قصة النبي إسماعيل عليه السلام كاملة مكتوبة

قصة النبي إسماعيل عليه السلام كاملة مكتوبة

قصة النبي إسماعيل عليه السلام كاملة مكتوبة

نبذة عن النبي إسماعيل عليه السلام :

هو ابن إبراهيم البكر وولد السيدة هاجر، سار إبراهيم بهاجر – بأمر من الله – حتى وضعها وابنها في موضع مكة وتركهما ومعهما قليل من الماء والتمر ولما نفد الزاد جعلت السيدة هاجر تطوف هنا وهناك حتى هداها الله إلى ماء زمزم ووفد عليها كثير من الناس حتى جاء أمر الله لسيدنا إبراهيم ببناء الكعبة ورفع قواعد البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجر وإبراهيم يبني حتى أتما البناء ثم جاء أمر الله بذبح إسماعيل حيث رأى إبراهيم في منامه أنه يذبح ابنه فعرض عليه ذلك فقال “يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين” ففداه الله بذبح عظيم، كان إسماعيل فارسا فهو أول من استأنس الخيل وكان صبورا حليما، يقال إنه أول من تحدث بالعربية البينة وكان صادق الوعد، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة، وكان ينادي بعبادة الله ووحدانيته.

سيرة النبي إسماعيل عليه السلام :

هاجَر إبراهيم من العراق (من أرض أور) مع زوجته سارة وابن أخيه لوط، قاصدين مملكة الأقباط، وهناك حدثت قصة الملك مع سارة وأن إبراهيم قال لها: قولي: أنا أخته. وأهدى الملك إياها هاجر ثم خرجوا من مصر.

مضى إبراهيم إلى فلسطين، وفي طريقه وعند وصلوهم قرية سدوم على سواحل البحر الميت، أمر إبراهيم لوطاً أن يسكن تلك القرية، ويدعو أهلها إلى عبادة الله.

أما إبراهيم فقد واصل طريقه مع زوجته سارة وهاجر، إلى أرض فلسطين. رأى إبراهيم وادياً جميلاً تحيطه الراوبي والتلال فألقى رحله هناك. ومنذ ذلك التاريخ وقبل آلاف السنين سكن إبراهيم الأرض التي تدعى اليوم بمدينة الخليل.

ضرب إبراهيم خيامه في ذلك الوادي الفسيح وترك ماشيته ترعى بسلام، كان ذلك الوادي في طريق القوافل المسافرة، لهذا كان يقصده الكثير من المسافرين فيجدون عنده الماء العذب، والطعام الطيب والكرم والاستقبال الحسن، ويجدون عنده الكلمات الطيبة.

كان إبراهيم يتحدث مع ضيوفه، وكان همّه أن يعبد الناس الله الواحد الأحد لا شريك له، ولا معبود سواه.

و تمرّ الأيام والأعوام وعرف الناس إبراهيم الرجل الصالح الكريم. عرفوا أخلاقه وكرمه وحبّه للضيوف، عرفوا صلاحه وعبادته وتقواه، عرفوا حبّه للخير والناس.

منزلته في القرآن الكريم

وصفه القرآن أنه من الصابرين ومن الصالحين حيث يقول تعالى: وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (سورة الأنبياء، الآيتان 85و86).

الرحيل

وهب الله إبراهيم ولداً هو إسماعيل. كان طفلاً محبوباً ملأ قلب أبيه فرحاً ومسرَّة. لهذا كان يحتضنه ويقبّله وكان يقضي بعض أوقاته في خيمة أمّه هاجر.

سارة المرأة الصالحة كانت تحبّ إبراهيم، وتحبّ أن يفرح زوجها، ولكنها بدأت تغار من هاجر التي رزقت طفلاً أمّا هي فظلّت محرومة، من أجل هذا طلبت من إبراهيم أن يقوم بإبعاد هاجر، لأنها لا تريد رؤيتها، لئلا تحزن وتغار، فقام إبراهيم بإرسال زوجته وولده إلى مكة.

