارك مع النبي محمد في الغزوات كلها. وبعد وفاة النبي محمد وارتداد بعض القبائل، شارك سالم في حروب الردة. وفي سنة 12 هـ في معركة اليمامة التي وقعت في خلافة أبو بكر الصديق، كان سالم صاحب راية المهاجرين. لما اشتدت المعركة، انتكست قوات المسلمين في البداية، وتراجعوا. فزع سالم من ذلك، وصاح في المسلمين: «ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله ﷺ»، وحفر لنفسه حفرة، وثبت فيها يذُبُّ عن الراية حتى قُتل. وقد وُجد سالم يومها هو ومولاه أبو حذيفة صرعى، رأس أحدهما عند رجلي الآخر.لما قُتل سالم، أرسل أبو بكر بميراثه إلى مولاته ثبيتة، فأبت أن تقبله، فجعله في بيت مال المسلمين. ويُذكر أن عمر بن الخطاب حين أوصى للستة الذين جعل أمر الخلافة شورى بينهم، أنه قال: «لو أدركني أحد رجلين، ثم جعلت إليه الأمر لوثقت به سالم مولى أبي حذيفة، وأبو عبيدة بن الجراح».

فضل سالم مولى أبي حذيفة

وكان إمام المهاجرين بالمدينة, فعن ابن عمر قال: لما قدم المهاجرون الأولون العصبة موضع بقباء قبل مقدم رسول الله كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة وكان أكثرهم قرآنًا.

وعن عمر  قال: سمعت رسول الله يقول: وذكر سالم مولى أبي حذيفة فقال: “إن سالمًا شديد الحب لله تعالى”.

عن قتادة قال: أصيب النبي يوم أحد وكسرت رباعيته وفرق حاجبه فوقع وعليه درعان والدم يسيل فمر به سالم مولى أبي حذيفة فأجلسه ومسح عن وجهه فأفاق وهو يقول: “كيف بقوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى الله”, فأنزل الله تبارك وتعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128].

قال عنه عمر بن الخطاب وهو يموت: “لو كان سالم حيًّا، لوليته الأمر من بعدي”.

وفاة سالم مولى أبي حذيفة

عن محمد بن ثابت بن قيس قال: لما انكشف المسلمون يوم اليمامة، قال سالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله r، فحفر لنفسه حفرة، فقام فيها ومعه راية المهاجرين يومئذ، ثم قاتل حتى قتل.

فقتل رحمه الله يوم اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة وذلك في خلافة أبي بكر الصديق, وبلغ ميراثه مائتي درهم فقال عمر: احبسوها على أمه حتى تأتي على آخرها.

المصدر : كتب تاريخ الاسلام