وصف شكل رسول الله كأنك تراه بالتفصيل

وصف شكل رسول الله كأنك تراه بالتفصيل كاملة مكتوبة

اعتنى الصحابة الكرام بوصف الرسول ﷺ عناية فائقة، فلم يوصف إنسان في التاريخ بالدقة التي وصف بها المصطفى ﷺ، هذا الوصف يفيدنا بمسألة شرعية تجعلنا نميّز حقيقة رؤيته في المنام، يقول ﷺ: «من رآني في المنام فقد رآني؛ فإنّ الشيطان لا يتمثل بي»، ومن أفضل من وصفه ﷺ:

أمّ معبد: امرأة بدوية مرّ بها ﷺ في طريق هجرته إلى المدينة المنوّرة.
علي بن أبي طالب: ونقل لنا وصفه عنه ولداه الحسين والحسين رضي الله عنهم أجمعين.
أنس بن مالك خادم النبي رضي الله عنه.

فدعونا نغمض أعيننا، ونتعرّف على وصف رسول الله ﷺ خلْقًا وخلُقًأ، فنتخيّله ماثلًا أمامنا ﷺ.

صفات الرسول الجسدية

كما كمل الله سبحانه وتعالى أخلاق سيد البشرـ حسّن خلقه أيضًا، فهو من أجمل الناس صلوات ربي وسلامه عليه.

عندما يصفه صحابته الكرام يحيطون وصفه الشريف بمشاعرهم ومحبّتهم، فيقول البراء بن عازب: (كأنّ الشمس تجري في وجهه)، ويقول آخر: (رأيت النبي ﷺ كأنني رأيت القمر ليلة البدر).

وصف رأس الرسول ﷺ

الرأس: (عظيم الهامة) محيط رأسه كبير.
الوجه: مستدير.
الجبين: واسعة وعريضة.
شعره: أسود، لم يشب إلا في آخر عمره ظهرت شعراتٌ عند (عارضيه) قرب الأذن وفي لحيته، كان يقول: «شيّبتني هود وأخواتها»، (عظيم الجمّة) كثيف الشعر وطوله إلى نصف أذنيه في أغلب وقته، ولكنه لما دخل مكة كان قد تركه فصار أربع ضفائر.
لحيته: كبيرة عظيمة تملأ ما بين منكبيه ليست شديدة الطول، مرتبة يمشطها ويأخذ من طولها ومن عرضها.
الحواجب: (أزجّ الحاجبين، وليس بأقرن) دقيقين طويلين بينهما فراغ، وفي هذا الفراغ عِرق يبرز ويحمرّ إذا غضب ﷺ.
العيون: (أدعج العينين، طويل الأشفار) عينيه كبيرة شديدة السواد، بياضهما فيه حُمرة، رموش عينيه طويلة.
الخدّ: (سهل الخدّين) منبسطين غير بارزين.
الأنف: (أقنى) أنف عربي أصيل، طويل وفي وسطه ارتفاع وفي آخره نزول فهو محدّب قليلًا، كان له نور يعلوه -لمعة-، يحسبه من يراه من بعيد أشمّ الأنف -مرتفع أرنبة الأنف- فإذا اقترب وجده “أقنى”.
الفم والأسنان: فمه عريض، وأسنانه بيضاء كالؤلؤ، (أفلج الثنيتين) يوجد مسافة بين السّنّين اللّذين في المقدمة والسنين اللذين بعدهما، ابتسامته كبيرة تظهر أسنانه وتشرح الصدور.