إلى البيت العتيق

و شاء الله أن يأخذ إبراهيم هاجر وابنهما إسماعيل إلى أرض بعيدة هي أرض مكة في الجنوب. وامتثل إبراهيم لأمر الله فشدّ الرحال إلى مكة المكرمة التي لم يذهب إليها من قبل. سار إبراهيم مع زوجته هاجر، ومعهما إسماعيل الطفل الرضيع أيّاماً طويلة. وفي كل مرّة وعندما يرى إبراهيم مكاناً جميلاً أو وادياً معشباً كان ينظر إلى السماء، كان يتمنّى أن يكون قد وصل المكان الموعود. لكن الملاك يهبط من السماء ويخبره باستئناف المسير. وبعد أيام طويلة وصلوا أرضاً جرداء عبارة عن وادٍ ليس فيه سوى الرمال، وبعض شجيرات الصحاري الجافّة. في ذلك المكان هبط الملاك وأخبر إبراهيم بأنه قد وصل الأرض المقدسة. نزل إبراهيم في ذلك الوادي. واد خال من الحياة ليس فيه نهر ولا نبع ولا يعيش فيه إنسان. إنها إرادة الله أن يعيش الصبي إسماعيل وامّه في هذا المكان.

الوداع

قبّل إبراهيم طفله إسماعيل. بكى من أجله. على إبراهيم أن يعود ويترك هاجر وابنها في هذا المكان بكى إبراهيم من أجلها وهو يبتعد عائداً إلى فلسطين. التفتت هاجر حواليها لم تر شيئاً سوى الرمال وصخور الجبال الصماء. قالت لزوجها: ” أتتركنا هنا في هذا الوادي؟ ” ولم تغضب لأن من صفات زوجات الأنبياء الصبر. وسألته: ” آلله أمرك بهذا؟ ” فأشار برأسه أن نعم. فقالت: ” ما دام الله قد أمرك فلن يضيعنا. وابتعد إبراهيم بعد أن ودّع ابنه وزوجته. وقف فوق التلال ونظر إلى السماء وابتهل إلى الله أن يحفظهما من الشرور. وقال: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (سورة إبراهيم، الآية 37).

اختفى إبراهيم في الافق البعيد. لم تعد هاجر تراه، أمّا إسماعيل فكان رضيعا ولم يكن يعلم ماذا يجري حوله. فرشت هاجر لابنها جلد كبش، وقامت تصنع لها ولطفلها خيمة صغيرة. كانت تعمل بكل طمأنينة، وكأنها في بيتها. كانت تؤمن أن هناك من يرعاها ويرعى وليدها. في النهار تجمع بعض الحطب وفي المساء توقد النار وتصنع لها رغيفاً تتعشّى به، وكانت تسهر معظم الليل وهي تنظر إلى السماء المرصعة بالنجوم. مضت عدّة أيام وهاجر على هذه الحال. نفذ ما معها من ماء، ولم يبق منه في القربة شيء. والوادي الموحش يملأه الصمت. راحت هاجر تدير بصرها في جنبات الوادي. ولكن لا شيء، أيقنت أن هذه أرض جرداء خالية من الماء. لم يمرّ بها إنسان من قبل ولا يطير في سمائها طائر. بكى إسماعيل الطفل الرضيع من العطش يبحث عن قطرة ماء. إنه لا يدرك ما يجري حوله. لا يدري في أي مكان هو في هذه الأرض. نظرت أمّه إليه باشفاق. ماذا تفعل؟ من أين لها أن تأتي بالماء في هذه الصحراء؟! فجأة تفجَّرت في قلبها إرادة الأمومة. لا بدّ أن تفعل شيئاً. لا بد أن يوجد في هذه الأرض ماء ولو قطرة. لعل في خلف هذا الجبل غديرا أو نبعا. لعل خلف ذاك التلّ بئرا حفره إنسان طيّب من أجل القوافل المسافرة. نهضت هاجر، ونظرت حواليها لتتأكد من عدم وجود ذئب أو ضبع يفترس ابنها الرضيع. لا شيء سوى شجيرات الشوك هنا وهناك. ركضت باتجاه جبل الصفا. كانت تركض بعزم وأمل وكان هناك خوف في قلبها. فقد يختطف ذئب صغيرها الظامئ إسماعيل. كان صراخ إسماعيل يدوّي في أذنها. ارتقت هاجر قمّة جبل الصفا. فنظرت في الوادي. رأت ما يشبه تموجات الماء. انحدرت باتجاه الوادي. ولكن لا شيء، رمال ومآل. لقد كان ما رأته في قلب الوادي مجرد سراب. عادت تركض نحو طفلها إسماعيل. ما يزال يبكي يصرخ يريد ماءً. نظرت إلى جبل المروة في أمل لعلها تجد هناك ماءً. راحت تركض بأقصى سرعة. وكانت الرمال تتطاير تحت قدميها. تراءى لها ما يشبه الماء. ركضت. وركضت بسرعة. ولكن لا شيء سوى السراب. انقطع بكاء إسماعيل غاب عن بصرها. عادت بسرعة. رأته من بعيد يبكي. ما يزال يطلب الماء. وربّما كان يبحث عن أمّه. كان خائفاً. راحت هاجر تعدو بين جبل الصفا وجبل المروة تبحث عن ماء لوليدها إسماعيل. سيموت من الظمأ، سيموت من العطش. نظرت إلى السماء صاحت من كل قلبها: «يا رب!» ارتقت جبل المروة غاب إسماعيل عن بصرها. انقطع بكاؤه. خافت أن يكون قد مات. ربّما افترسه ذئب جائع. أقبلت تعدو بكل ما أُوتيت من قدرة رأت من بعيد إسماعيل هادئاً كان يحرّك يديه وقدميه وكان هناك نبع قد تفجّر عند قدميه الصغيرتين. نظرت هاجر إلى السماء وهي تبكي، لقد استجاب الله دعوتها فتدفق الماء من قلب الرمال. أسرعت هاجر لتصنع حوضاً حول الماء. ليكون فيما بعد بئر زمزم.

