غزوة نجد ( ذات الرقاع )

قصة غزوة نجد ( ذات الرقاع ) من سلسلة قصص غزوات الرسول وتاريخها بالترتيب واسبابها ونتائجها

غَزْوَةُ نَجد ذكر أهل السير والمغازي أن المسلمين غزوها في أرض نجد في شهر ربيع الثاني أو جمادى الأولى سنة 4هـ، ويسمون هذه الغزوة بغزوة ذات الرقاع، و هي غزوة قام بها النبي في السنة الرابعة للهجرة ضد بني ثعلبة وبني محارب من غطفان بعد أن بلغه انهم يعدون العدة لغزو المدينة فخرج إليهم في أربعمائة من المسلمين، وقيل في سبعمائة، واستخلف على المدينة أبو ذر الغفاري.وعامة أهل المغازي يذكرون هذه الغزوة في السنة الرابعة، ولكن حضور أبي موسي الأشعري وأبي هريرة رضي الله عنهما في هذه الغزوة يدل على وقوعها بعد خيبر، والأغلب أنها وقعت في شهر ربيع الأول سنة 7 هـ.

ما سبب التسمية بذات الرقاع؟

قال الرواة وبينهم أبو موسى الأشعري: أن الصحابة واجهوا وعورة الأرض، ونقص عدد الرواحل التي تحملهم، فكان السبعة يتبادلون ركوب البعير، وقد تمزقت خفافهم، ودميت أقدامهم، وسقطت أظافر البعض، فقاموا بلف الخرق والجلود عليها، وقيل أن هذه التسمية إنما تعود لشجرة بذلك الموضع تحمل هذا الاسم.

قال ابن هشام : وإنما قيل لها : غزوة ذات الرقاع، لأنهم رقعوا فيها راياتهم ويقال ذات الرقاع : شجرة بذلك الموضع يقال لها : ذات الرقاع.
وفي حديث أبي موسى: إنما سميت بذلك لما كانوا يربطون على أرجلهم من الخرق من شدة الحر.

متى وقعت غزوة نجد (ذات الرقاع)، وأين؟

في شهر ربيع الثاني سنة ٤ هـ، بأرض نجد، موضع يسمى نخلة.

من قائد غزوة نجد (ذات الرقاع) ؟

النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مواجهة قبائل غطفان وبني محارب من الأعراب.

أسباب غزوة نجد (ذات الرقاع)

رد كيد الأعراب بعد ردع يهود المدينة، وكان كلا الفريقين يتآمر مع قريش ضد المسلمين، لكن هذه المرة كان موعد الهجمة الموعودة بقيادة أبي سفيان لإجلاء المسلمين عن المدينة قد حانت، فازداد نشاط القبائل البدوية المجاورة للمدينة واستعدادها للتمرد، ولهذا سارع نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم لملاقاتهم قبل وصولهم لعقر الدار.

الصعوبات

دخل رسول الإسلام محمد بجيشه من المدينة ، واتضحت منذ البداية الصعوبات التي تنتظرهم، فهناك نقصٌ شديد في عدد الرواحل، حتى إن الستّة والسبعة من الرجال كانوا يتوالون على ركوب البعير.

ومما زاد الأمر سوءاً وعورة الأرض وكثرة أحجارها الحادّة، التي أثّرت على أقدامهم حتى تمزّقت خفافهم، وسقطت أظفارهم، فقاموا بلفّ الخِرَق والجلود على الأرجل ؛ ومن هنا جاءت تسمية هذه الغزوة بهذا الاسم، ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : «”وكنا نلفّ على أرجلنا الخِرَق ، فسُمِّيت غزوة ذات الرقاع “». قال ابن هشام : «”وإنما قيل لها : غزوة ذات الرقاع ، لأنهم رقعوا فيها راياتهم ويقال ذات الرقاع : شجرة بذلك الموضع يقال لها : ذات الرقاع “».

أحداث غزوة نجد (ذات الرقاع)

في البداية يجب توضيح أن الرواة يختلفون في تلك الغزوة كثيرًا، ليس بحدوثها وإنما بالموعد، هل كانت بعد غزوة الخندق أم قبلها، خاصة وقد اشتملت على صلاة الخوف التي شرعت بعد السنة الخامسة هجريًا، ولكن دعونا نتعرف على الأحداث كما نقلها الرواة وهي لم تختلف كثيرًا.

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لتأديب قبائل غطفان وبني محارب المتآمرتين على المسلمين، وكانوا قساة مشهورين بأعمال السلب والنهب، وكان بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ٤٠٠ من الصحابة، وكما ذكرنا خرجوا بظروف عصيبة وأرض وعرة حجارتها مسنونة تدمي، ولا يملكون ما يحملهم إلا القليل، وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه بخلافة المدينة في غيابه الذي استمر لنحو ١٥ يومًا.

لمّا وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه إلى مشارف موضع غطفان سمعت تلك القبائل بهم، فدبّ الرّعب في قلوبهم، وأصابهم الخوف والفزع، وتيقّنوا أنّ الأمر جلل، وأنّ ما عزموا عليه أصبح الآن حقيقةً لا فكرة، فهرب رجالهم إلى رؤوس الجبال، وتركوا خلفهم النساء، والأبناء، والذرية، والأموال، وفي تلك الأثناء أدركت الصلاة المسلمين، فهمّوا بأدائها؛ وكان ممّا يخشاه النبي صلى الله عليه وسلم حينها أن يعود الرجال إلى جيش المسلمين، فينقضوا عليهم على حين غفلةٍ وهم يؤدّون صلاتهم، فنزلت آية صلاة الخوف التي تشرح للنبي صلى الله عليه وسلم الكيفية التي يؤدي بها الصلاة، مع حفظ الأمن للجيش، وعدم المخاطرة به.

وعن جابر رضي الله عنه قال: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذات الرقاع من نَخْلٍ، فلقي جمعًا من غطفان، فلم يكن قتال، وأخاف الناس بعضهم بعضًا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتي الخوف» (رواه البخاري).

وقال الرواة أنه في طريق عودة الصحابة منتصرين، كان الجو شديد الحرارة، فنزلوا في واد كثير الشجر، واستظل القوم، ونام نبي الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، وعلق سيفه، فإذا بأعرابي كافر يستله قائلا للنبي صلى الله عليه وسلم : من يمنعك مني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الله»، فإذا بالأعرابي يرتعد ويسقط السيف من يده، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم ثم عفا عنه وتركه [متفق عليه].

ما الآيات الواردة في غزوة ذات الرقاع؟

نزلت في هذه الحادثة الآية الحادية عشرة من سورة المائدة قال الله عزَّ وجل:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[المائدة: ١١]

وفي صلاة الخوف نزل قول الحق سبحانه:(وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا) [النساء: ١٠٢]

ما الدرس المستفاد من غزوة نجد (ذات الرقاع)؟

الله ينصر عباده بالخوف، وكيد المتآمرين على الإسلام لا يصمد أمام سطوة الحق وعزم أهله ممن تحملوا المشاق لأجله.

المصدر : كتب تاريخ الاسلام