وصف جسم النبي صلى الله عليه وسلم

طوله: (كان ربعة بين الناس) ليس بالطويل ولا بالقصير، وهو إلى الطول أقرب.
كتفيه: (بعيد ما بين المنكبين) المسافة بينهما عريضة.
الرقبة: متوسطة أقرب إلى الطول، في صفاء الفضّة من جمالها.
الصدر: عريض الصدر، كثير الشعر في أعلاه وقليل في بقيته، (دقيق المسربة) له خط من الشعر يذهب من صدره إلى بطنه.
بطنه: ما كان أخمص كالبطن الجائع، وليس له كرش، وإنما كان متعرّجًا من شدّة العضلات، تقول أم هانئ: (ما رأيت بطن النبي ﷺ إلا ذكرت القراطيس المثنيّ بعضها على بعض).
ظهره: كسبيكة الفضة، مسطح وقويّ، قليل الشّعر.
الذراع والكف والأصابع: (شبح الزّندين) طويل مفتول أشعر الذراعين، أصابعه غليظة وأطرافها دقيقة، كفيّه لينين يقول أنس رضي الله عنه: (ما مسست قط خزًّا ولا حريرًا ألين من كفّ النبي ﷺ)، أبرد من الثلج وأطيب ريحًا من المسك.
الساق والعقب والقدمين والركبة: دقّة في الساقين في نهايتهما وليسا سمينين، قليل لحم العقب، (أخمص القدمين) مرتفعين عن الأرض في وسطها وليسا ممسوحين، والركبة كبيرة.
بنيته الجسمية: متين البنية، (عظيم المشاش) كبير العظام وخصوصًا في المفاصل، معتدل بشكل عام بادن متماسك ما كان لحمه مسترخي.
لون البشرة: (أزهر اللون ليس بالأديم ولا بالأبيض الأمهق) أبيض فيه حمرة، تقول السيدة عائشة: (كان ﷺ أحسن الناس وجهًا وأنورهم لونًا).

صفات لباس الرسول ﷺ

كان رسول الله ﷺ يلبس ما تيسر له، لذلك لا يوجد ملابس يسنّ لبسها، فقد استعرض الإمام ابن القيّم (26) نوعًا لملابسه ﷺ ثم قال: (ومن السنّة أنْ يلبس ما تيسّر ما دام حلالًا)، فالمسلمون لمّا فتحوا الدنيا لم يغيّروا ملابس الناس.
أنواع ملابس الرسول ﷺ

القميص: هو الثوب الطويل، تقول أم سلمة رضي الله عنها: (كان من أحبّ الثياب إلى النبي ﷺ القميص)، يصفه أنس بن مالك فيقول: (قميصه قطني قصير الكمّين)، وطوله فوق الكعبين، ومعظم ثيابه دون أزرار.
الرداء والإزار: ملابس من قطعتين الأعلى رداء والأسفل إزار يشبه ملابس الحجّ اليوم.
الجبّة: يقول المغيرة بن شعبة: (غسل رسول الله ﷺ وجهه وعليه جبّة شاميّة ضيقة الكفّين، فأرد أنْ يغسل يده فأخرجها من داخل الجبّة)، ويقول سهل بن سعد: (خطتُ للنبي ﷺ جبّة من صوف أنْمَار -نوع من الصوف- فلبسها فما أعجب بثوب ما أعجب بها وجعل يمسّها ويقول: «انظروا ما أحسنها!»).
بُرْدة سوداء: تقول السيدة عائشة لبس رسول الله ﷺ بردة سوداء فقلت: (يا رسول الله، ما أحسنها عليك! يشوب بياضك سوادها، وسوادها بياضك).
بُرْد: قال جابر بن عبد الله: (كان لرسول الله ﷺ بُردٌ أحمر -أي: مقلّمٌ بخيوط حمراء- يلبسه في العيدين)، وقال أبو رمثة: (كان للنبي ﷺ برد أخضر).
الملابس التي توفي فيها ﷺ: قال أحد الصحابة: أخرجت لنا عائشة رضي الله عنها كساء ملبّدًا وإزارًا غليظًا، وقالت: (قبض رسول الله ﷺ في هذين).