قبيلة جرهم

رأت الطيور الماء فراحت تدور حول النبع سعيدة. فرحت هاجر بمنظر الطيور البيضاء وهي تحلق في سماء الوادي. إسماعيل أيضاً كان سعيداً وهو يراها تلعب في الفضاء. كان السكان في تلك الصحاري يعيشون حياة الرحّل. ذات يوم مرّت قبيلة جرهم من اليمن قريباً من الوادي فرأى الناس طيوراً تحلق في السماء فعرفوا أنّ في ذلك الوادي ماء. فتوجهوا نحوه. عندما انحدرت قوافلهم في الوادي مقبلة من طريق كداء (موضع في شمالي مكة)

شاهدوا منظراً عجيباً لم يكن هناك سوى امرأة مع ابنها الرضيع. قالت لهم المرأة: «أنا هاجر زوجة إبراهيم خليل الرحمن». كان أفراد قبيلة جرهم أُناساً طيبين. قالوا لهاجر: «هل تسمحين لنا في السكن في هذا الوادي؟» فأجابتهم: «حتى أستأذن لكم خليل الرحمن». ضرب أفراد جرهم خيامهم قريباً من الوادي ريثما يأتي إبراهيم فيستأذنوه. جاء إبراهيم ورأى مضارب الخيام. رأى قطعان الماشية والجمال لهذا فرح بقدوم تلك القبيلة اليمنية العربية. ومنذ ذلك الوقت استوطنت قبيلة جرهم الوادي وتركوا الترحال الذي اعتادوا عليه لما وجدو في مكة من رغد العيش الذي لم يكن في ديارهم، وعاش إسماعيل وهاجر حياة طيبة. أفراد القبيلة قدّموا لإسماعيل كثيراً من الخراف، وضربوا له ولوالدته خيمة جميلة تقيهم حرّ الشمس صيفا وتحميهم من المطر شتاء. كبر إسماعيل وتعلّم لغة العرب. كان فتى طيباً ورث أخلاق أبيه إبراهيم وتأثَّر بأخلاق العرب الطيبين تعلّم منهم الكرم والضيافة والشجاعة والفروسية.

زواج إسماعيل

بعدما تعلم إسماعيل اللغة العربية من القبيلة، أعجبهم إسماعيل فزوجوه إحدى بناتهم، وماتت والدته هاجر، وجاء في صحيح البخاري؛
أن إبراهيم جاء لزيارة ابنه فلم يجده، فسأل امرأته عنه فقالت: «خرج يبتغي لنا»، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: «نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ»، فشكت إليه، فقال لها: «فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ»، فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئًا، فقال: «هل جاءكم من أحد» قالت: «نعم جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد وشدة»، قال: «فهل أوصاك بشيء»، قالت: «نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول غير عتبة بابك». قال: «ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك فطلقها». وتزوج منهم أخرى. ثم أتاهم إبراهيم مرة أخرى، فلم يجده، فدخل على امرأته فسألها عنه، فقالت: «خرج يبتغي لنا». قال: «كيف أنتم وسألها عن عيشهم وهيئتهم» فقالت: «نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ» فقال: «ما طعامكم؟» قالت: «اللحم»، قال: «فما شرابكم؟» قالت: «الماء» قال: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ»، علًّق النبي محمد قائلًا: «وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ». ثم قال إبراهيم: «فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ». فلما جاء إسماعيل قال: «هل أتاكم من أحد؟» قالت: «نعم أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه فسألني عنك فأخبرته فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير قال فأوصاك بشيء قالت نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك»، قال: «ذاك أبي وأنت العتبة أمرني أن أمسكك».