مكملات ملابس الرسول ﷺ

العمامة: عمامته في الغالب سوداء ولبس البيضاء، وكان يكوّرها على رأسه ويغرسها في الخلف ويرخي لها ذؤابة بين كتفيه في الأمام أو الخلف.
القلنسوة: كانت قلنسوته بيضاء شاميّة يلبسها تحت العمامة وبلا عمامة، وذكر ابن عباس رضي الله عنهما أنه ﷺكان له ثلاث: قلنسوة بيضاء مصرية، وقلنسوة من بُرد حضر، وقلنسوة ذات آذان يلبسها في السفر.
خفّين أسودين: أرسلهما النّجاشي هدية، وهو ما غطى الرجل إلى ما فوق الكعبين.
نعال: تلبس أسفل الرجل ولها أشكال فوقها، فلبس التي فيها شعر والتي لا شعر فيها، وذكر أنّه صلّى بنعلين من جلد البقر.
خاتم: يقول أنس رضي الله عنه: (أبصرت النبي ﷺ وفي يده خاتم من وٍرْق -فضّة-)، وكان له خاتم نقش عليه (محمد رسول الله) على ثلاثة أسطر: الأدنى محمد، وفوقه رسول، وفي الأعلى الله؛ أدبًا مع الله سبحانه، وكان يختم به الرسائل وورثه عنه أبو بكر الصديق ومن بعده عمر الفاروق وأخيرًا عثمان ذي النورين وقد سقط منه في بئر ماءٍ في آخر عهده.

وصف ابتسامة الرسول ﷺ

يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (كان في رسول الله ﷺ دعابة)، ويقول أنس: (كان النبي ﷺ من أفكه الناس)، وتقول السيّدة عائشة: كان النبي ﷺ مزّاحًا)، ووصفوا ابتسامته فقالوا:

عن ‏عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال: (‏‏ما كان ضحك رسول الله ‏ﷺ ‏إلا تبسمًا)، وفي رواية: (ما رأيت أحدًا أكثر تبسّما من رسول ﷺ).
عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: (ما حجبني رسول الله ﷺ منذ أسلمت، ولا رآني إلا ضحك).
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ضحك النبي ﷺ حتى بدت نواجذه)، ووصفه أحدهم أنه إذا تبسّم يفتّر عن مثل حبّ اللؤلؤ.

صفات الرسول الخلقية

اللطف والود

كان رسول الله ﷺ لطيفًا، ومن لطفه مع الصغار أنه كان لأنس بن مالك رضي الله عنه أخٌ يدعى أبا عمير، وكان له طير يلعب به يسمّيه (النُّغَير)، مرة جاءه رسول الله ﷺ وطيره قد مات في القفص، فمسح على رأسه وقال: «يا أبا عمير، ما فعل النغير»، ومن هذا الحديث استخرج الإمام الشافعي (99) فائدة، وقال: (اكتفيت بهذا القدر تيمنًا بأسماء الله الحسنى).

جاءته امرأة تسأله عن مسألة فقال لها: «الحقي بزوجك فإنّ في عينيه بياض»، فركضت إلى زوجها معتقدة أنّه قد عمي، فلما جاءته وجدته لا بأس به، فسألها عن حالها فأخبرته فضحك وقال: (يا امرأة هل يوجد إنسان لا بياض في عينه)، وجعلا يضحكان معًا.

كان “زاهر” أعرابي يعيش في البادية ويزور النبي ﷺ منْ وقتٍ لآخر، ويهديه ما يستطرف -الغريب- من البادية، ورسول الله ﷺ يهديه ما يستطرف في المدينة، رآه النبي ﷺذات يوم في سوق المدينة وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال: أرسلني.. من هذا؟ فالتفت فعرف النبي ﷺ، فجعل يلصق ظهره بصدر النبي ﷺ، وجعل النبي ﷺ يقول: «من يشتري هذا العبد؟»، فقال: يا رسول الله، إذًا تجدني كاسدًا، فقال النبي ﷺ: «لكنك عند الله لست بكاسد»، أو قال: «عند الله أنت غال».