بناء الكعبة

أمر الله إبراهيم أن يبني الكعبة بيت الله الحرام ليكون رمزاً للتوحيد ومكاناً لعبادة الله. قال إبراهيم لولده: إنّ الله يامرني أن أبني بيته فوق هذا التل الصغير!. لبّى إبراهيم أمر الله ولبّى إسماعيل دعوة أبيه لبناء بيت الله. كان على إبراهيم الشيخ الكبير وإسماعيل الفتى أن ينهضا بهذه المهمة الشاقة. فعليهما أولاً أن ينقلا الصخور المناسبة للبناء من الجبال المحيطة بالوادي، وعليهما أن يجمعا التراب ويوفرا الماء الكافي لصنع الملاط اللازم في بناء البيت. وبدآ البناء، فنقلا أوّلاً الصخور من الجبال المحيطة بالوادي وصنعا حوضاً للماء وجمعا التراب. كان الفتى إسماعيل يتولّى حمل الصخور، وكان يختار من بينها الصلبة لتكون أساساً قوياً للبناء. جمع كثيراً من الصخور خضراء اللون، ثم صبَّ الماء في حوض التراب ليصنع طيناً لزجاً يشدّ الصخور إلى بعضها. وكان إبراهيم يرصف الصخور الخضراء الواحدة بعد الأخرى ليبني أساس البيت، وابنه إسماعيل يناوله الصخور. في كل يوم كانا يبنيان سافاً واحداً، ثم يعودان في اليوم التالي لبناء ساف آخر وهكذا. وكل يوم كان البناء يرتفع قليلاً قليلاً. وفي كل يوم كان إبراهيم وإسماعيل يطوفان حول البيت ويقولان: ربّنا تقبل منّا إنك أنت السميع العليم. وارتفع البيت في السماء تسعة أذرع أي ما يقارب الثمانية أمتار، رأى إبراهيم فراغاً في زارية البيت العليا. وفي تلك الليلة كانت الشهب تتوهّج في السماء وسقط نيزك فوق سفوح الجبال القريبة. وفي الصباح، انطلق إبراهيم إلى الجبل المطلّ على الوادي وقعت عيناه على حجر أبيض مثل الثلج كان حجراً بحجم الفراغ، فحمله ووضعه في مكانه.

انتهى بناء البيت، بيت الله الحرام ليكون أول بيت يعبد فيه الله وحده لا شريك له. كان للكعبة بابان باب شرقي وآخر غربي. جمع إبراهيم نباتاً طيب الرائحة يدعى «الأذخر» فوضعه على الباب، وجاءت هاجر أم إسماعيل وأهدت إلى الكعبة كساءً.

الحج الإبراهيمي

انطلق إبراهيم فجعل لا يمر بقوم إلا قال يا أيها الناس إنه قد بنى لكم بيت فحجوه فجعل لا يسمعه أحد لا صخرة ولا شجرة ولا شئ إلا قال لبيك اللهم لبيك وكان بين قوله ربنا إنى أسكنت من ذريتي بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم وبين قوله الحمد لله الذي وهب لى على الكبر إسماعيل وإسحاق كذا وكذا عاما لم يحفظ عطاء.
هبط الملاك جبريل يُعلّم إبراهيم مناسك الحج. اغتسلوا بمياه زمزم وارتدوا ثياباً بيضاء ناصعة وبدؤوا طوافهم حول الكعبة سبع مرات، وأدّوا الصلاة ودعوا الله أن يتقبل منهم أعمالهم. وبعدها انطلقوا لقطع الوادي بين جبلي الصفا والمروة وتذكرت هاجر تفاصيل ذلك اليوم قبل أكثر من اثني عشر عاماً عندما كان إسماعيل صبياً في المهد. تذكّرت بكاءه وبحثها عن الماء. تذكّرت كيف قطعت هذا الوادي الموحش سبعة أشواط تبحث عن الماء وكيف توجهت بقلبها إلى السماء، وكيف تدفق الماء عند قدمي إسماعيل! الله ربّنا أراد لهذه الحوادث أن تبقى في ذاكرة البشر، يتذكّروا دائماً أن الله هو وحده القادر على كل شيء. صعد إبراهيم وابنه إسماعيل جبل الصفا ونظرا إلى بيت الله بخشوع وهتفا: « لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ».

النبي إسماعيل.. من وحي القرآن الكريم

وردت كلمة إسماعيل في القرآن الكريم 12 مرة في 8 سور هي: سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والأنعام، وإبراهيم، والأنبياء، وص، ومريم، ومعظم المرات التي ذكر فيها، كان يذكر فيها اسمه فقط ضمن أسماء مجموعة من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، جعلهم الله من ذرية إبراهيم عليه السّلام: إسحاق ويعقوب وداود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس وإسماعيل واليسع ويونس ولوط، ومن قبلهم نوح عليهم الصلاة والسلام والمذكورون في هذه الآيات 18 نبيّا.

وفي سورة إبراهيم ورد اسمه مرة واحدة في الآية (39) التي تثبت شكر وحمد إبراهيم لربّه عز وجل؛ لأنه وهبه على الكبر إسماعيل وإسحاق عليهم الصلاة والسّلام، وفي سورة مريم ورد اسمه مرة واحدة أيضا، حيث أشاد الله به وأثنى عليه، لأنَّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة، وكان مرضيا عند الله (الخالدي، القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، ص: 1/383)

قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)} (مريم: 54-55) فأثنى الله عزّ وجلّ عليه بعدة خصال، نذكر منها:

الصدق والوفاء بالعهود

قال الطبري عند تفسير هذه الآية: يقول -تعالى ذكره- لنبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم: واذكر يا محمد في الكتاب إسماعيل بن إبراهيم، فاقصص خبره، إنه كان لا يكذب وعده ولا يخلف، ولكنه كان إذا وعد ربه أو عبدا من عباده وعداً وفّى به (الطبري، التفسير، ص: 15/561)

ومن أعظم ما وفّى به صبره على الذبح إذ قال: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} وفّى بذلك فمكّن أباه من الذبح، وذلك جليُّ في قوله سبحانه عنه وعن أبيه الخليل عليه السّلام: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} (الصافات: 103)، ومن ذلك أيضا وعده أباه الخليل بمعاونته في بناء البيت، فإن إبراهيم عليه السّلام قال له: يا إسْمَاعِيلُ، إنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ له بَيْتًا، قالَ: أَطِعْ رَبَّكَ، قالَ: إنَّه قدْ أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عليه، قالَ: إذَنْ أَفْعَلَ، وكان أن عاونه كما قصّ الله عزّ وجل ذلك في كتابه: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (البقرة: 127).

وهذه الخصلة الحميدة سمّة الأنبياء جميعا، وإنّما خصّ الله عز وجل إسماعيل عليه السّلام بالثناء عليه بها تشريفا وإكراما؛ لأنَّه اشتهر بها وبرزت فيه بشكل خاص وتنبيهاً على عظمها، ولذلك كان ضدّها وهو إخلاف الوعد من صفات النفاق.

حرصه على الدعوة والإصلاح

فقد بدأ بأهله وخاصته، إذ كان أمرهم بالصلاة المتضمنة للإخلاص للمعبود وبالزكاة المتضمنة للإحسان إلى العبد، فكمل نفسه وكمل غيره، وخصوصا أخصّ الناس عنده وهم أهله، لأنّهم أحقُّ بدعوته من غيرهم، ليكونوا أسوة يُقتدى بهم في الخير والصلاح والإحسان، كما أمر سبحانه وتعالى رسوله صلّى الله عليه وسلّم بقوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} (طه: 132)، وأمر سائر المؤمنين فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم :6)، فجمع إسماعيل عليه السّلام بذلك بين الصّلاح والإصلاح وكان داعيا إلى الله عزّ وجل لأهله المقرّبين وأهل ملته.
رضا الله عنه لامتثاله أمر ربّه واجتهاده في طاعته