تواضع الرسول

التواضع كما يقول الغزالي: (تنزل بالنفس من غير ابتذال)، وكان رسول الله ﷺ مثالًا في التواضع، يروي لنا البراء عن يوم الأحزاب أنّ ﷺ كان يحفر وينقل التراب معهم وقد وارى بياض التراب بياض بطنه، يلبس الغليظ من الثياب ويركب الحمار، وكانت الطفلة الصغيرة تأتيه وتأخذ بيده حيث تشاء، يجيء الغريب وهو بين أصحابه فيقول: (أيّكم محمد) فلا يميّزه بينهم، هذا التواضع يزيده في نفوسهم إجلالًا وحبًّا له.

عن أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله ﷺ يعلف الناضج، ويعقل البعير، ويقمّ البيت، ويحلب الشاة، ويخصف النعل، ويرقع الثوب، ويأكل مع خادمه، ويطحن عنه إذا تعب، ويشتري الشيء من السوق فيحمله إلى أهله، ويصافح الغني والفقير والكبير والصغير، ويسلم مبتدئًا على كل من استقبله، من صغير أو كبير، وأسود وأحمر، وحر وعبد».

وفاء الرسول

– وفاء الرسول ﷺ مع مرضعته وأخته من الرضاعة:

كان إذا رأى حليمة السعدية في مكة يقوم إليها ويقول: «أمّي أمّي»، الشّيماء أخته من الرضاعة كانت في أسرى هوازن بعد غزوة حنين، فسألت عنه وأخبرته أنها أخته بالرضاعة، وعلامة ذلك عضّة في ظهرها لما كانت تحمله وهو صغير، فأطلقها وبالغ في إكرامها وأرسلها إلى أهلها مُكرّمة.

– وفاء الرسول ﷺ مع أمّه آمنة:

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كنا مع رسول الله ﷺ في العمرة، فمررنا على قبر قديم من قبور الجاهلية، فأوقف القافلة وذهب إليه وأخذ يبكي بكاء له نشيج، فلما رجع قلت: ما ذاك؟ فداك أبي وأمي يا رسول الله، فقال: «يا عمر، هذا قبر أمّي آمنة بنت وهب، استأذنت ربي أنْ أزور أمي فأذن لي، واستأذنته أنْ أستغفر لها فلم يأذن لي، فأخذتني رقّة الولد على أمّه».

– وفاء الرسول ﷺ مع بلده:

لما خرج مهاجرًا من مكة إلى المدينة التفت إليها وقال: «والله إنّك لأحبّ بلاد الله إلى نفسي، ولولا أنّ أهلك أخرجوني منك ما خرجت».

– وفاء الرسول ﷺ مع أصحابه الذين ساندوه:

فيقول: «لا تسبّوا أصحابي»، ويقول: «استوصوا بالأنصار خيرًا، أحسنوا إلى محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم»، «الأنصار لا يحبّهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق».

وزعّ رسول الله ﷺ غنائم حنين فكان نصيب الأنصار منها قليلًا؛ فوجدوا في نفوسهم، فجمعهم وقال: «أما والله لو شئتم لقلتم، فلصدقتم ولصدقتم: أتيتنا مكذبًّا فصدقناك، ومخذولًا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلًا فآسيناك، ألا ترضون يا معشر الأنصار أنْ يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده: لولا الهجرة لكنت امرًأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبًا وسلكت الأنصار شعبًا، لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار».

فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: (رضينا برسول الله قسمًا وحظًّا).

حياء الرسول

كان رسول الله ﷺ شديد الحياء ويصفونه أنه (أشدّ حياء من العذراء في خدرها)، فالحياء شعبة من شعب الإيمان والحياء لا يأتِ إلا بخير، وهو انقباض النفس عمّا يعبيها من الأفعال والأقوال، جاءته امرأة تسأله عن طهارة المرأة فقال: «تطهّري واغتسلي»، فقالت: كيف أتطهّر؟ فقال: «تطهّري!»، فانتبهت السيدة عائشة فدعتها وشرحت لها ما يكون من أمر المرأة عند التطهّر.