وفي حرصه على رضاه، ارتضاه الله وجعله من خواص عباده وأوليائه المقرّبين، قال الفخر الرازي عند قوله تعالى: {وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}: هو نهاية المدح؛ لأنَّ المرضي عند الله هو الفائز في كل طاعاته بأعلى الدرجات (الرازي، التفسير الكبير، ص: 21/233)

وُصف بالصّبر

ورد اسمه في سورة الأنبياء في الآية (85) مقرونا بإدريس وذا الكفل عليهم السلام، قال تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86)} (الأنبياء: 85-86)، فوصف مع غيره من الرسل المذكورين من الأنبياء في القرآن الكريم بالصّبر، والصّبر حمل النفس على ما تكره وتحمّل الأذى في سبيل الله، والصّبر على الطاعات والكفِّ عن المعاصي والصّبر على أقدار الله المؤلمة، وقد كان منهم هذا الصبر بنوعيه؛ فلا يستحق العبد اسم الصّبر التام حتى يوفي هذين النوعين حقّهما.

وصف بالخيرية

شهد المولى تبارك وتعالى لإسماعيل عليه السّلام في كتابه العزيز بالخيرية، قال تعالى: {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ} (ص: 48)، والمراد بالأخيار: المُنَزّهين عن شوائب الشرور، لقد أمر الله تبارك وتعالى رسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم أن يذكر هؤلاء الأنبياء بأحسن الذكر والثناء عليهم بأحسن الثناء، فإن كلاً منهم من الأخيار الذين اختارهم الله من الخلق، واختار لهم أكمل الأحوال من الأعمال والأخلاق والصفات الحميدة والخصال السديدة. (السعدي، التفسير، ص: 840).

وُصف بالنبوّة والرسالة

قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} (مريم: 54)، لقد أرسله الله إلى قبيلة جرهم وكانت رسالته إليهم رسالة أبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهذا يدلُّ على اختيار الله تبارك وتعالى لإسماعيل عليه الصلاة والسّلام رسولاً منه إلى قومه الذين يقيم معهم في مكة على فضل الله عليه ورحمته به، ومنزلته عند الله عزّ وجل، فالله لا يختار من يحمل رسالته ودعوته للناس إلا من كان كفؤاً لذلك، قال الله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (الأنعام: 124). (أبو فارس، مع الأنبياء في الدعوة إلى الله).

ومن خلال الدراسة، اتضح لنا جواز أن يكون هناك أكثر من رسول في أكثر من موضع، مثل إبراهيم وإسماعيل ولوط، حيث إن لوطاً رسول مصداقا لقوله تعالى: {وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} (الصافات: 33).

وقد كان إبراهيم في مكان، ولوط في مكان آخر، كما يخبرنا العليم الخبير بقوله جلَّ في علاه: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32)} (العنكبوت:31-32).

ويجوز أن يكون هناك أكثر من رسول في موضع واحد مثل موسى وهارون عليهما السلام، قال تعالى: {فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} (طه: 47).

ويجوز أن يكون هناك أكثر من نبي في موضع واحد وفي آن واحد، مثل إسحاق ويعقوب عليهما السلام، قال تعالى: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا} (مريم: 49).

كما أن مضامين رسالة إسماعيل عليه السّلام هي نفس مضامين رسالة إبراهيم عليه السّلام في الدعوة إلى توحيد الله وإقراره بالعبادة، وتعليم الناس الأخلاق الحميدة والعبادات الرشيدة والتعامل بينهم بالحسنى.. إلخ (عقيل، إبراهيم من وحي القرآن، ص: 213).

وصف بالحلم

وصف إسماعيل عليه السّلام بالحلم في قوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} (الصافات: 101)، ويعني: الأناة والتثبت في الأمور، وذلك من شعار العقلاء وصفة الحِلم تعني: الأناة ومعالجة الأمور بصبر وعلم وحكمة.

وصف بالقوة والعزم

تظهر في أفعاله التي وصفها لمآرب العزّة، قال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} (البقرة: 27)، فرفع القواعد مع أبيه عليهما السّلام يتطلب بلا شكّ قوة بدنية تؤهله لهذا الفعل، كما أنه كان راميا قويا، وأنه عرف عنه أيضا قوته الروحية وقوة العقيدة لما قال لأبيه: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} (الصافات: 102).

وُصف بأنه مفضل عن غيره

أخبر المولى عزّ وجل عن إسماعيل وعدد من الأنبياء والرسل عليهم السّلام تفضيلهم عن العالمين، قال تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 86)، وإسماعيل عليه السّلام مفضل من عدة جوانب منها:

إيمانه، وصدق عقيدته وطاعته لله عزّ وجل ورسالته ونبوّته.

نسبه النبويّ

هو جدّ محمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم، وكثير مما لا نحصي، وإنما قدمنا هذا القليل لنثير فكر الباحث في الأفضلية. (عقيل، صفات الأنبياء من قصص القرآن، ص: 218).

وصف بأنه هبة من الله

قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} (إبراهيم: 39)، هبة بعد دعاء مخلص لله عزّ وجل، يقول الحق مخبرا عن دعاء إبراهيم: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101)} (الصافات:99-101)، فإسماعيل عليه السّلام هبة، والهبة في الاصطلاح عطاء من غير مقابل.

ومع تتبع الآيات الكريمة، تتضح لنا كثير من الصفات التي وُصف بها إسماعيل عليه السّلام في القرآن الكريم والمقرون باسمه صريحا في الآيات، والتي من أهمها: هو رسول نبي، وهو صادق الوعد، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة، وهو مرضي من عند الله، وهو من الصابرين الصالحين المرحومين، كما أنه من الأخيار الذين اختارهم الله واصطفاهم عليهم الصلاة والسلام. (الخالدي، القصص القرآني، ص: 1/384)

شجرة إسماعيل عليه السلام

تُبيّن آيات القرآن الكريم أن إبراهيم (عليه السلام) هو أبو الأنبياء، وأبو هذه الأمة، وأن “شجرة النبوة” منه، وأن الأنبياء المذكورين بعده في القرآن والمبعوثين بعد زمانه، هم من نسله وذريته.

وبهذا السياق ورد اسم إسرائيل -يعقوب- المرة الثانية في القرآن، وذلك في قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ [مريم: 58].

ذكرت الآية أربعة أنبياء: آدم ونوح وإبراهيم وإسرائيل.

وذكر آدم عليه السلام باعتباره أبو البشر.

وذكر نوح عليه السلام باعتباره أبو البشرية الثاني بعد الطوفان.

وذكر إبراهيم عليه السلام لأن النبوة انتهت إليه، وشجرة النبوة استقرت عنده، فهو أبو الأنبياء.

وقد تفرع من شجرة النبوة فرعان:

١- الفرع الإسماعيلي

المتمثل في إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، وهذا الفرع خُتم بخاتم الأنبياء والمرسلين رسول الله محمد (ﷺ)، سيد ولد إسماعيل، بل سيد ولد آدم، بل أفضل المخلوقين جميعا وأحبهم إلى الله.

٢- الفرع الإسرائيلي

المتمثل بإسرائيل -يعقوب- حفيد إبراهيم عليهما الصلاة والسلام وهو أبو بني إسرائيل وأصل أسباطهم، وكل أنبيائهم من ابنه يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم حتى عيسى بن مريم من ذرية يعقوب من جهة الأم؛ لأنه لا أب له عليه الصلاة والسلام، ولهذا الاعتبار ورد ذكر إسرائيل معطوفا على إبراهيم عليهما السلام في الآية: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ﴾.

وقد صرّح القرآن بأن الله جعل النبوة في ذرية كل من إبراهيم ويعقوب عليهما الصلاة والسلام، قال تعالى: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [العنكبوت:26-27].

فالله وهب لإبراهيم كلاً من إسحاق ويعقوب عليهم السلام، وكان ذلك بعد أن هاجر إلى الله وغادر العراق إلى الأرض المقدسة. (القصص القرآني، سليمان الدقور، 2/60).

٣- ختم النبوة بالفرع الإسماعيلي

ختم الله النبوة في الفرع الإسرائيلي بعيسى بن مريم عليه السلام، وهو آخر أنبياء بني إسرائيل الذي خلقه الله خلقا معجزا من دون أب، وأظهر على يديه كثيرا من المعجزات.

وشاء الله أن يختم النبوة كلها لنبيّ من الفرع الإسماعيلي وهو أفضل الخلق جميعا محمد (ﷺ).