جاءه بعض الصحابة وهو في بيت السيدة زينب، وأثقلوا عليه وهم يحدّثوه وهو يكلّمهم ويؤانسهم، لكنه لم يشعرهم بشيء حياء منه، فنزل قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ}.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله ﷺ مضطجعًا في بيته، كاشفًا عن فخذيه – أو ساقيه – فاستأذن أبو بكر، فأذن له وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله ﷺ وسوى ثيابه، فلما خرج سألته عائشة عن ذلك، فقال: «إنّ عثمان رجل حيي، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحالة ألا يبلغ إليّ في حاجته»، وفي رواية: «ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة؟».

اخلاق الرسول

جمعت في رسول الله ﷺ مكارم الأخلاق بأعلى درجاتها، فقد كان العرب في جاهليتهم يتمتعون بالكثير من خصال الخير، ففاقهم النبي ﷺ بأكثر ما تميّزوا به من خصال الخير، ومن هذه الأخلاق:

– الصدق والأمانة:

عُرف رسول الله ﷺ في قومه بـ “الصادق الأمين” حتى قبل بعثته، ولما طلب هرقل الروم تجّارًا من قومه ليسألهم عنه، تقدم أبو سفيان وأجابه ومن جملتها سأله قائلًا: هل كان يكذب فيكم؟ فقال أبو سفيان: ما جرّبنا عليه كذبًا قط، فقال هرقل: (ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله).

يؤكد النضر بن الحارث -أشد قريش عداء للإسلام- على صدق النبي ﷺ، حين قام خطيبًا في قريش قائلًا لهم: (يا معشر قريشٍ، إنه والله قد نزل بكم أمر ما أتيتم له بحيلة بعْد، قد كان محمدٌ فيكم غلامًا حدثًا، وأصدقكم حديثًا، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب، وجاءكم بما جاءكم به، قلتم ساحر، لا والله ما هو بساحر).

– الشجاعة والبطولة:

كان رسول الله ﷺ قدوة في الشجاعة، فلو أننا حسبنا المدّة التي قضاها في المدينة مع عدد الغزوات والسرايا، لوجدنا أنه كان في جهاد كل شهرين، تظهر شجاعته في غمار المعارك وفي مواقف الفزع، أغار قوم على أطراف المدينة وسرقوا وهربوا فصرخ مزارع، فأسرع الذين سمعوا إلى سلاحهم وخيلهم ولما همّوا بالانطلاق وجدوا رسول الله ﷺ عائدًا على خيل بلا سراج وهو يقول لهم: «لن تراعوا، لن تراعوا».

ويقول عمران بن حصين رضي الله عنه: (ما لقي رسول الله ﷺ كتيبة إلا ويكون هو أوّل من يتقدّم)، وعلي بن أبي طالب البطل الشجاع كان يقول: (كنا إذا حمي البأس، واحمرّت الحدق، اتّقينا برسول الله ﷺ، ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي ﷺ وهو أقربنا إلى العدو).

– الجود وقوّة الحجة:

قال علي كرم الله وجهه: (كان رسول الله ﷺ أجود الناس صدرًا، وأصدقهم لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أرَ قبله ولا بعده مثله ﷺ).

يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (ما رأيت أنجد، ولا أجود، ولا أشجع، ولا أرمى من رسول الله ﷺ»،
وختامًا

نريد أنْ نتعلم من رسولنا ﷺ أمر ديننا، ونتعلم كيف نكون إنسانًا كاملًا، مقتدين برسول الله ﷺ الإنسان الكامل، نسأل الله تعالى أنْ نقتدي به ونسير على نهجه ونحافظ على ما أمر به، وندع ما نهانا عنه، وأن يجمعنا معه في الفردوس الأعلى، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد وعلى صحبه وسلّم، وعلى من سار على نهجه إلى يوم البعث والنشور.

المصدر : الدكتور طارق السويدان